دول الاتحاد الأوروبي تتفق على ميثاق اللجوء والهجرة... العين على الترحيل وحماية الحدود

09 فبراير 2024
يتضمن الميثاق خطوات لمنع قوارب الموت والاتجار بالبشر (ياسين جيدي/الأناضول)
+ الخط -

توصلت دول الاتحاد الأوروبي الـ27، أمس الخميس، إلى اتفاق جديد بشأن ميثاق اللجوء والهجرة. وتتطلب البنود العشرة للاتفاق تصويت البرلمان الأوروبي لإقرارها نهائيا قبيل انتخاباته المقررة في يونيو/ حزيران القادم.

ويعدّ الاتفاق على ميثاق أوروبي للهجرة الأول بعد جهود تواصلت منذ 8 سنوات، أي منذ ما سمي بأزمة اللجوء في 2015، إذ شهدت القارة تدفقا هائلا من طالبي اللجوء نحوها، وخصوصا عبر مسار البلقان والبحر الأبيض المتوسط.

8 سنوات للتوصل إلى ميثاق اللجوء

ومنذ الأزمة في عام 2015، عندما عبر أكثر 1.2 مليون شخص الحدود، يحاول الأوروبيون إيجاد حل لمشكلة خلافاتهم بشأن الهجرة. فاستغرق الأمر ثماني سنوات للتوصل إلى الاتفاق الحالي.

تنصّ الاتفاقية الأوروبية الجديدة على بنود تجعل مسألة حسم الطلبات أسرع، إلى جانب تسريع ترحيل من رفض منحه رخصة إقامة. وقرر الأوروبيون تبني "قواعد موحدة لتحديد هوية المواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي عند وصولهم، حتى يتسنى تعزيز الأمن في منطقة شينغن".

وبموجب بنود الاتفاق الجديد، سيقوم الأوروبيون بإنشاء "قاعدة بيانات مشتركة" بيومترية لبصمات الأصابع، بحيث تحتوي على معلومات أكثر دقة للكشف عن "السفر غير المصرح" بين دوله لطالبي اللجوء. ويسعى الاتفاق إلى أن تصبح معالجة طلبات اللجوء "أكثر كفاءة"، ربطا بمعالجة تلك الطلبات والإعادة (الترحيل) إلى الأوطان الأصلية، هذا إلى جانب "تسريع ورفع كفاءة مراقبة الحدود".

وفي القضية التي قسمت الأوروبيين وشلت تعاونهم منذ 2015-2016 فيما خص توزيع أعباء اللجوء بين دول الاتحاد، اتفق الأوروبيون على عدم ترك عدد قليل من الدول للتعامل مع أغلبية أعداد اللاجئين، كما كانت تشتكي اليونان وإيطاليا وغيرها من دول الوصول والعبور نحو البر الأوروبي. واتفقوا أيضا على وجود "قواعد للتعامل مع الأزمات، حتى يتمكن الاتحاد التعامل مع التدفقات المفاجئة للمهاجرين مستقبلا"، وهو ربط بما جرى في العبور الكبير لأكثر من مليون شخص نحو القارة، وأغلبيتهم توجهوا نحو ألمانيا والسويد. وفي سبيل تحقيق ذلك توافقت أوروبا على تعامل مختلف في المستقبل حال تعرضت حدودها الخارجية لضغط طالبي اللجوء.

ويبدو أن التحسينات التي طرأت خلال السنوات التي أعقبت 2015 أصبحت جزءا من اتفاق القارة على تشديد حراسة حدودها الخارجية، كما هو الحال مع تعزيز وكالة فرونتكس (الوكالة الأوروبية لحراسة الحدود الخارجية) وخطوات اتخذتها إيطاليا واليونان، ودول في شرق أوروبا، لتعزيز الحراسة ومنع ما يسمونه "تهريب البشر".

