ست سنوات على انضمام قبائل باكستان إلى الأقاليم... خيبة أمل

10 يونيو 2024
الأوضاع مزرية في منطقة القبائل الباكستانية (طارق محمود/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في مايو 2018، دمجت الحكومة الباكستانية المقاطعات القبلية السبع مع إقليم خيبربختونخوا، واجه القرار معارضة ودافعت الحكومة عنه بالإشارة إلى تحسين الخدمات الأساسية.
- بعد ست سنوات، لم تتحقق الوعود الحكومية بتحسين الأوضاع، حيث أشار الزعماء والناشطون إلى تدهور في الحرية، الأمن، وعدم بناء مدارس أو مستشفيات جديدة.
- رغم التحديات، هناك تقدم محدود مثل تحسن خدمات البلدية وتسهيل الحصول على بطاقات الهوية في بعض المناطق، مما يعكس بصيص أمل لكن يظل الطريق طويلاً أمام الحكومة لتحقيق الوعود الكاملة.

في مايو/أيار 2018، اتخذت الحكومة الباكستانية القرار الأصعب بشأن القبائل، والذي قضى بانضمام المقاطعات القبلية السبع إلى سلطة حكومة إقليم خيبربختونخوا (شمال غرب)، لتنهي بذلك الحيثية الخاصة لمنطقة القبائل، والتي كانت قبل ذلك تدار من قبل الحكومة الفدرالية.
حينها، رفضت كثير من القبائل القرار، في حين أكدت الحكومة المركزية وأحزاب سياسية وبعض المتعلمين في مناطق القبائل على أن الانضمام إلى إقليم خيبربختونخوا في صالح أفراد القبائل، وأنه سيؤدي إلى تطوير كل مناحي الحياة في المنطقة، لا سيما الصحة والتعليم. لكن لم يحصل شيء من ذلك بعد مرور ست سنوات.
يقول الزعيم القبلي فريد خان، وهو من سكان مقاطعة مهمند القبلية، لـ"العربي الجديد"، إن "وضع القبائل حالياً لا يختلف عما كان عليه قبل الانضمام إلى الإقليم، وربما زاد سوء الأوضاع. لم نحصل على أي شيء، والحكومة ومن ورائها الجيش والاستخبارات كانوا يريدون جعل المنطقة تحت السيطرة بشكل كامل، وألا تبقى للقبائل كلمة، وهذا ما حصل، فهناك تدخل كبير للاستخبارات والمؤسسة العسكرية في كل شيء، وقد أنشأوا مكاتب، ووظفوا عملاء، وبالتالي خسرت القبائل الكثير، خسرت حريتها، وخسرت أمنها واستقرارها، وخسرت آمالها أيضاً".
يضيف: "منطقة القبائل لا تزال محرومة من كل مقومات الحياة، فلا توجد رعاية صحية، ولا مراكز تعليمية، والخراب والدمار في كل مكان، وجرائم الخطف متواصلة، والمتهم بارتكابها محسوبون على أجهزة الدولة، أو عصابات لا يمكن لها العمل من دون دعم جهات قوية، وكل من يرفع صوته ضد الحكومة أو سياساتها يتعرض للاختطاف أو الاغتيال، وقد طاول ذلك رموز القبائل أيضاً، ما يعني أن الانضمام إلى الإقليم لم يكن له أي فائدة، ولم يأت بأي خير، فكل ما كنا نتوقعه لم يحصل".

لم تتحسن أوضاع التعليم في منطقة القبائل (عبد المجيد/Getty)
لم تتحسن أوضاع التعليم في منطقة القبائل (عبد المجيد/Getty)

يقول الناشط نوروز وزير، وهو من طلاب جامعة قائد أعظم بالعاصمة إسلام أباد، لـ"العربي الجديد": "كان الكثير من الساسة يعتقدون أن منطقة القبائل أصبحت بؤرة للإرهاب، وأن السبب في ذلك هو عدم تطبيق القانون كونها تابعة للحكومة الفدرالية، وبالتالي كانوا يدعون إلى انضمامها لسلطة الأقاليم، وكان كثيرون في القبائل يظنون أن انضمام مناطقهم المتخلفة سيؤدي إلى تطويرها على غرار مناطق أخرى، لكن لم يحصل أي من ذلك، فلم تحصل منطقة القبائل على ميزانية، ولم يكن لها نصيب من أعمال التطوير، ولم تنشأ فيها مدارس أو مستشفيات".
يضيف: "الوضع التعليمي لم يتغير، فالمدارس كما كانت عدداً وكيفية، ولا توجد لدينا جامعات أو معاهد، وقد كان ذلك على رأس الوعود التي قطعتها الحكومة إبان انضمامنا إلى الإقليم، والجيش يسيطر في كل مكان، والشرطة غائبة، ومن سخرية القدر أن المنطقة أصبحت من جديد موطناً للصراعات المسلحة، ما يشي بأن أياماً صعبة تنتظر أبناء القبائل".
ويؤكد الناشط الباكستاني: "في السابق، كان صوت القبائل يسمع بشكل ما، لكن الآن لا يسمع لها أحد، وكل ما حصل من تغيير هو أن القبائل بدأت تدفع الضرائب. لم نكن في السابق ندفع ضرائب لأن المنطقة فقيرة، فلا تجارة فيها ولا عمل، والقبائل تعتمد في معيشتها على مصادر الدخل القديمة، مثل الزراعة، لكن الآن هناك ضرائب مختلفة لا بد من دفعها".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

يتابع وزير: "كان مسؤول المنطقة في السابق واحداً من أبنائها، وكان غالباً يطيع الزعامة القبلية، ويقوم بالعمل بالتنسيق مع الزعامة القبلية التي كانت بمثابة الحكومة المحلية، لكن الآن هناك أعداد كبيرة من المسؤولين، هم لا يهتمون بالقبائل، وبتنا ندفع الرشى كما يفعل غيرنا من مواطني باكستان. الحكومة وعدتنا بتدشين مشاريع تنموية وصناعية، لكنها لم تفعل شيئاً من ذلك، بل كان الهدف هو القضاء على سطوة النظام القبلي".
في مقابل ذلك، يقول شمس الرحمن، من منطقة جمرود بمقاطعة خيبر القبلية، لـ"العربي الجديد"، إن "الأمور تحسنت إلى حد ما في بعض الجوانب. على سبيل المثال، بدأت عندنا الآن خدمات البلدية، فالشوارع يجري تنظيفها، والبلدية تعمل جيداً نسبياً، كما أن مكاتب الإدارات المختلفة فتحت أبوابها في منطقة القبائل، في السابق كنا نواجه مشاكل كثيرة في الحصول على بطاقات الهوية، وكان لدينا مكتب واحد في كل المقاطعة، وكل أفراد القبائل يتعاملون معه، لكن الآن عندنا في المقاطعة مكتبان، ما يسهل الأمور".
ويستدرك الرجل: "المشاكل كثيرة، لكننا لن نيأس، ما زال أمامنا طريق طويل، والحكومة عليها أن تفي بوعودها، ونحن صابرون، ونعطي الحكومة فرصة أطول، لكن عليها أن تهتم بمنطقة القبائل كما تهتم ببقية مناطق البلاد".

المساهمون