أراد ريان مناعي (21 عاماً)، وهو مصمم أحذية، أن يصنع حذاء مميزاً يساهم في إنتاج طاقة نظيفة. لم يرغب في صناعة حذاء ذي تصميم مختلف فحسب، بل كان يبحث عن فكرة مميزة تجذب الأنظار. يدرس في أحد مراكز تعليم تصميم الملابس والأحذية في العاصمة تونس، وقد تخصص في تصميم الأحذية بشكل خاص. وخلال الأشهر الأخيرة، نجح في ابتكار حذاء يُنتج طاقة نظيفة، أي "الحذاء الذكي". يقول إنّ الحذاء مصنوع من الجلد الطبيعي، إلّا أنّ هذه ليست ميزته الوحيدة خصوصاً أنّ الجلد الطبيعي متوفر في السوق.
بتشجيع من أستاذته في المركز، تمكّن من ابتكار حذاء بتقنية تكنولوجية تُمكّن منتعله من إنتاج الطاقة الكهربائية خلال المشي، وبالتالي يصبح هذا الشخص قادراً على شحن هاتفه أو أي شيء آخر. واستغرقت صناعة الحذاء نحو شهر ونصف الشهر. ركز في البداية على شكل الحذاء وإنتاج الطاقة، مشيراً إلى أنّ كلفة الحذاء بلغت حوالي 80 دولاراً، ويمكن بيعه في السوق بحوالي 150 دولاراً، فيما يقول إنّ السعر يعد مناسباً للبعض. وفي الوقت الحالي، يفكر في استبدال الجلد الطبيعي بجلد مصنوع من ألياف نباتية حفاظاً على الثروة المائية، على حد قوله، إذ يستهلك إنتاج الجلد الطبيعي في المصانع كميات كبيرة من المياه التي تستنزف الثروة الطبيعية، في وقت باتت الألياف النباتية حلاً في العديد من الدول في محاولة للحفاظ على الثروات الطبيعية.
يقضي ريان ساعات في ورشة المركز، حيث يصمم أنواعاً وأشكالاً عدة من الأحذية على تطبيقات مُختلفة على الحاسوب، ثم يبدأ في التنفيذ مستخدماً ألواناً مختلفة من الجلد الطبيعي وقوالب صناعة الأحذية بوسائل تقليدية. وعلى الرغم من تصميمه أشكالاً مختلفة للأحذية طوال فترة دراسته في المركز، فقد كان دائماً يفكر بإنتاج شيء مختلف أو ابتكار جديد يمكّنه من الوصول إلى الأسواق المحلية وحتى العالمية.
وقد يكون هذا الحذاء حلاً للعديد من العاملين في الغابات والصحراء على غرار حراس الغابات وغيرهم ممن يحتاجون إلى طاقة كهربائية لشحن هواتفهم أو أجهزة إضاءة، خصوصاً إذا لم تكن المولدات الكهربائية متوفرة. لكن من خلال المشي باستخدام الحذاء الذي صنعه، يمكن لهؤلاء الاستفادة من الطاقة الكهربائية.
ويسعى ريان للحصول على الدعم من ممولين أو أصحاب الشركات لإنتاج هذا الحذاء الصديق للبيئة والمنتج للطاقة الكهربائية بتصاميم مختلفة للنساء والرجال. كما يطمح إلى المشاركة في معارض وطنية للتعريف بالحذاء الذي صنعه والوصول لاحقاً إلى العالمية. وقد فاز بالجائزة الأولى في مسابقة الكعب العالي للإبداعات" هذا العام والتي شارك فيها العشرات من مصممي الأحذية.
وعلى الرغم من الحديث عن الحذاء الجديد والمختلف، فإنّه لم يجد الدعم أو الاهتمام سوى من قبل وسائل الإعلام. ويقول إنه لن يكتفي بإنتاج هذا الحذاء فقط، بل إنه يفكر في تصميم وصنع أحذية أخرى بتقنيات جديدة مختلفة، خصوصاً الأحذية التي تساعد العمال الذين يمتهنون أعمالاً شاقة ويحتاجون إلى أحذية خاصة بتقنيات معينة.
ولتصميم أحذية من الألياف النباتية، سيتعاون مع أستاذته وزميله في المركز لتصميم أحذية نسائية ورجالية مختلفة الأشكال والأحجام وبأفكار جديدة، علها تجد قبولاً لدى الممولين أو شركات إنتاج الأحذية، وصولاً إلى ترويجها في الخارج.
وكان ريان قد أشار إلى أنّ فكرة تصميم الحذاء لم تأتِ من فراغ، بل أعدّ بحثاً واستبياناً لتحديد توجه التصميم بشكل دقيق. وعلى الرغم من إيمانه بفكرته قبل تنفيذها، إلّا أنّه لم يلقَ أي تشجيع من قبل البعض، مشيراً إلى أنّ بعض الخبراء في مجال التكنولوجيا في إحدى الجامعات لم يؤمنوا بفكرة تصميم "الحذاء الذكي" حين تقدّم إليهم طلباً للمساعدة.
العديد من المناطق التونسية، على غرار صفاقس ونابل والقيروان، هي من بين الأبرز في إنتاج الأحذية بوسائل تقليدية عبر حرفيين. وعلى الرغم من تراجع عدد هؤلاء الحرفيين، فإنّ البعض ما زال متمسكاً بالصناعة الوطنية لمنافسة تلك الأحذية المستوردة أو المهربة التي غزت الأسواق التونسية، وأثرت على حرفة صناعة الجلود والأحذية في البلاد، على الرغم من أنّ القانون يمنع استيراد الأحذية، خصوصاً تلك المستعملة. وقد يشجع العديد من الحرفيين الحذاء الذكي، خصوصاً بعدما أصبح الهاتف الذكي جزءاً أساسياً من حياة الناس اليومية.