"عشت لحظات رعب حقيقية. لم أستطع حتى الوقوف على قدميّ لمغادرة المنزل. كان كل شيء يتحرك أمامي. كان شعوراً رهيباً، وبدت اللحظات وكأنها أبدية"، تقول ابتسام الإدريسي (36 سنة) عن اللحظات الأولى التي أعقبت الزلزال الذي وُصف بالأعنف في المغرب منذ قرن.
وتوضح في حديثها لـ"العربي الجديد": "حملت طفلتي وهرعت إلى الشارع قبل أن أنتبه إلى أنني تركت والدتي العاجزة عن التنقل بعد إجراء عملية جراحية في الفخذ إثر إصابتها بكسر. كان وضعاً صعباً بين أن أهرب وأترك والدتي وحدها لمصيرها وبين إنقاذها". تضيف وهي لا تزال في حالة صدمة: "تستمر مشاعر الخوف. من حين إلى آخر، أعود إلى منزل والدتي في الطابق الثاني لأطمئن عليها، ثم أعود إلى الشارع مع العائلات المذعورة. هذه التجربة الصعبة جعلتني أشعر بأنها نهايتي".
وكان المعهد الوطني للجيوفيزياء والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني قد أعلنا، في الساعات الأولى من صباح أمس، أن الزلزال الذي ضرب عدداً من المدن المغربية ليل أول من أمس الجمعة، بلغت درجته 7.2 درجات على سلم ريختر. وأوضح أن الهزة سجلت في الساعة 11:11:01 بالتوقيت المحلي، لافتاً إلى أن عمق البؤرة بلغ 10.7 كم. وحدد منطقة الزلزال في المغرب على مسافة 368 كم جنوب غرب مدينة الرباط، و23 كم غرب مدينة إيجوقاق، و31 كم جنوب غرب مدينة مزميز، و41 كم شمال غرب مدينة أولوز، و47 كم جنوب شرق مدينة إمنتانوت. وأكد أن الهزة الرئيسية لزلزال الجمعة تلتها مئات الهزات الارتدادية بلغت أقواها نحو 6 درجات.
وبعد اهتزاز الأرض من تحت أقدامهم مباشرة، هرع مواطنون في العديد من مناطق المملكة إلى الشوارع والحدائق والأماكن المفتوحة والملاعب الرياضية، وسط حالة من الهلع والذعر، في وقت لجأ آخرون إلى السيارات باعتبارها ملاذهم وخلاصهم الوحيد من الهزات الارتدادية.
من بين هؤلاء أحمد المسناوي الذي يقطن في حي أشماعو بسلا القريبة من العاصمة المغربية الرباط. يقول لـ"العربي الجديد": "اضطررت إلى إخلاء المنزل والاحتماء بالسيارة مع أسرتي طوال الليل، لأنه لا مكان نلجأ إليه"، مشيرا إلى أن العديد من المواطنين لم يجدوا غير الاحتماء بسياراتهم لقضاء ليلتهم، خوفا من مخاطر تسجيل هزات ارتدادية. يتابع: "يصعب أن تختبر، ومن دون سابق إنذار، الموت. هي لحظات رعب، خصوصاً أنني لم أختبر زلزالاً من قبل. في لحظة، بدا لي الأمر وكأن كل شيء قد انتهى".
على غير العادة، بدت أزقة وشوارع العاصمة المغربية الرباط في الساعات الأولى من صباح السبت مكتظة بالمواطنين، الذين فروا من منازلهم مخافة أن يلحقهم الضرر. وغير بعيد عن عدد من المواطنين الذين افترشوا الأرض في شارع عبدالكريم الخطابي بحي المحيط وسط الرباط، بدا لافتا تحرك قوات الأمن المغربي ورجال وأعوان السلطة بهدف تهدئة روع المواطنين وضمان الأمن والأمان.
يقول عبدالمنعم الزروالي لـ"العربي الجديد": "قررت البقاء في الشارع لقضاء الليلة من جراء الرعب الذي انتابني، وزاد من خوفي تداول فيديوهات تحذر من وقوع هزات ارتدادية قوية. خشيتي كانت كبيرة من العودة إلى المنزل من جديد. لكن في النهاية قررت العودة، بعدما سمعت تطمينات السلطات الأمنية". يضيف: "ما حدث سيظل محفورا في ذاكرتي وسيكون صعب النسيان".
يشار إلى أن قيادة القوات المسلحة الملكية المغربية أعلنت عن نشرها بشكل مستعجل "وسائل بشرية ولوجستية مهمة، جوية وبرية، إضافة إلى وحدات تدخّل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ، ومستشفى طبي جراحي ميداني" لمساعدة المتضررين من الزلزال.
من جهتها، تروي هدى التي تقطن في مدينة مراكش لوكالة "فرانس برس": "كنا نتنزه في جامع الفنا عندما بدأت الأرض تهتز تحت أقدامنا. شعرنا بصدمة. نحن سالمون لكنني لا زلت تحت وقع الصدمة. ما لا يقل عن عشرة من أفراد عائلتي قضوا في إجوكاك (قرية ريفية في الحوز). أكاد لا أصدق، فقبل يومين كنت معهم".
بدوره، يروي الفرنسي ميكايل بيزيه (43 عاماً) والذي يملك ثلاثة منازل تقليدية في مراكش القديمة، لوكالة "فرانس برس": "كنت في سريري عندما بدأ كل شيء يهتز. شعرت وكأن سريري سيطير. خرجت إلى الشارع. كانت الفوضى عارمة. أمر لا يصدق". يشار إلى أن المركز الجهوي لتحاقن الدم في مراكش دعا المواطنين إلى التوجه إلى مقره السبت للتبرع بالدم.
وقال رئيس قسم بالمعهد الوطني للجيوفيزياء (حكومي)، ناصر جابور، إنها "المرة الأولى منذ قرن التي يسجل فيها المركز هزة أرضية عنيفة بهذا الشكل في المغرب".