أوضحت دراسة جديدة، أنّ المضادات الحيوية، التي تُعطى لمعظم المرضى الذين يدخلون المستشفيات جراء الإصابة بعدوى فيروسية حادة كإجراء وقائي ضد العدوى البكتيرية المشتركة، قد لا تزيد من فرص البقاء على قيد الحياة.
وحقق الباحثون في تأثير استخدام المضادات الحيوية على البقاء على قيد الحياة لدى من 2100 مريض في مستشفى في النرويج بين عامي 2017 و2021، ووجدوا أنّ إعطاء المضادات الحيوية للأشخاص المصابين بعدوى الجهاز التنفسي الشائعة لن يقلل على الأرجح من خطر الوفاة في غضون 30 يوماً.
وفي ذروة الجائحة، جرى وصف المضادات الحيوية لحوالي 70% من مرضى كوفيد-19 في بعض البلدان، الأمر الذي قد يسهم في حدوث العدوى البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية المعروفة باسم الجراثيم المقاومة.
وقالت رئيسة فريق الباحثين الدكتورة ماغريت غارلسداتر هوفيند، من مستشفى جامعة أكرشوس وجامعة أوسلو بالنرويج، إنّ هذه البيانات الجديدة، التي لم تنشر في مجلة طبية، تشير إلى وجود "إفراط كبير في استخدام المضادات الحيوية".
لقد ساعد الإفراط في استخدام المضادات الحيوية والاستخدام السيئ لها الميكروبات على مقاومة العديد من العلاجات، وهو أمر يعتبره العلماء أحد أكبر التهديدات للصحة العالمية.
وشمل البحث المرضى الذين ثبتت إصابتهم بالجائحة عن طريق عمل مسحة للأنف أو الحلق للعدوى الفيروسية، مثل الإنفلونزا أو كوفيد-19، وجرى استبعاد الذين يعانون من عدوى بكتيرية مؤكدة. ومن المقرر تقديم هذا البحث في المؤتمر الأوروبي لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية، الشهر المقبل، في كوبنهاغن.
وفي المجمل، تلقى 63% من المرضى البالغ عددهم 2111 مريضاً مضادات حيوية لعدوى الجهاز التنفسي أثناء إقامتهم في المستشفى. وبوجه عام، توفي 168 مريضاً في غضون 30 يوماً، منهم 22 فقط لم توصف المضادات الحيوية لهم.
وبعد احتساب العوامل، بما في ذلك الجنس والعمر وشدة المرض والأمراض الكامنة بين المرضى، وجد الباحثون أنّ من وصفت لهم المضادات الحيوية أثناء إقامتهم في المستشفى كانوا أكثر عرضة للوفاة في غضون 30 يوماً مقارنة بالمرضى الذين لم يتلقوا المضادات الحيوية.
ولاحظ فريق البحث أنّ الأشخاص الذين اشتد عليهم المرض وأولئك الذين يعانون أصلا من اعتلال في الصحة هم الأكثر عرضة للحصول على المضادات الحيوية والموت. وقالوا إنّ عوامل أخرى مثل التدخين يمكن أن يكون لها دور أيضاً.
وقالت هوفيند إنه بالنظر إلى القيود المفروضة على أي دراسة بأثر رجعي مثل دراستهم، فإنّ التجربة السريرية التي بدأتها في الآونة الأخيرة مع أقرانها تعد ضرورية لتحديد ما إذا كان يتعين علاج المرضى الذين يدخلون المستشفى مصابين بعدوى الجهاز التنفسي الشائعة بالمضادات الحيوية أم لا.
وفي السنوات الأخيرة، لا توفّر منظمة الصحة العالمية مناسبة إلا وتستفيد منها للتحذير من عشوائية استهلاك المضادات الحيوية، داعية إلى التعامل معها بحرص.
وتسعى المنظمة إلى التوعية بموضوع مقاومة المضادات الحيوية، إذ إنّ الاستهلاك العشوائي يؤدّي في النهاية إلى هذه العاقبة التي يصفها الخبراء بأنّها خطرة. وتدعو "الأفراد كما الحكومات والعاملين الصحيين والقطاع الزراعي إلى اتّباع أفضل الممارسات لتجنّب مزيد من ظهور مقاومة للمضادات الحيوية وانتشارها".
(رويترز، العربي الجديد)