وجه رئيس أساقفة الكلدان في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمالي العراق، المطران نجيب موسى ميخائيل، اليوم الأربعاء، انتقادات حادة للحكومة في بغداد، مؤكدا انخفاض أعداد المسيحيين في العراق إلى الثلث.
ورغم استعادة القوات العراقية لمدينة الموصل وسهل نينوى ذي الأكثرية العربية المسيحية، منذ ما يزيد عن خمس سنوات، إلا أن عمليات عودة العراقيين المسيحيين لديارهم ما زالت تواجه مشاكل كثيرة، أبرزها هيمنة الجماعات المسلحة الحليفة لإيران على مناطق واسعة، وتنصل الحكومات المتعاقبة في بغداد، من تعهدات إعادة إعمار مدنهم.
ونقلت شبكة تلفزيون عراقية محلية، عن رئيس أساقفة الكلدان في الموصل، المطران نجيب موسى ميخائيل، قوله إن "المكون المسيحي أصيل وهو من أقدم المكونات الموجودة في هذه المنطقة، وخاصة في سهل نينوى"، مستدركاً "نلاحظ أنه يوما بعد يوم يتناقص عدد المسيحيين ويزداد معدل هجرتهم الى الخارج، وهذا يعد مؤشراً خطيراً جداً، لاسيما وأن هنالك أسباباً تدفع المسيحيين الى الهجرة".
وأكد المطران ميخائيل أن "حقوق المسيحيين منتهكة بشكل أو بآخر، ولا يرون أي دعم من الحكومة المركزية (الحكومة العراقية ببغداد) بشكل خاص، وكذلك الحقوق من حيث التعيينات أو فرص العمل أو المساواة في قوانين الدولة". وأوضح أن "هنالك الكثير من الأمور في الدولة فيها إجحاف بحق المسيحيين وكذلك الإخوة الأيزيديين والكاكائية والصابئة المندائية وغيرهم، وما يجري لهذه المكونات الأصيلة الجميلة التي تعطي نكهة للعراق وحضارته القديمة يعد خسارة للجميع".
وبخصوص أعداد المسيحيين في العراق، أشار المطران ميخائيل إلى أنه "قبل غزو تنظيم داعش كان عدد المسيحيين في العراق يتراوح بين المليون والمليون ونصف المليون بشكل عام، لكن العدد الآن هو أقل من الثلث، أما البقية، فإما سافروا الى دول الجوار أو هاجروا في طريق اللاعودة"، مستدركاً أن "ذلك يجب ألا يجعلنا نيأس من عودة هذه المجموعات وهذا المكون بطريقة صحيحة ونعطي للكنيسة دورها الحقيقي في خدمة المجتمع من حيث السلام والمحبة، وأيضاً الكفاءات الموجودة عند المكون المسيحي للأسف نراهم في الخارج".
وأعرب عن أمله في أن "تعمل الحكومة الجديدة جاهدة على أن يكون كل المواطنين سواسية. نريد أن يقود المكون المسيحي نفسه وكنيسته وليس من قبل أصوات أخرى دخيلة"، وفق قوله.
المطران نجيب موسى ميخائيل رأى أن "تمثيل المسيحيين في البرلمان حقيقي وفعلي وهم يعملون، لكنهم لا يمتلكون كل الحرية في تقرير ما يريدون"، مردفا أن "ممثلي المسيحيين ليسوا أحراراً في فعل ما يريدون".
أما بشأن ملف التعويضات، فقد ذكر المطران نجيب موسى ميخائيل أن "التعويضات التي حصل عليها المسيحيون جراء دخول داعش لمناطقهم وتدميرها قليلة جداً، والكنيسة لم تتسلم أي شيء ولذلك أستطيع القول إن 95% من المسيحيين لم يتسلموا أي شيء"، منوها إلى أن "عودة المسيحيين إلى الموصل خجولة، لأن معظم بيوت المسيحيين وخاصة في الجانب الأيمن مهدمة".
ولفت إلى أن "كنائسنا وأديرتنا التي يبلغ عددها 35 والتي منها قديمة تعود إلى القرنين الرابع والخامس، لم تقم الدولة بصرف أي مبلغ عليها، بل أحياناً تضع عقبات من حيث الضرائب، حيث ندفع ضرائب للفترة التي كان فيها تنظيم داعش يستولي على كنائسنا وهدمها واستباح املاكنا"، معتبراً أن "هنالك اجحافاً بحق المسيحيين بشكل واضح".
عراقيل حكومية أمام المنظمات
وأوضح أن "معظم المنظمات التي تريد العمل في الكنائس انسحبت، بسبب العراقيل التي تضعها الحكومة في طريقها أو النسب المئوية التي تريد أخذها منها"، مبينا أن "المنظمات تقدم لنا المساعدات مجاناً، لكن الحكومة تبتزها، وكل هذه العراقيل تجعل المسيحيين لا يعودون الى الموصل".
وتابع ميخائيل: "لا نريد أن تحكم دول الجوار العراق، بل نريد أن يدير العراقيون أنفسهم بأنفسهم، وتدير الكفاءات الدولة، وليس بعض المكونات التي نكون على محك معها في بعض الأحيان، لذا يجب أن يكون المكون الأصيل هو من يدير ويحكم ويساعد في إدارة الدولة، وأيضاً وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وبذلك يكون مستقبل العراق أجود".
وكان بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، الكاردينال لويس ساكو، قد لفت في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ السبب الرئيسي لاستمرار نزوح آلاف الأسر المسيحية من سهل نينوى وأنحاء أخرى في شمال العراق يعود إلى هيمنة الجماعات المسلحة وغياب الإعمار في تلك المناطق، محذّراً من أنّ تلك المليشيات والعصابات "تمثّل خطراً على المجتمع العراقي ككلّ، وعلى المسيحيين بصفتهم أقليّة". وإذ أكّد ساكو أنّ "الحكومات العراقية لم تسعف المسيحيين بإعمار مدنهم وكنائسهم كما ينبغي"، رأى أنّه يجب على "الحكومة والمنظمات الدولية تقديم المساعدات لإعادة إعمار البلدات المسيحية".