دراسة ترصد انتهاك حقوق سجناء تونس في زمن الأزمات

15 سبتمبر 2022
خارج أحد سجون تونس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت دراسة حديثة اشتركت فيها أكثر من 15 جمعية ومنظمة مدنية في تونس، أن حقوق الأشخاص المحرومين من حريتهم تزداد صعوبة في البلاد بسبب الأزمة السياسية وتداعيات جائحة كورونا الصحية، مع تراجع دور هيئة مكافحة التعذيب.

ووفقاً للدراسة التي شاركت فيها منظمات، من بينها "فريديريش إيبارت" و"الأوروموسطية للحقوق" و"موجودون"، فإن الهيئات المدنية المكلفة بمراقبة وضعية الأشخاص في السجون ومراكز الإيقاف والاحتفاظ، وكذا مراكز مناطق العبور في المطارات والموانئ ومراكز إيواء اللاجئين، لا تحظى بالدعم اللازم للقيام بمهامها الشاملة.

واعتبرت الدراسة أن المقاومة الواضحة لأعوان الأمن والمسؤولين عن مراقبة المحتجزين لهيئات الرقابة تكشف عن عقلية أمنية ثابتة وموروثة من زمن الاستبداد، وعن عدم وعي بمخاطر التعذيب أو العقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة.

وقالت إن الضمانات الأساسية التي نص عليها قانون صدر عدم 2016 غير محترمة، إذ لا يزال الاستنطاق القسري إثر إيقاف المشتبه بهم قائما، وهو ممارسة شائعة في تحقيقات الشرطة.

وأكدت المحامية والناشطة الحقوقية نادية الشواشي، لـ"العربي الجديد"، "تواصل انتهاك حقوق وحريات الموقوفين داخل أقسام الشرطة، وذلك في مرحلة الاستنطاق الأولي"، مشيرة إلى أن "حجم الانتهاكات يتصاعد في السجون التي تحولت إلى مؤسسات لا إنسانية" بحسب تعبيرها.

واعتبرت الشواشي أن "مراكز الاحتفاظ والإيقاف أقل انتهاكا للحقوق والحريات، رغم أنها تسجل حالات عنف على فترات" .

وأوضحت المتحدثة أن "السجون أصبحت وحدات انتهاك شاملة لحقوق المودعين، في غياب أي خطط لإصلاح منظومة العقاب في تونس"، مؤكدة "تصاعد هذه الانتهاكات في زمن الأزمة الصحية والسياسية، إذ تصادر حقوق السجناء والموقوفين في تتبع المعتدين، سواء من قبل الشرطة في مراكز البحث أو داخل الوحدات السجنية".

هذا، وتحدثت الدراسة كذلك عن تزايد عنف الشرطة ضد المتظاهرين السلميين في الفضاءات العامة، مؤكدة رصد هيئة مكافحة التعذيب ارتفاع نسق القيود التعسفية على الحريات من قبل وزارة الداخلية منذ بدأ العمل بالتدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 التي جمّد بمقتضاها الرئيس قيس سعيد أعمال البرلمان وجمع السلطات في يده.

وأوصت الدراسة التي نشرتها منظمات مدنية، بضرورة التطبيق الصارم للضمانات الأساسية التي يكفلها القانون للموقوفين، والالتزام بالمعايير الدولية والاشتراطات المتعلقة بظروف الاحتجاز وحقوق السجناء، إلى جانب تدريب أعوان الأمن في مجال الأمن الديناميكي واحترام حقوق السجناء.

وكانت تونس قد صادقت عام 2016 على تنقيحات في القانون الجزائي، تم بمقتضاها تحديد مهام الضابطة العدلية في مسألة الاحتفاظ بذوي الشبهات. ونصّت التنقيحات على أنه لا يجوز الاحتفاظ بذي الشبهة إلا المدّة اللازمة لأخذ أقواله، على ألا تتجاوز مدة الاحتفاظ أربعا وعشرين ساعة، وبعد أن يأذن لهم وكيل الجمهورية بذلك بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا.

كما فرض التنقيح على مأموري الضابطة العدلية عند الاحتفاظ بذي الشبهة أن يُعلموه بلغة يفهمها بالإجراء المتخذ ضده وسببه ومدته وقابليته طبق مدة التمديد في الاحتفاظ، وتلاوة ما يضمنه له القانون من طلب عرضه على الفحص الطبي، وحقه في اختيار محام للحضور معه.

المساهمون