- التغيرات في معدلات الخصوبة تنذر بتحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة، مع توقعات بزيادة الاعتماد على الهجرة لدعم النمو الاقتصادي في الدول ذات الخصوبة المنخفضة.
- خبراء منظمة الصحة العالمية يحذرون من النقص في البيانات ويشيرون إلى الفوائد والتحديات المحتملة لتراجع عدد السكان، مؤكدين على الحاجة لإعادة تنظيم المجتمعات استجابةً للتغيرات الديموغرافية.
خلصت دراسة واسعة حديثة إلى أنّ عدد السكان في كلّ دول العالم تقريباً سوف يتراجع بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، محذّرةً من أنّ طفرات المواليد في الدول النامية وتدهورها في الدول الغنية سوف تؤدّي إلى تغيّر اجتماعي هائل.
ويشهد نصف بلدان العالم تقريباً معدّل خصوبة منخفضاً جداً في الوقت الراهن، الأمر الذي لا يتيح لها الحفاظ على عدد السكان فيها، بحسب ما أفاد فريق دولي يضمّ مئات الباحثين في نتائج دراسة نشرتها مجلة "ذا لانست" العلمية.
ومن خلال استخدام كمية هائلة من البيانات العالمية عن الولادات والوفيات والأسباب المحفّزة للخصوبة، حاول الباحثون التنبّؤ بمستقبل سكان العالم، فخلصوا في الدراسة التي أعدّها معهد القياسات الصحية والتقييم (IHME) الذي يتّخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقرّاً له، إلى أنّ عدد السكان في ثلاثة أرباع بلدان العالم سوف يتقلّص بحلول عام 2050.
وتوقّع الباحثون أن ينطبق ذلك في نهاية القرن على 97 في المائة من البلدان، أو 198 من أصل 204 دول ومناطق.
💥Dramatic💥 declines in global fertility forecasted to transform global population patterns, fertility levels significantly below replacement levels by 2100, with only 6 countries able to continue maintaining population size over time #GBD2021 ➭https://t.co/luZXsdmQ1g pic.twitter.com/vakltMeAhT
— Institute for Health Metrics and Evaluation (IHME) (@IHME_UW) March 21, 2024
وبحسب الدراسة، وحدها ساموا والصومال وتونغا والنيجر وتشاد وطاجيكستان سوف تسجّل معدّلات خصوبة متوقّعة تتجاوز مستوى الإحلال البالغ 2.1 مولود لكلّ أنثى في عام 2100.
وفي القرن الجاري، سوف تستمرّ معدّلات الخصوبة في الارتفاع في البلدان النامية، خصوصاً في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، على الرغم من تباطؤ هذه الزيادة في الدول الأكثر ثراءً وشيخوخة.
في هذا الإطار، قال كبير معدّي الدراسة ستاين إميل فولست، من معهد القياسات الصحية والتقييم، في بيان، إنّ العالم سوف يواجه في الوقت نفسه طفرة مواليد في عدد من البلدان و"كساد مواليد" في بلدان أخرى. وأضاف فولست: "سوف نواجه تغيّراً اجتماعياً مذهلاً في القرن الحادي والعشرين".
من جهتها، تحدّثت الباحثة في معهد القياسات الصحية والتقييم ناتاليا بهاتاشارجي عن "تداعيات هائلة" لهذا الوضع. وأوضحت أنّ "هذه الاتجاهات المستقبلية في معدّلات الخصوبة والمواليد الأحياء سوف تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي وتوازن القوى الدولي بالكامل، وسوف تتطلب إعادة تنظيم المجتمعات".
وبمجرّد أن يتقلّص عدد سكان كلّ دولة تقريباً، فإنّ الاعتماد على الهجرة المفتوحة سوف يصير ضرورياً لدعم النموّ الاقتصادي.
لكنّ خبراء لدى منظمة الصحة العالمية حثّوا على توخّي الحذر بشأن هذه التوقعات، وأشاروا إلى مواضع قصور عدّة في النماذج المدروسة، ولا سيّما النقص في البيانات الواردة من دول نامية عدّة.
وكتب خبراء منظمة الصحة العالمية في مجلة "ذا لانست" أنّ التواصل بشأن الأرقام "لا ينبغي أن يكون مبنيّاً على الإثارة، بل يجب أن يكون دقيقاً ويوازن ما بين المنحى التشاؤمي وذلك التفاؤلي".
وأشار الخبراء الأمميون كذلك إلى فوائد محتملة من تراجع عدد السكان عالمياً، خصوصاً في مجالَي البيئة والأمن الغذائي. لكنّ ثمّة عيوبا في ما يتعلق بحجم اليد العاملة والضمان الاجتماعي و"الجغرافيا السياسية القومية".
بدورها، رأت الباحثة في مجلس البحوث الوطني الإسباني تيريزا كاسترو مارتن، غير المشاركة في الدراسة، أنّ هذه الأرقام مجرّد توقعات. وأشارت إلى أنّ الدراسة التي نشرتها "ذا لانست" تتوقّع انخفاض معدّل الخصوبة العالمي إلى ما دون مستويات الإحلال بحلول عام 2030، "في حين تتوقّع الأمم المتحدة أن يحدث ذلك بحدود عام 2050".
يُذكر أنّ هذه الدراسة بمثابة تحديث لدراسة العبء العالمي للأمراض التي كان قد أعدّها معهد القياسات الصحية والتقييم في وقت سابق. ويُعَدّ هذا المعهد الذي أنشأته مؤسسة "بيل وميليندا غيتس" في جامعة واشنطن مرجعاً عالمياً للإحصاءات الصحية.
(فرانس برس)