لم تقف سنوات العمر حائلاً دون شغف الأردني سالم خلف الطاهات بكرة القدم، وهو يتابع حالياً مباريات مونديال قطر 2022، كما تابع العديد من المونديالات السابقة، فمتابعة كرة القدم متعته التي لا تضاهيها أي متعة.
ولد الطاهات في عام 1942، ويسكن بلدة جمحه، غرب مدينة إربد شمالي الأردن، وهو حالياً متقاعد بعد عمله سنوات في وزارة المياه، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه تعلق بكرة القدم منذ شبابه، لكن "وقتها لم يكن سهلاً على أبناء جيلي احتراف اللعب، فثقافة المجتمع حينها كانت تعتبر أنّ الرياضيين يضيّعون الوقت في اللعب بدلاً من الدراسة، أو العمل مع الأهل في الزراعة، وكانت هناك نظرة مجتمعية سلبية إلى المهتمين بكرة القدم، أو حتى متابعة مبارياتها، واستمر ذلك حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي، وربما خلال عقد الثمانينيات". ويوضح: "لم تكن في القرى ملاعب، أو حتى شوارع يمكن اللعب فيها، وكنا نلعب في الأراضي الزراعية، حتى الكرة نفسها لم تكن متوفرة، وكان شراؤها ترفاً لا يملكه الجميع، فالأوضاع الاقتصادية كانت صعبة، والتباين بين المدن والقرى كان واضحاً. في البداية كنت أتابع المباريات المحلية، وأشجع نادي الحسين إربد الذي تأسس في عام 1964، ثم جرى تأسيس نادي الرمثا في عام 1966، وما زالا من النوادي الأبرز في شمال الأردن حتى اليوم".
ويلفت إلى أنّ إنشاء بعض الملاعب في إربد، مثل الملعب البلدي القديم، وبعدها تشييد مدينة الحسن الرياضية، ساهما في زيادة اهتمام الشباب بمتابعة الأحداث الرياضية، ومنها كأس العالم. "شخصياً، بدأ اهتمامي مع كأس العالم في الأرجنتين عام 1978، والمتابعة كانت صوتية عبر موجات الراديو. أشجع منتخب البرازيل، وكرة القدم التي يقدمها هي الأجمل على الإطلاق. لكني أشجع المنتخبات العربية أيضاً، فالمشاركات العربية تحفز الروح الوطنية، وما زلت أذكر تحقيق تونس أول فوز عربي في كأس العالم، حين فازت على المكسيك، ومشاركة المنتخب الجزائري في مونديال 1982، والمؤامرة التي تعرض لها عندما كاد يتأهل إلى الدور الثاني، وكذا تأهل المغرب كأول دولة عربية للدور الثاني في مونديال 1986 في المكسيك".
ويقول إنّ الاهتمام بكأس العالم الحالي أكبر، كونه يقام في بلد عربي هو قطر. "البلاد العربية وطن واحد، وهذا يجعل للبطولة مذاقاً مختلفاً، بخاصة في ظل مشاركة 4 منتخبات عربية هي السعودية وقطر والمغرب وتونس. حفل الافتتاح كان مبهراً، وجمع بين التكنولوجيا والحفاظ على التراث والتقاليد، وأظهر الهوية العربية والإسلامية لمختلف دول العالم، وهذا أمر لا يقدر بثمن، ونجاح قطر في تنظيم المونديال سيساهم في تغيير الصورة السلبية عن العرب، رغم محاولات تشويه الصورة من بعض الدول".
ويرى الطاهات أنّ "الاهتمام بمتابعة مباريات كرة القدم أقرب إلى الإدمان، وأشعر بالضيق عندما تمنعني الظروف من مشاهدة مباراة مهمة. في السابق كانت متابعة المباريات صعبة، إذ كانت الوسائل بدائية مقارنة مع الوقت الحالي. كانت الأجهزة أبيض وأسود، والكهرباء غير متوفرة في كل البيوت، وفي القرى يتابع الناس عبر تلفزيونات صغيرة يملكها المقتدرون فقط، وتعمل غالباً على بطاريات السيارات، وهذا أمر يستغربه الجيل الحالي، فقط في أواخر الثمانينيات أصبح الناس يمتلكون تلفزيونات ملونة في بيوتهم، ورغم ذلك كنا نتابع المباريات مسجلة، والنقلة النوعية كانت بعد ظهور الفضائيات، عندها أصبحت خيارات المشاهدة متعددة". يتابع: "للأسف، تأزمت الأمور مجدداً بسبب البث المشفر، بعدما كان البث مفتوحاً لسنوات، وفي ظل التكلفة العالية للاشتراكات، عاد الناس إلى استخدام الشبكات والهوائيات التي تلتقط البث الأرضي المقرصن".
وفي مقارنة بين الجيل الحالي المتابع لكأس العالم والأجيال السابقة، يقول المسن الأردني: "لم تكن المقاهي التي تعرض مباريات كأس العالم منتشرة في منطقتنا سابقاً، لكن في السنوات الأخيرة انتشرت المقاهي، وبات حضور المباراة وسط المشجعين له طعم آخر، لكن تصرفات بعض الشباب تجعل كبار السن يفضلون المتابعة في بيوتهم، وأنا من بين هؤلاء، سأتابع كأس العالم من بيتي، بخاصة بعد التطور الكبير في تقنيات الصورة، وتوفر أجهزة الاستقبال المربوطة بالإنترنت".
ويختم أنّ سعادته باستضافة قطر كأس العالم، لا تخفي شعوره بالخيبة لعدم مشاركة الأردن: "المنتخب الأردني كان على أعتاب التأهل لمونديال 2014، لكنّه خرج في المحطة الأخيرة أمام أوروغواي في الملحق العالمي للتصفيات، وبعدها لم يقترب من التأهل".