"درب الساعي"... تراث قطر بنكهة المونديال

الدوحة

أسامة سعد الدين

أسامة سعد الدين
أسامة سعد الدين
صحافي سوري، مراسل "العربي الجديد" في قطر.
09 ديسمبر 2022
فعاليات "درب الساعي" تنطلق في قطر تزامناً مع مونديال 2022
+ الخط -

أضفت أجواء المونديال نكهة خاصة على فعاليات "درب الساعي"، الذي يعتبر تقليداً سنوياً تحتفل فيه قطر بيومها الوطني في 18 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام إحياء لذكرى مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني (1827 - 1913)، الذي تولى الحكم في 18 ديسمبر عام 1878، وأرسى قواعد دولة قطر الحديثة، وأصبحت في ظل حكمه كياناً عضوياً واحداً متماسكاً وبلداً موحداً مستقلاً. ويحمل احتفال هذا العام شعار "وحدتنا مصدر قوتنا".
وتستهدف فعاليات "درب الساعي" التي انطلقت في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تعزيز مشاركة المواطنين والمقيمين والزوار في احتفالات اليوم الوطني، وإبراز تاريخ قطر وتراثها الأصيل، ومواكبة الحدث الرياضي الأبرز عالمياً، مونديال 2022، الذي تستضيفه البلاد وتختتم منافساته في ذكرى اليوم الوطني.
ويستقطب "درب الساعي" في مقره بأم صلال محمد، شمالي الدوحة، أعداداً من جماهير المونديال من مختلف الجنسيات، بعضهم يرتدون قمصان فريق بلادهم، فيما يرتدي آخرون الزي القطري.
على مقربة من شاشة عملاقة وضعت لتمكن الجمهور من متابعة المباريات الرياضية، تقف مجموعة من الشبان يرتدون الزي القطري، فيما كان أحدهم يرتدي الزي المكسيكي. وراح الشاب القطري يثبت "العقال" لآخر بدا أنه أجنبي. ويقول نانسون، القادم من كندا، لـ"العربي الجديد"، إنه أحب هذا الزي فأراد تجربته وشعر بسعادة غامرة، لافتاً إلى أنه تعرف خلال زيارة درب الساعي إلى عادات وتقاليد وتراث القطريين، ويشيد بما شاهده في قطر من ملاعب عملاقة وشبكة مواصلات ونهضة في مختلف المجالات، مؤكداً أنه سيكرر زيارة الدوحة مستقبلاً.
وقال زير العمل القطري علي بن صميخ المري إن "تزامن افتتاح فعاليات درب الساعي مع استضافة الدولة لكأس العالم يتيح الفرصة لكل العالم للاطلاع على ثقافتنا وتاريخنا". وتُبرز فعاليات "درب الساعي" جوانب عدة من تراث وثقافة قطر، وتُعقد أمسيات شعرية وموسيقية، وندوات أدبية وفكرية وفنية، إلى جانب معارض ومسابقات، وعدد من الحرف والألعاب الشعبية. ويتعرف الزوار إلى طبيعة الحياة في البادية والبيئة القطرية والصيد. 
وتعد "المقطّر" من أبرز الفعاليات التي تستقطب زوار "درب الساعي"، وتحاكي نمط حياة البادية قديماً. وأوضح رئيس الفعالية عبد الرحمن أحمد البادي المعاضيد لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، أن الفعالية عبارة عن بيوت الشعر المتقاطرة بخط مستقيم. وعندما يأتي الشخص من بعيد يرى البيوت وكأنها متقاطرة وقريبة بعضها من بعض، مشيراً إلى أن بيوت الشعر قديماً كانت تجمع الناس على اختلاف فئاتهم للحديث والتسامر وتناقل الأخبار.

الصورة
فعاليات "درب الساعي" (العربي الجديد)
فعاليات "درب الساعي" (العربي الجديد)

كما تحدث عن نشاط ركوب الهجن الذي يأتي ضمن أنشطة المقطر والعزبة، ويشهد إقبالاً من الأطفال تحديداً، ويهدف إلى ربط الأجيال الجديدة بحياة الآباء والأجداد، إذ إن المطايا كانت وسيلة التنقل والترحال قديماً، كما يظهر معاناة الآباء والأجداد قديماً من أجل بناء حاضر هذا الوطن للأجيال الجديدة. فرغم المعاناة، كانوا يحافظون على دينهم وعاداتهم وتقاليدهم وحبهم لوطنهم.
وتضم الفعالية أيضاً نشاط الصقور والقنص، ويهدف إلى تعريف الزوار بالصقور وأنواعها وأدوات القنص والصيد، وكيفية إعداد القهوة العربية وغيرها من الأنشطة الثقافية. وتُشير فعالية العزبة إلى بيت الشعر الذي يحتوي على معدات القنّاص التي يحتاجها في القنص والصيد، لذلك تجد فيه كل ما يخص الهجن والخرج وأدوات ركوب الهجن ومسمياتها وتركيبها. وتعكس "العزبة" بيت الشعر القديم المخصص لاستقبال الضيوف، وثمة ركن لتعليم الأطفال كيفية شد الذلول بالطريقة الصحيحة.
ويشهد مضمار الدرب مسابقات الخيل والرمي من على ظهر الخيل ومسير الهجن العربية الأصيلة. وتتيح فعالية "الشقب" للزوار التعرف إلى التراث القطري في ما يخص تربية الخيل العربية وترويضها واستخداماتها المتنوعة قديماً.

