زراعة أسطح الإسكندرية: غذاء صحي وحفاظ على البيئة
بدأ كثير من سكان محافظة الإسكندرية، شمالي مصر، تحويل أسطح منازلهم إلى مساحات خضراء بغرض سد حاجة الأسرة من الخضراوات، وتوفير غذاء صحي للاستهلاك اليومي، فضلاً عن إمكانية تحويلها إلى مصدر إضافي للدخل.
وأطلقت عدة جهات حكومية وأهلية، فضلاً عن جمعيات لحماية البيئة، مبادرات لزراعة أسطح المنازل والمباني الحكومية والخاصة، بهدف تحويلها إلى ساحات منتجة لأصناف من الخضراوات والفواكه، فدعت مديرية الزراعة في الإسكندرية لتنفيذ وتعميم الفكرة ضمن مبادرة لتحسين المناخ البيئي، والحفاظ على الصحة، كما بدأت شركة مياه الإسكندرية حملة توعية حول الأسطح الخضراء الصديقة للبيئة، مؤكدة أنها من أولى المؤسسات الحكومية التي قامت بزراعة أسقف المحطات والمباني، وأنها تعمل على زراعة أسقف خزانات المياه.
ويقول ربيع رجب، وهو صاحب مشروع لزراعة أسطح المنازل في قرية أبيس بشرق الإسكندرية، لـ"العربي الجديد": "نجح المشروع في تحويل الأسقف إلى مناطق منتجة للخضراوات والفواكه، وبتكاليف بسيطة، وكميات قليلة من المياه".
بدأ رجب مشروعه في منزله الذي بات أشبه بلوحة فنية، إذ يتدلي على الشرفات والحوائط بساط أخضر من المزروعات والزهور، إلى جانب أنواع من الخضراوات والفواكه، ونباتات مختلفة الألوان والأشكال. ويشير إلى أن "زراعة الأسطح لها فوائد اقتصادية كبيرة، منها زيادة الدخل من خلال بيع المحصول إن كان كبيراً، أو الاكتفاء الذاتي من الخضراوات والفواكه إن كان المحصول صغيراً، ووقف نزيف الأموال في الشراء، فضلاً عن توفير احتياجات المنزل اليومية بخضراوات وفواكه طازجة، إضافة إلى الهرب من تفاقم الغلاء".
بدوره، اقتنع الموظف وليد إبراهيم بفكرة الاستفادة من سطح المنزل لإنتاج غذاء صحي خال من المبيدات، وحصل على دورات تدريبية متخصصة في زراعة أنواع النباتات والخضراوات التي يحتاجها في استهلاك الأسرة. يقول: "لم أستطع تحقيق عائد مادي مثل غيري برغم نجاحي في زراعة كثير من النباتات، ربما بسبب ضيق المساحة التي أقوم بزراعتها، لكنني قررت إنتاج محاصيل بكميات أكبر خلال الفترة المقبلة، وبدأت التخطيط مع صديق لديه مساحة أكبر، سنقوم بتخصيصها لزراعة نباتات طبية وعطرية باعتبارها مصدر رزق مهمّاً".
ويرى منسق حملة زراعة مليون سطح أخضر، أحمد حنفي، أن هناك أسباباً عدة لانتشار فكرة زراعة الأسطح في الفترة الأخيرة، إضافة إلى فوائدها الاقتصادية في مواجهة الارتفاع السريع في الأسعار، فإن الاستغلال الأمثل لأسطح المباني والمنشآت يعزل الأسطح عن حرارة الشمس الحارقة في فصل الصيف، ويضفي منظراً جمالياً، ويمنع وضع المتعلقات القديمة أو الأثاث المتهالك الذي يشوه المظهر العام، ويضر بالبيئة. ويلفت حنفي إلى أن "أهم معوقات زراعة الأسطح هي تخوف البعض من تأثير المياه على المنازل، وهذا يمكن تجنبه بإتباع الإجراءات الاحترازية. الحملة تطرق الأبواب، وتدور على مختلف المناطق لإقناع المواطنين بزراعة أسطح منازلهم، وتقدم لهم البدائل للتغلب على مخاوفهم من خلال دراسات معتمدة من جهات حكومية، ونتعاون مع مديريات الزراعة والبيئة، ومع إدارات الأحياء وغيرها من الجهات لتذليل أية عقبات تواجه المواطنين، ونحلم باليوم الذي تترسخ فيه الفكرة، وتصبح معتادة بين مختلف الشرائح الاجتماعية، لكن الأمر يحتاج إلى وقت ليتحول الحلم إلى واقع".
ويؤكد رئيس شركة مياه الإسكندرية، أحمد جابر، تفعيل استخدام الأسطح الصديقة للبيئة نظراً لما لها من شكل جمالي، مشيراً إلى أن المهندسين المعماريين يستخدمون الزراعة لتزيين الأسطح المختلفة في المدن، لقدرتها المستدامة على زيادة التنوع البيولوجي وتقليل استهلاك الطاقة. ويضيف جابر: "من أهم مميزات الأسطح الخضراء أنها تصلح للمباني القديمة والحديثة، وزراعة الأسطح لها فوائد منها إطالة عمر المبنى من خلال حمايته من الأشعة فوق البنفسجية، وتقليل استهلاك الطاقة لأنها توفر عزلاً طبيعياً للمباني عن طريق امتصاص الحرارة، والذي يعرف أيضاً باسم تأثير جزيرة الحرارة الحضرية".
بدوره، يقول وكيل وزارة الزراعة في الإسكندرية، نبيل الششتاوي، إن "المديرية تنظم محاضرات وندوات لتوعية المواطنين بطرق زراعة الأسطح، وتحويل المساحات بمختلف أبعادها إلى مزارع لتوفير الخضراوات الطازجة، وتنقية الهواء من التلوث، وحماية البيئة. زراعة الأسطح تحقق الكثير من الفوائد البيئية، من بينها التجميل، وخلق بيئة نظيفة من خلال زيادة الرقعة الخضراء، بالإضافة إلى التغلب على التغير المناخي.
