رمضان في مخيمات مقديشو... نازحون يواجهون قلة الطعام بالتكافل

03 ابريل 2023
تشتد معاناة النازحين خلال شهر رمضان في الصومال (هودان محمد عبد الله/الأناضول)
+ الخط -

تحت ظلال الأشجار، تجتمع الأسر داخل مخيم العدالة للنازحين، بالضاحية الجنوبية للعاصمة الصومالية مقديشو، هربا من حرارة الشمس في منازلهم المكونة من أغصان الشجر، في مشهد يعكس حياة النازحين في أكثر من مخيم في هذه الضاحية.

وتشتد معاناة هؤلاء النازحين خلال شهر رمضان، بسبب اختفاء بعض الحرف التي كانوا يمتهنونها لسد احتياجاتهم، إلى جانب تراجع ملحوظ للمساعدات الإنسانية والمبادرات المحلية.

الصورة
نازحون في الصومال (هودان محمد عبد الله / الأناضول)
تراجع ملحوظ للمساعدات الإنسانية لمخيمات النازحين في الصومال(هودان محمد عبد الله / الأناضول)

ويأتي رمضان هذا العام في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من أن الجفاف في جنوبي البلاد، يتوقع من أن يتسبب بوفاة 135 شخصا يوميا خلال النصف الأول من العام الجاري، بينما يواجه أكثر من 43 ألف نازح المرحلة الأولى من الجوع.

مهن تختفي في شهر رمضان

تشكل المهن الحرفية؛ من الطبخ وغسل الملابس وبيع الشاي والتنظفات، مصدر رزق كبيرا للنازحين في المخيمات بضواحي مقديشو، لكن هذه المهن اختفت في رمضان، ما يؤثر سلبا على حياة هؤلاء النازحين.

تقول حواء حسن (أم لطفلين)، إنها كانت تعمل حمالة في السوق، لإعالة حياة أسرتها، لكن هذه الحرفة تضاءلت فرصها نتيجة قلة نشاط السوق خلال شهر رمضان ما جعلها غير قادرة على سد احتياجات طفليها، مضيفة "مع قدوم الشهر الفضيل لم نتمكن من العمل في الخارج، حيث نبقى في المخيم دون أن نجد لقمة العيش".

تعاني البلاد من خمسة مواسم متتالية من شح الأمطار، وهي أطول فترة جفاف عرفتها من البلاد منذ عقود

أما زينب معلم، التي كانت تعمل في الطبخ، فتقول هي الأخرى إن أسرة المنزل الذي كانت تعمل فيه، أبلغتها الاستغناء عن خدماتها قبل يومين من شهر رمضان، حيث بقيت في منزلها بلا عمل منذ أسبوع. مستأنفة "كنت المعيلة الوحيدة لأسرتي المكونة من 7 أفراد".

مخيمات بلا مساعدات في رمضان

لم ينعم مخيم العدالة، كغيره من المخيمات بضواحي العاصمة، بأية مساعدات منذ 6 شهور على الأقل، فالظروف المعيشية فيه لا تختلف كثيرا عن ظروف المناطق التي فروا منها، بحسب رئيس المخيم.

يقول رئيس مخيم العدالة عثمان حسن، إن "وضع المخيم يزداد سوءا بسبب حركة النزوح الجديدة، التي تصل إليه تباعا في كل أسبوع، مع انعدام المساعدات الإنسانية"، مضيفا "نحن نوفر مساحة للسكن، وهم يقومون ببناء أكواخ بأنفسهم دون معيل".

الصورة
نازحون في الصومال (هودان محمد عبد الله / الأناضول)
وضع المخيمات في الصومال يزداد سوءا بسبب حركة النزوح الجديدة (هودان محمد عبد الله / الأناضول)

ولفت حسن، إلى أن "معظم الذين يصلون للمخيم يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، إذ لا هيئات إنسانية تقدم لهم العون وتساعدهم على الاستقرار، وهو ما خيب آمال هؤلاء النازحين الذي يتطلعون لحياة أفضل من المناطق التي فروا منها".

نورية آدم، نازحة وصلت إلى مخيم العدالة، قبل شهر، تقول، إن "المخيم يفتقر إلى كل شيء". موضحة "وصلنا قبل أيام. اصطحبنا بعض أطفالنا وتركنا الآخرين، لشدة الجفاف في بلدة ديمة، بإقليم شبيلي السفلى".

ولفتت إلى أنه "ليس لدينا أي شيء؛ لا طعام ولا شراب، نطالب إخواننا بأن يمدوا لنا يد العون والمساعدة، في شهر رمضان المبارك".

وخلال رمضان، تزدهر المبادرات الإنسانية المحلية لتعوض غياب هيئات إنسانية دولية، سعيا لإدخال الفرحة لهؤلاء النازحين، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة، وقلة المانحين المحليين، حالت دون ذلك، بحسب عبدي إسماعيل، عضو الجمعية الشعبية الخيرية (محلية).

التكافل سلاح النازحين

ورغم المعاناة التي يواجهها النازحون، إلا أن الجانب الإيجابي في هذه المأساة التكافل بين الأسر النازحة فيما بينهم لمواجهة الظروف المعيشية خلال رمضان.

فلم تمنع الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها أسرة كلتومة محمد، استضافة أسرة جارتها مليونة، المكونة من 4 أفراد.

يواجه نحو 5 ملايين شخص حالة من الانعدام الحاد في الأمن الغذائي في الصومال

تقول كلتومة، "الوضع سيئ للغاية في مخيم العدالة، لكن يبدو أن وضعنا أحسن بكثير من وضع الأسرة المجاورة لنا، التي وصلت إلى المخيم قبل شهر تقريبا"، مضيفة أن ما يوفره زوجها، الذي يعمل حمالا، لهم من طعام، تشاركه مع الأسرة المجاورة "هكذا نمضي أيامنا حتى تصل إلينا المساعدات الإنسانية".

وبحسب رئيس المخيم عثمان، فإن "ثقافة التكافل ماتزال منتشرة في المخيمات، رغم تعذر وصول المساعدات الإنسانية إليهم".

ولفت إلى أن "الأسر القديمة في المخيم تقف إلى جانب الأسرة النازحة الجديدة، وتقدم لهم مستلزمات السكن والغذاء، إن توفرت لهم".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعاني البلاد من خمسة مواسم متتالية من شح الأمطار، وهي أطول فترة جفاف عرفتها من البلاد منذ عقود، مما أدى إلى حالة من الانعدام الحاد في الأمن الغذائي، يواجهها نحو 5 ملايين شخص، بحسب تقرير مشترك بين منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ووزارة الصحة الصومالية.

وللحد من أزمة المجاعة المحدقة بـ7.6 ملايين صومالي، تحتاج الأمم المتحدة إلى أكثر من 2.6 مليار دولار، للوفاء بالاحتياجات الإنسانية ذات الأولوية خلال العام الجاري.

(الأناضول)

المساهمون