ويقضي الاتفاق في هذا السياق رفع كفاءة "نظام الإنذار"، في حالة وجود "زيادة مفاجئة في التدفق" (تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى حدود أوروبا). وذلك يشمل "تحسين التعاون مع منظمات الإنقاذ الخاصة التي تساعد القوارب على الوصول إلى بر الأمان في أوروبا، وبما يضمن أن جهود تلك المنظمات لا تؤدي إلى الملاحقة القضائية".

بموجب الاتفاق الأوروبي الجديد، يجري إنشاء وكالة جديدة "للتأكد من أن استقبال اللاجئين يتوافق مع المعايير الأوروبية". وفي 2022 جرى الاتفاق على تحديث منصب "منسق الإعادة إلى الأوطان الأصلية (الترحيل/التسفير)"، لضمان وجود نظام أوروبي فعال وموحد وملزم لتنسيق الجهود المتعلقة بترحيل طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم في دول القارة.

وفي الإطار، جرى سابقا (بداية 2023) الاتفاق على ما سمي "مخطط طوعي" تقبل من خلاله الدول الأعضاء التفاوض مع "دول الجنوب"، التي يأتي منها اللاجئون، من أجل استقبال القادمين منها نحو البر الأوروبي. ويشمل ذلك دول المنشأ التي يحصل مواطنوها على اللجوء بنسبة أقل من 20 في المائة، بحسب ما اتفق الأوروبيون في تصنيف قابلية الحصول على اللجوء بعد دراسة الطلبات.

الاتفاق الأوروبي الجديد بات يرضي الدول المطالبة بسياسات لجوء وهجرة أكثر صرامة، كما تفعل على سبيل المثال رئيسة حكومة إيطاليا جيورجيا ميلوني، ومطالب رئيس حكومة المجر فيكتور أوربان. وتسعى أوروبا إلى زيادة السيطرة على الحدود الخارجية للقارة، بحيث يجري "تغيير قواعد اللعبة"، كما ذكرت رئيسة المفوضية أورسولا فون ديرلاين في وقت مبكر من المفاوضات الأوروبية.

ومنذ أكثر من شهرين، دخل الأوروبيون في تفاوض حول الاتفاق الجديد، وبصورة خاصة حول ما أطلق عليه "خطط عمل ملموسة لمكافحة الهجرة غير النظامية عبر البحر الأبيض المتوسط ​​والبلقان والمحيط الأطلسي"، لأجل تخفيض أعداد اللاجئين/المهاجرين السريين نحو القارة، وهي مطالب ظلت ترفع منذ 2015.

وكان شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي قدم ملامح لهذا الاتفاق الجديد، الذي وصف آنذاك من بعض قادة أوروبا بأنه "تاريخي"، بينما أشار منتقدوه إلى أن ساسة القارة التقليديين سارعوا إلى تبينه "لأجل قطع الطريق على الشعوبيين واليمينيين" الذين يتقدمون في الاستطلاعات السابقة لانتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في 9 يونيو/حزيران القادم.

وشهدت القارة الأوروبية، وفق أرقام مفوضية الاتحاد الأوروبي عن 2023، دخول أكثر من 281 ألف مهاجر سري، كما يطلق على طالبي اللجوء الذين يعبرون الحدود الأوروبية، وبينهم نحو 184 ألفا و500 وصلوا عبر القوارب.

وكان العام الذي سبقه، 2022، شهد رفض 431 ألف طلب لجوء، وطُلب من هؤلاء مغادرة دول الاتحاد، وأكثرية المزمع تسفيرهم جاءوا من المغرب والجزائر وباكستان وأفغانستان وألبانيا الجنسيات. وهؤلاء من يسعى الأوروبيون لتسريع تسفيرهم، بعد أن بينت أرقام المفوضية الأوروبية نفسها أنه فقط 17 في المائة يجري تسفيرهم، ولاسيما أولئك القادمون من سورية وساحل العاج وغينيا وبنغلادش.

المساهمون