وبحسب اللجنة المنظمة لمهرجان "درب الساعي"، تُوثق فعالية "البدع" البيئة التراثية البحرية القطرية بشكلٍ مصغر، ومنطقة البدع، وهي "الفريج" (الحي) القديم المجاور للبحر، وتستقطب الجمهور عادة لما لها من امتداد تراثي عميق وموروث قطري أصيل يعكس مشاعر الألفة والتراحم بين الناس. وتضم البدع المجلس وبيت المطوع والمقهى الشعبي ومجلس النوخذة والنهام وعكاس "الفريج"، بالإضافة إلى الألعاب الشعبية التراثية، مثل شد الحبل وخطف الشراع و"صده رده" والمسابقات الثقافية.
إلى ذلك، تعبر فعالية "الحوش" عن جانب أصيل من حياة أهل قطر، إذ تمثل المتنفس اليومي للعائلة، وتمارس فيه أنشطة أسرية، ومنها قضاء الوقت في الألعاب ذات الطابع التنموي والاجتماعي، مثل لعبة الرين ولعبة الخشيشة، وتوفر للزوار أكثر من 20 نشاطاً ترفيهياً.

الصورة
فعاليات "درب الساعي" (العربي الجديد)
فعاليات "درب الساعي" (العربي الجديد)

ويشيد ميسرة ملص، القادم من الأردن، بما لمسه في قطر، قائلاً: "لا نستطيع إلا أن نرفع القبعة لدولة قطر على الإنجازات التي مكنتها من تنظيم  بطولة كأس العالم لكرة القدم"، لافتاً إلى الانسيابية في الحركة على الرغم من أعداد الجماهير الكبيرة التي ترتاد الملاعب. كما أن البنية التحتية من جسور وتقاطعات وطرقات جعلت من الأزمة المرورية شيئاً من الماضي. وحول إجراءات المطار، يوضح ملص أن الوقت الذي أمضاه بين هبوط الطائرة والخروج من مبنى المطار لم يتجاوز 20 دقيقة، مضيفاً: "الأجمل ما يجري خارج الملاعب من فعاليات موازية وسهولة الحصول على المعلومات وتطويع التكنولوجيا في خدمه آلاف الجماهير من بطاقة هيّا التي تسمح بدخول قطر بكل سهولة"، كما يتحدث عن "لطف رجال الأمن واحترافية التعامل، ما يدل على تدريب عالي المستوى جرى الإعداد له منذ سنوات، ويشير إلى أن "اللفتات الذكية تجاه القضايا القومية، وعلى رأسها القضية الفسطينية والشعور الديني للشعب العربي المسلم، لامست قلوب الملايين في قطر وخارجها"، ويختم حديثه قائلاً: "مبروك لقطر ومبروك لنا كشعب عربي هذا الإنجاز المذهل".

وعُرف "درب الساعي" بأنه الطريق الذي استخدمه "مناديب" المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، الذين ائتمنهم على رسائله وتوجيهاته الداخلية والخارجية، وعُرف هؤلاء "المناديب" بالولاء والطاعة والشجاعة والفطنة للقيام بهذا الدور الحساس في أصعب الأوقات، وكانوا يؤدون مهامهم على ظهور الهجن القطرية.

ذات صلة

الصورة
الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والدكتور عزمي بشارة يشاركان بحفل التخريج (العربي الجديد)

مجتمع

احتفل معهد الدوحة للدراسات العليا بتخريج الفوج الثامن من طلبة الماجستير بحضور رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
الصورة
أصيب حسن وأحمد في قطاع غزة (حسين بيضون)

مجتمع

قلما ينجو فلسطيني في غزة من صواريخ مسيّرات الاحتلال التي يطلق عليها محلياً اسم "الزنانة"، وكان من بين ضحاياها الشابان حسن أبو ظاهر وأحمد بشير جبر.
الصورة
سورلينغ

رياضة

حلت السويدية بيترا سورلينغ، رئيسة الاتحاد الدولي لكرة الطاولة، ضيفة على "العربي الجديد"، للحديث عن النسخة المقبلة لبطولة العالم، التي من المقرر أن تقام بالدوحة.

الصورة
كأس آسيا شهدت نجاحاً كبيراً (العربي الجديد/Getty)

رياضة

وصلت رحلة بطولة كأس آسيا لكرة القدم لنهايتها، وشهدت تتويج منتخب قطر باللقب بعد الفوز في النهائي الذي أقيم على استاد لوسيل أمام المنتخب الأردني بنتيجة 3-1.

المساهمون