منعت تحذيرات أطلقها رجال دين في العراق النساء من المشاركة في ماراثون البصرة الذي انطلق اليوم الجمعة، عند الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي، وأجبرت منظمي هذا النشاط الرياضي السنوي على حصر المشاركة بالرجال.
وكثرت الانتقادات التي طاولت فرض جهات دينية أجندتها على المجتمع العراقي في الأيام الأخيرة، وراح ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي يشاركون بثّ مقطع مصوّر لرجال الدين الذين دعوا إلى منع النساء من الماراثون في جنوب العراق، مهدّدين بـ"مواقف أخرى" في حال عدم الاستجابة.
وقال رجال الدين هؤلاء: "بعد سماعنا بأنّ ثمّة سعياً لإقامة ماراثون للنساء في البصرة، وهذه طامة أخرى يُراد منها إخراج نساء البصرة من عفّتهنّ وشرفهنّ إلى الابتذال والسقوط بمكائد الفاسدين، بحجج الرياضة والانفتاح المنحرف، نطالب بإلغاء المشروع وبالسرعة الممكنة"، وفق تعبيرهم، مشدّدين على أنّه "بخلاف ذلك سيرون منّا موقفاً آخر".
عدد من رجال الدين يعلنون رفضهم إقامة ماراثون البصرة بسبب مشاركة النساء و الرجال معاً
— محمد قاسم | MOHAMMED QASIM (@1mohammed_qasim) February 7, 2024
ليش ما نشوفكم تصيحون كلا كلا للفساد بالدوائر الحكومية
منافذ البصرة المخدرات تجي منها أكثر من الطماطة ليش محد يحچي عليها بس يم الماراثون و المهرجانات تطلعون و تحچون؟ pic.twitter.com/yJCXoHgRqi
بدوره، حذّر النائب عن محافظة البصرة أحمد طه الربيعي القائمين على فعالية ماراثون البصرة من "الإساءة إلى البصرة وتاريخها وعمقها الإسلاميَّين"، داعياً في بيان أصدره أوّل من أمس "كلّ الجهات التنفيذية ذات العلاقة إلى التدخّل، وجعل المشاركة في هذا الماراثون محصورة بفئة الذكور دون الإناث".
وأشار الربيعي إلى أنّ "في الوقت الذي ندعم فيه الرياضة والرياضيين في محافظة البصرة، فإنّنا نحذّر من محاولة الإساءة للمحافظة وأهلها وتوجّهها (...) من خلال توجيه دعوة إلى الشباب وإلى كلا الجنسَين للمشاركة في الماراثون الرياضي الذي يسيء إلى تاريخ هذه المحافظة المعطاء".
وعقب ذلك، حاولت إدارة الماراثون طمأنة المعترضين، فأصدرت توضيحاً بشأن المارثون أكدت فيه أنّها "تلتزم بالحفاظ على قيم الدين والأعراف الاجتماعية وتُلزم بها المشاركين من الشباب والعائلات"، مفيدةً أنّها "لن تقبل بأيّ تجاوز على تلك القيم".
وأوضحت إدارة ماراثون البصرة أنّ هذا النشاط "يهدف إلى تسليط الضوء على مدينة البصرة والسياحة فيها، وهو نشاط رياضي يعزّز اللياقة البدنية"، مشدّدةً "لن نسمح بأيّ سلوك يخالف النظام والآداب العامة".
لكنّ إدارة المحافظة تدخّلت، فقال محافظ البصرة بالوكالة محمد طاهر التميمي إنّه "من أجل الحفاظ على قيم ديننا والأعراف الاجتماعية لعراقنا الحبيب، وجّهنا القائمين على إدارة ماراثون البصرة بمنع الاختلاط فيه بين الجنسَين"، مضيفاً "ولا مانع من إقامة الماراثون كفعالية رياضية للذكور فقط. وفي حال مخالفة التوجيه، سوف تتّخذ الإجراءات القانونية بحقّ المخالفين".
في هذا الإطار، قالت الناشطة في المجال الرياضي في البصرة رغد المياحي لـ"العربي الجديد" إنّ "سلطة رجال الدين والعشائر والأحزاب تفرض نفسها بالقوّة على كلّ مفاصل الحياة ومنها الرياضة"، شارحةً أنّ تلك الجهات "تمنع أيّ دور للمرأة في أيّ جزئية من تفاصيل الحياة، وتستغلّ نفوذها وقوّتها وقدرتها لتنفيذ التهديدات ضمن أجنداتها الظلامية".
ورأت المياحي أنّ "الحكومة المركزية، وكذلك المحلية، مسؤولتان عن هذا التسلّط الخارج عن سلطة القانون والدولة، ويجب عليهما محاسبة تلك الجهات ومنعها من فرض أجنداتها على المجتمع"، مشيرةً إلى أنّ "سلطة تلك الجهات اليوم أقوى من الدولة".
يُذكر أنّ العراق شهد، في الأعوام الماضية، منع مهرجانات وفعاليات عدّة بحجّة مخالفتها تعاليم الدين أو الأعراف العشائرية، ولا سيّما أنّ الجهات المعنية تستخدم لغة التهديد والوعيد.