نحن في الوقت الذي نُقيّم فيه عامنا الذي مضى، وفي طريقنا الأعوام التي سبقته. العودة إلى الوراء سمةٌ من سمات البشر. لكنّ العام الماضي 2020، بكلّ ما حمله من مصائب، يكاد يكون مختلفاً عمّا سبقه من أعوام. هذا القول - أو النكتة - نتبادله نحن اللبنانيين بشكل خاص، ولا أعلم، أو حتى لم أجد نفسي مهتمة بمعرفة موقف العالم من هذا العام. هل يكتفي بنعته عاماً سيئاً أو الأسوأ؟
بطبيعة الحال، هي ليست المرة الأولى التي يواجه فيها العالم وباء قاتلاً، وقد يكون فيروس كورونا الأقل فتكاً بينها، لكنّنا نختبر هذا الفيروس في عالم متقدّم، يُجبرنا على التعايش معه بعدما اكتشفه العلماء بسرعة، واضعين مجموعة من الإجراءات لحمايتنا، فلم يحصد الوباء أرواحنا، كما فعل غيره من الأوبئة على مرّ التاريخ. كان العام سيئاً. وما يُفاجئني أحياناً هو ترداد أهلنا الموقف نفسه، وإن تفاوتت حدّة الأمر بين شخص وآخر. الحرب الأهلية والحروب الإسرائيلية كانت أقلّ وطأة من هذا العام. عدا عن كورونا، لا يمكن تبرير كل ما يحدث فيه. يقولون إنّه رغم الحرب والقتال، كان الناس أكثر دعماً بعضهم لبعض، ولم يعيشوا ضائقة مادية إلى هذا الحدّ الذي نختبره اليوم.
ما علينا... ما يُميّز تقييم نهاية العام هو أنه تقييم جماعي، من دون أن يعرف أحد بالأمر، أو بمضمونه. وبغض النظر عن التزامنا من عدمه بما نريد تحقيقه، فإنّ هذا التمرين ليس مضرّاً، وقد يكون لطيفاً أحياناً، فهو يشبه الاستحمام، ونتوقع في النتيجة أن نشعر ببعض الانتعاش.
لكنّ العام الماضي كان مختلفاً. لا يمكننا توقّع أيّ تغيير حقيقي. حتّى اللقاحات التي يفترض أنّها باتت قريبة جداً، نتائجها غير واضحة بعد. فاللقاحات عادة ما تجرَّب لسنوات عدة قبل اعتمادها. وإذا ما كنا متفائلين، وأثبتت هذه اللقاحات نجاحها، فلا نَعِدُ، نحن كلبنانيين، أنفسنا بـ2021 باعتباره سنة مختلفة. لا نعد أنفسنا بزوال الأزمة الاقتصادية أو النجاح في محاربة الفساد أو الحدّ الأدنى من الراحة النفسية.
عام 2020 كان عبارة عن مجموعة من الصدمات. قالت صديقة أصيبت في انفجار بيروت إنّه بعد لحظات من الانفجار، كان الناس يتحركون ويتكلمون مثل الزومبي. لم يرسل الانفجار مخلوقات جديدة إلى أرضنا، بل نحن الذين تحوّلنا بعد كل ما عشناه إلى مجرّد زومبي. نسير وبالكاد نجد أنفسنا قادرين على المتابعة. نجوع فنأكل. نتنفس وتعمل أعضاؤنا فنعيش. لا أكثر.
لن نكون قادرين على العودة إلى زمن ما قبل الزومبي بسهولة. طريق الصدمات ما زال طويلاً. مع ذلك، سنستيقظ ونضع صورة بروفايل جميلة. صورة تعكس ما نريد أن نكون عليه.