دورات اندماج "إلزامية" للأجانب في تركيا

23 ديسمبر 2022
لن يستطيع الأجانب المقيمين الحصول على شهادات اندماج من دون حضور (علي أتماكة/ الأناضول)
+ الخط -

تخبر اللاجئة السورية في تركيا، منال يوسف، "العربي الجديد" أنها خضعت لدورة اندماج منذ عامين، لكنها نسيت كل ما تعلمته في اليوم التالي، لأن الدورة كانت ليوم واحد فقط، ومدتها نحو 4 ساعات، و"شهدت تلقين الحضور مع 11 سورياً آخرين، معلومات عن الحقوق والواجبات، واحترام العادات وقوانين السير، والحصول على أوراق من الدوائر الرسمية.
وتشير إلى أن الدورة "لم تكن إلزامية"، وقيل لها إنها ستفيدها على صعيد إدراج اسمها ضمن قوائم الترشيح للجنسية الاستثنائية. وتقول: "حصلت على شهادة الاندماج التي استفدت منها فقط في استصدار بعض الوثائق".
وحالياً، يبدو أن تركيا حسمت أمرها بشأن تنظيم دورات اندماج لكل الأجانب على أراضيها، تمهيداً لتجنيبهم أي مشاكل ومعوقات خلال استصدار أوراق ثبوتية أو تجديد إقاماتهم، لأن وثيقة الاندماج ستكون ضمن الأوراق المطلوبة، بحسب ما يوضح العامل السابق في إدارة الهجرة، شوكت أقصوي الذي يقول لـ"العربي الجديد": دورات الاندماج مهمة لجميع الأطراف، فهي تسمح للمقيمين بالاطلاع على القوانين والعادات وحتى الحقوق، وكذلك للسلطات التركية بمعرفة من يقيمون على أراضيها، وتأهيلهم حول حقوقهم وواجباتهم، خاصة بعد تفشي الكراهية لدى بعض أطياف الشعب، وهو ما غذته الأحزاب لمحاولة تحقيق مكاسب انتخابية.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويحذر أقصوي من لجوء الأجانب إلى "مكاتب سمسرة" للحصول على شهادات اندماج من دون حضور، "فهذه التجاوزات يمكن أن يكشفها نظام إدارة الهجرة الموصول بمراكز التعليم الشعبية التي تشرف على تنظيم هذه الدورات".
ويدعو مدير التواصل والاندماج في رئاسة إدارة الهجرة التركية، غوكتشة أوك، الأجانب المقيمين إلى حضور دورات الاندماج الاجتماعي التي أطلقت بالتعاون مع وزارة التعليم، بهدف تعريف الأجانب المقيمين بعادات وتقاليد المجتمع التركي، والتي تقدم تعليماً حول الحقوق والواجبات، والهيكل الثقافي، والتقاليد والعادات والحياة الاجتماعية، وتشرح كيفية الوصول إلى الرعاية الصحية.
ويوضح أقصوي أن "الدورات تشمل 8 مناهج تتناول الحقوق والمسؤوليات، والقضايا القانونية الخاصة بالأفراد والأسرة، وشؤون التعليم، والصحة، والحياة الاجتماعية، والقواعد والعادات والبنية والهيكل الثقافي التركي. وهي مجانية، وتستقطب جميع الأجانب من كل الأعمار، ما يعني عدم قبول أعذار من يتغيّب عنها".
لكن ذلك لا يمنع التركية عائشة بوستان (64 عاماً) من وصف الدورات بأنها "روتينية وشكلية أكثر منها واقعية، لأن فترتها لا تزيد عن 8 ساعات تتوزع على أسبوع. وهي نظرية ولا تكفي لإعطاء فكرة كاملة للأجانب عن الحياة والقانون والعادات التركية. لكنها مفيدة أيضاً في جميع الأحوال".
وتضيف في حديثها لـ"العربي الجديد": "لا بدّ أن تكون هذه الدورات لمدة أطول، وتتخللها جوانب عملية، كأن يعيش الأجنبي مع أسر تركية، أو تطبيق حالات عملية في دوائر رسمية، وفرض إدارة الهجرة اللغة التركية في دورات الاندماج إجراء مهم جداً ولو جاء متأخراً، لأن إجادة اللغة التركية هو ألف باء الاندماج، علماً أن هذه الدورات تنظم منذ سنوات باستخدام لغات عدة، بينها العربية، من خلال مترجم أو شخص حاصل على الجنسية، ويتحدث باللغة المعنية".

تصرّ تركيا على اندماج الأجانب في ثقافتها (غايل أورانشتاين/ Getty)
تصرّ تركيا على دمج الأجانب المقيمين في ثقافتها (غايل أورانشتاين/ Getty)

وتقترح إخضاع الأجانب لدورات تأهيل متخصصة ومنفردة "لأن المقيمين الدائمين لا بدّ أن يعيشوا طقوس الأتراك من أعراس ومآتم وعادات استهلاكية، وليس الاطلاع عليها نظرياً فقط". 
وفيما تستهدف الدورات نحو مليوني أجنبي يقيمون في تركيا، بهدف تأهيلهم قانونياً واجتماعياً، ينصح رئيس تجمع المحامين السوريين بتركيا غزوان قرنفل جميع السوريين بالمشاركة فيها، خصوصاً أنها مجانية ومخصصة لجميع حملة بطاقة الحماية المؤقتة "كيملك"، أو إقامات سياحية، وهي "إذا لم تفد الناس لن تضرهم، وأتوقع أن تطلب الدوائر التركية في مراحل لاحقة شهادات الاندماج خلال استصدار السوريين أي وثيقة لهم، بينها أذن السفر، وتحديث بيانات الكيملك".
ويتمنى أن تأخذ دورات الاندماج شكلاً ومضموناً مثاليين على صعيد المدة وطريقة التأهيل، "فتعليم الأجانب من أي جهة يقطعون الشارع، والالتزام بالشارة الضوئية، استخفاف وإهانة لهم، في وقت هناك أولويات أهم على صعيد القوانين والعادات التركية التي يتسبب جهل الأجانب بها في تصعيد الكراهية ضدهم، وصولاً إلى استهدافهم".

وحول لغة الدورة، يشير قرنفل إلى أنها كانت بلغات عدة، بينها الإنكليزية والفرنسية والروسية والألمانية والفارسية والعربية، من خلال وجود مترجمين، أما اعتماد اللغة التركية في الدورات الحالية فضروري ومحق، علماً أن مدة الدورات غير كافية لشرح المنهج الموضوع لعرض الأخلاق العامة والاجتماعية والعادات الخاصة بالمجتمع التركي، وتعريف الأجنبي بحقوقه ومسؤولياته في البلد، والتعريف بالمؤسسات الأساسية، وإلى أين يمكن التوجه في حال مواجهة مشكلات، أو للحصول على احتياجاته اليومية، وشرح آليات المعاملات المصرفية، وكيفية فتح حسابات مصرفية، واستخدام خدمات البريد، وكيفية الوصول إلى أرقام الطوارئ، والحصول على المساعدة، إضافة إلى تعليم إجراءات الزواج، والالتحاق بالمدارس، وتسجيل المواليد".

المساهمون