استمع إلى الملخص
- النزوح القسري: اضطرت للنزوح عام 2020 بسبب الحرب، مما أفقدها منزلها ووظيفتها، واستقرت في مخيم حيّ الجامعة على أطراف مدينة إدلب.
- تحديات الحياة في المخيم: تعيش حياة قاسية في المخيم مع ابنتها سيما، وتفتقر إلى الخدمات الأساسية، لكنها تجد بعض الدعم من عائلتها المقيمة معها.
رُبى الحوراني سيدة سورية لم تتجاوز سنوات عمرها 36 عاماً، تحمل من التحدي ما جعلها تنجح في دراسة التاريخ بجامعة حلب، بينما خانتها الجغرافيا عندما اضطُرت إلى النزوح القسري بحثاً عن الأمان، ففقدت منزلها ووظيفتها، وتخلى عنها زوجها ليستقر بها المقام في أحد مخيمات النزوح بلا مساعدات أو مقومات تعينها على الحياة.
بدأت معاناة النزوح التي واجهتها رُبى الحوراني عام 2020، متنقلة من مكان إلى آخر، حتى حطّت بها الرحال في مخيم حيّ الجامعة على أطراف مدينة إدلب شمال غربي سورية، لتخسر ربا منزلها ووظيفتها في مدرسة قريتها محاريم بريف إدلب الشرقي، وتعيش حياة المخيمات القاسية وسط عتمة عينيها التي حرمتها إبصار النور. تروي لـ"العربي الجديد" فاصلاً ممتداً من المعاناة رافقها طوال حياتها منذ عام 1988، حيث وُلدت مصابة بالمياه البيضاء في كلتا عينيها. وفي عمر بضعة أشهر، خضعت لعملية جراحية في عينها اليمنى أدت إلى انفصال شبكية العين وفقدانها البصر تماماً. أما محاولات العلاج في عينها اليسرى، فلم تكن أكثر نجاحاً، إذ كان عدم قدرتها على الإبصار عائقاً على مدار سنوات حرمها متابعة الدراسة والتعلم.
طموح رُبى في الدراسة وطلب العلم لم يتوقف، رغم إعاقتها، حتى تمكنت في عام 2005 من الخضوع لدورة محو أمية في قريتها، وحصلت في العام التالي على شهادة التعليم الابتدائي بمعدل 99 بالمائة، وبمساعدة إخوتها تمكنت من طريق الأشرطة وآلة التسجيل آنذاك من الحصول على شهادة التعليم الإعدادي بمعدل ممتاز. نجاح دفعها إلى الاستمرار في طلب العلم، وتقدمت لامتحان الثانوية العامة في العام التالي، وحصلت على شهادتها بمعدل جيد. تقول رُبى لـ"العربي الجديد": "بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة، التحقت بكلية الآداب في جامعة حلب - قسم التاريخ، وتخرجت خلال أربعة أعوام. كانت مرحلة جميلة في حياتي، مليئة بالنجاح، رغم صعوبتها والتحديات خلالها"، مضيفة: "كان طموحي التحصيل العلمي، وحلمي أن أحصل على وظيفة. وبالفعل، حصلت على وظيفة في مدرسة القرية، لكن الحرب دمرتني نفسياً، وخسرت كل شيء".
عندما هُجِّرَت رُبى قسراً من قريتها بسبب سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة عام 2020، لم تخسر قريتها ومنزلها ووظيفتها فقط، بل انفصلت عن زوجها أيضاً، الذي تركها في وقت هي بأشد الحاجة إليه، تركها تواجه مصيرها برفقة ابنتها الوحيدة سيما ذات الثمانية أعوام، موضحة أن الظروف القاسية التي مرت بها خلال السنوات الماضية ضاعفت من التحديات التي تعانيها في كل تفاصيل حياتها، من مواصلة الدراسة ورعاية ابنتها ومواجهة ظروف النزوح الصعبة للغاية. وفي الوقت الحالي تترقب حلول فصل الشتاء الصعب.
قسوة المخيمات يرافقها حرمان المساعدات الإنسانية، حيث تعيش رُبى الحوراني في واحد من أسوأ المخيمات المتاخمة لمدينة إدلب، في ظروف صعبة للغاية. فالمخيم الذي تقيم فيه لا يتوافر فيه الحد الأدنى من الخدمات، والصرف الصحي فيه مكشوف، وهي تعاني أيضاً في توفير المعيشة، وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. لا يخفف معاناة رُبى سوى وجود عائلتها حولها في ذات المخيم، حيث ترافقها ابنة شقيقه في ذات الخيمة لتساعد عمتها في حياتها اليومية وتقف إلى جانبها، بينما تتعلم أيضاً منها.