بخلاف المتعارف عليه في مهنة قيادة سيارات الأجرة، أوصل راكب السيارة السائق إلى منزله بعدما وجد أنه لا يقوى على القيادة نتيجة السُكر. هذا ما حصل مع حاتم عبد الرحمن لدى عودته من سهرة مع أصدقائه إلى منزله في العاصمة بغداد، حين أدرك بعد دقائق من صعوده في تاكسي أن السائق تناول كمية كبيرة من الخمر، فأوقفه وأقنعه بالقيادة بدلاً منه.
يخبر عبد الرحمن "العربي الجديد": "حين رأيت عدم قدرة سائق التاكسي على القيادة في شكل جيد أوقفته كي أستقل سيارة أخرى، لكنني شعرت بقلق من أن يتسبب في حادث يودي بحياته أو بحياة راكب آخر أو أفراد عائلة يركبون معه، فأخرجته من السيارة وقدتها بدلاً منه بعدما أبلغني أين يسكن".
وليست هذه الحالة استثنائية في شوارع العراق حيث تزداد حوادث السير لأسباب مختلفة، بينها تعاطي الكحول والمواد المخدرة. وأفادت مديرية المرور العامة في بيان أصدرته أخيراً بمقتل أكثر من ألفي شخص العام الماضي، وإصابة آلاف بجروح مختلفة في حوادث سير.
وحالياً تعتبر قيادة سيارات الأجرة من أكثر المهن انتشاراً في العراق، في ظل ارتفاع نسبة البطالة واحتضار مهن في مجالات أخرى مثل الزراعة والصناعة. ويؤكد عامر الطعمة الذي يعمل سائق سيارة أجرة لـ"العربي الجديد" أن "كثيرين اليوم يتجنبون استخدام سيارات الأجرة خلال تنقلاتهم ليلاً لتفادي ما قد يرتكبه طارئون على المهنة من سلوك غير إخلاقي يمكن أن يرتبط بتناول الخمر أثناء العمل".
يضيف: "تناول الخمر حرية شخصية، لكن لا يمكن فعل ذلك خلال ممارسة أي عمل يتطلب الاحتكاك بالناس. وأنا أنصح دائماً زملائي الذين يقودون سيارات أجرة بالابتعاد عمّا يخل بالأخلاق أثناء عملهم، خاصة تناول الخمور الذي يسيء لنا جميعاً".
ويتداول العراقيون قصصاً مختلفة لسائقي سيارات أجرة مخمورين يؤكدون أنها وقعت فعلاً، رغم أن بعضها لا تخلو من مواقف طريفة لكنها تخيف كثيرين، خاصة النساء.
تشرح حوراء طارق التي تعمل في معمل لتجهيز مأكولات، لـ"العربي الجديد"، إنها تضطر أحياناً الى استقلال سيارات أجرة أثناء تنقلها ليلاً إذا لم يستطع زوجها القدوم بسيارته إلى مكان عملها. وتخبر أنها ركبت مرة سيارة أجرة قادها سائق مخمور من دون أن تعلم بذلك لأنها لم تتبادل أي حديث معه، "لكن حين توقف عند إشارة مرور، كانت إلى جانبنا سيارة ضمت شباناً بدا عليهم التهور كانوا يغنون داخلها، ونظر أحدهم إليّ في شكل مستفز، فترجل سائق سيارة الأجرة وضرب الشاب المعني تحديداً وأهانه وسط ذهول أصدقائه، وقال له أنت تتحرش بشقيقتي، أي أنا، ثم انتهى الأمر بتدخلي واعتذار الشبان. وقد لاحظت حينها أن السائق كان مخموراً من خلال طريقة كلامه ووقوفه غير المتزن. وحين أوصلني الى المنزل رفض أخذ أجرة التوصيل، واعتبر أن ما حدث مع الشبان جعلني أختاً له".
وتشير إلى أنها تردد تفاصيل هذه الواقعة التي حصلت قبل أكثر من عامين، وأن أقاربها ومعارفها يتناقلونها كطرفة. وتصف موقف سائق الأجرة بأنه "رجولي، لكنه جعلني أكثر حذراً لدى تنقلي، إذ أحاول من خلال الحديث مع السائق معرفة إذا كان مخموراً أم لا، فالحقيقة أن الجرة قد لا تسلم كل مرة".
ويخشى العراقيون على أنفسهم وعائلاتهم من حوادث مختلفة تقع نتيجة ارتكاب السائقين أخطاء خلال قيادتهم سيارات الأجرة وهم تحت تأثير الخمر. وباعتبار أن نساء كثيرات يضطررن الى الانتقال بسيارات أجرة ليلاً، فهن يطالبن بوضع حد لهذه المخالفات.
ويقول جعفر مهودر لـ"العربي الجديد": "أرسلت سابقاً شكاوى إلى وزارة الداخلية ووسائل إعلام في شأن مخالفات أخلاقية يرتكبها بعض سائقي سيارات الأجرة، ولاحظت عدم وجود تشريعات خاصة بمهنة قيادة سيارات الأجرة، وعمل من لا مهنة له فيها يتسبب في تداعيات سلبية خطيرة، وهناك مخالفات عدة يرتكبها سائقو هذه السيارات تحت تأثير الكحول".
يضيف: "قبل أكثر من ثلاثة أشهر أرادت زوجتي العودة من زيارة والدتها في مستشفى الكرامة حين كانت الساعة تشير إلى 11 ليلاً، وليس منزلنا في حي الشالجية جنب الكرخ بعيداً من موقع المستشفى، لكن السائق فاجأ زوجتي بقطعه جسراً في اتجاه آخر حين كانت منشغلة في كتابة رسالة على الهاتف الخليوي، ثم رأت أن السيارة دخلت منطقة الباب المعظم فتحدثت مع السائق ونبهته إلى أن الطريق خاطئ، واكتشفت أنه مخمور ما أصابها بهلع، فاضطرت إلى النزول وركوب سيارة أجرة أخرى".
ويعاقب القانون العراقي كل من يقود سيارته تحت تأثير الخمر أو المخدرات بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات، أو بدفع غرامة مالية.