روسيا تتّجه نحو العزل الذاتي

09 أكتوبر 2020
يلتزمان بارتداء الكمامة (نتاليا كولينسنيكوفا/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من ارتفاع معدّلات الإصابة بفيروس كورونا الجديد في روسيا إلى أعلى مستوياتها منذ مايو/ أيار الماضي، تجد السلطات الروسية نفسها أمام خيارات صعبة بين الاستمرار في الحياة على غرار النموذج السويدي، أو إعادة تفعيل إجراءات العزل الذاتي التي ستشكل حتماً ضربة مؤلمة جديدة لاقتصاد البلاد، وتكبده المزيد من الخسائر.  
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، كشفت تسريبات إعلامية عدة أن روسيا قد تعيد في القريب العاجل فرض إجراءات العزل الذاتي في حال استمرار تفشي كورونا بوتيرته الحالية. 
وذكرت وكالة "أورا.رو" أنّ نظام العزل الذاتي الكامل قد يفرض في موسكو وجميع الأقاليم الروسية خلال أسبوعين. ونقلت الوكالة عن مصادر في ثلاثة كيانات إدارية روسية قولها إن الإجراءات الجديدة قد تكون أكثر صرامة مما كانت عليه في الربيع الماضي، وقد تصل إلى حد منع التنقّل بين المدن. 
أما صحيفة "فيدوموستي"، فذكرت أن رئاسة بلدية موسكو تبحث في عدد من السيناريوهات لتعزيز إجراءات مكافحة كورونا. ويقتضي أكثرها حزماً استئناف العمل بنظام تصاريح الحركة الذي كان سارياً خلال الفترة ما بين 15 أبريل/ نيسان و9 يونيو/ حزيران الماضيين. 
من جهته، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن استعداد بلاده لأي تطوّرات، مؤكداً على استمرار السلطات في دعم المواطنين وقطاع الرعاية الاجتماعية والصحية. 

في هذا الإطار، يقول مدير عام مركز المعلومات السياسية بموسكو، أليكسي موخين، أن تفعيل نظام العزل الذاتي قد يكون إجراء استثنائياً في حال خروج الوضع عن السيطرة، مرجحاً في الوقت نفسه أن تركز السلطات على تطبيق إجراءات ليس من شأنها إلحاق أضرار كارثية بالاقتصاد. ويقول موخين لـ "العربي الجديد": "يبدو أن السلطات قررت التصرف بحسب تطور الوضع، وسيكون فرض قيود على الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل تلاميذ المدارس والمسنين ومن يعانون من أمراض مزمنة، هو الوسيلة الأساسية لمنع تمدد الموجة الثانية من الوباء، بالإضافة إلى الحصول على اللقاح ضد الإنفلونزا الموسمية، ففيروس كورونا". 
وحول تقييمه لمدى واقعية فرض نظام العزل الذاتي الكامل، يقول: "يُنظر إلى العزل الذاتي على أنه إجراء استثنائي لعدم إلحاق ضربة نهائية بالاقتصاد، وبالتالي تكبّد خسائر فادحة. أعتقد أن تطبيق الإجراءات سيكون تدريجياً، وليس من المستبعد أن يتم فرض نظام عزل ذاتي صارم لفترة قصيرة على غرار الحال في بعض الدول. كما أن الوضع يبدو أقل خطورة الآن في ظل تراكم الخبرة في ما يتعلق بعلاج مصابي كورونا".  
من جهته، توقع كبير أطباء مركز "ريادة الطب"، يفغيني تيماكوف، استمراراً في زيادة أعداد المصابين بكورونا في روسيا خلال الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة المقبلة، قائلاً لوكالة "تاس": "ستستمر الزيادة لمدة أسبوعين أو ثلاثة ثم سيستقر الوضع بحلول نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، ثم سيتراجع تدريجياً حتى نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل". مع ذلك، توقع تيماكوف ألا يختفي الفيروس بشكل كامل، بل سيتم تسجيل حالات إصابة في ظل عدم رصد ارتباطه بموسم محدد. 
وبدأت موسكو هذا الأسبوع تطبيق إجراءات جديدة من شأنها الحد من تحركات سكان العاصمة وتقليص الإصابات بالفيروس. وأعلن عمدة موسكو، سيرغي سوبيانين، عن مجموعة من الإجراءات، من بينها تعطيل عمل بطاقات المتقاعدين التي تتيح استخدام وسائل النقل مجاناً، في ظلّ صدور توصيات لهذه الشريحة من السكان بالبقاء في البيوت. كما تقرر تحويل نظام بيع تذاكر المسارح والمتاحف إلى "أونلاين" فقط، وذلك للتحكم بعدد الزوار.  

طلاب وشباب
التحديثات الحية

  
ومنذ 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أُلزم أرباب العمل في موسكو بتحويل ما لا يقل عن 30 في المائة من موظفيهم إلى نظام العمل عن بعد للحد من تكدّس الركاب في مترو الأنفاق وغيره من وسائل النقل. كما تم منح تلاميذ مدارس موسكو عطلة خريفية ستستمر حتى 19 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. 
وما زالت موسكو البؤرة الرئيسية لتفشي كورونا في روسيا، والتي سجّلت نحو ربع إجمالي الإصابات على مستوى البلاد، و30 في المائة من الإصابات الجديدة التي ارتفعت لأكثر من 3 آلاف حالة جديدة، يتم تسجيلها في العاصمة يومياً.   
وتحتلّ روسيا المرتبة الرابعة لناحية عدد الإصابات بفيروس كورونا في العالم، وقد تجاوز عدد الإصابات فيها 1,253,603، في وقت توفي نحو 21,939. كما تجاوز عدد المتعافين 998,197. وأجري في البلاد حتى اليوم أكثر من 49.1 مليون فحص لتشخيص الإصابات بكورونا، وما زال أكثر من 246 ألف شخص تحت الرقابة الطبية.

دلالات
المساهمون