خشية من انتشار الكوليرا في سورية بحال توقف المساعدات عبر الحدود

06 يناير 2023
الكوليرا تهدّد السوريين في حلب وإدلب مع انتهاء التفويض الأممي (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -

يخشى عاملون في مجال الإغاثة الإنسانية في آخر بقعة تسيطر عليها المعارضة في سورية بالشمال السوري من تفاقم تفشّي الكوليرا في المنطقة، في حال اضطرّت الأمم المتحدة إلى وقف تسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود مع تركيا.

ويعيش سكان المنطقة البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة في ظروف صعبة ويعتمدون كثيراً على المساعدات الغذائية والصحية التي تُجلب إليهم عبر الحدود، مذ أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً في عام 2014 يسمح بإيصال مثل هذه المساعدات، على الرغم من اعتراضات الحكومة السورية.

ومن المقرّر أن يصوّت مجلس الأمن الدولي، يوم الإثنين المقبل، على تجديد التفويض الحالي لمدّة ستة أشهر أخرى. وسوف يكون التصويت قبل يوم واحد من انتهاء صلاحية العمل بالقرار الأساسي.

ويخشى العاملون في مجال الصحة في المنطقة التي تضمّ معظم محافظة إدلب وأجزاء من محافظة حلب في شمال غربي سورية، من العواقب إذا قرّرت روسيا حليفة سورية استخدام حقّ النقض (الفيتو) ضدّ التجديد أو فرض مزيد من القيود على برنامج المساعدات الإنسانية.

وقال رئيس مديرية الصحة في إدلب الدكتور زهير القراط إنّ "إمكانات القطاع الصحي حالياً ضعيفة جداً، ونعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والسيرومات (الأمصال)". أضاف أنّه "سوف يكون لوقف المساعدات عبر الحدود تأثير مضاعف على تفشّي مرض الكوليرا في المنطقة".

وعلى الرغم من إفادات دبلوماسيين بأنّ روسيا أشارت إلى أنّها سوف تسمح بتجديد التفويض، فإنّ حالة من عدم اليقين تسيطر على المشهد. وقد صرّح نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي لوكالة رويترز بأنّ تنفيذ القرار الحالي الصادر في يوليو/ تموز الماضي كان "بعيداً عن توقعاتنا" وسوف تتّخذ موسكو قراراً نهائياً يوم الإثنين المقبل.

وفي هذا الإطار، حذّر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة، بمن فيهم وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، من أنّ إنهاء برنامج المساعدات الإنسانية سوف يكون "كارثياً".

وسجّلت إدلب أكثر من 14 ألف حالة يُشتبه في إصابتها بالكوليرا، فيما سجّلت حلب 11 ألف حالة، منذ بدء تفشّي المرض في سبتمبر/ أيلول الماضي، الأمر الذي يجعلهما ثاني ورابع أكثر المناطق تضرّراً في سورية على التوالي. والمحافظتان عرضة للخطر، خصوصاً بالنظر إلى اعتمادهما على مياه نهر الفرات في الشرب وريّ المحاصيل، ولأنّ القطاع الصحي في المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة تضرّر بشدّة بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد.

ويسمح تفويض الأمم المتحدة للوكالات بإحضار مستلزمات النظافة وأقراص الكلور لتعقيم المياه والمعدّات لثمانية مراكز لعلاج الكوليرا تضمّ أكثر من 200 سرير. كذلك تنقل بعض المنظمات غير الحكومية المياه الصالحة للشرب إلى المنازل. وقال ثلاثة من عمّال الإغاثة لوكالة رويترز، في هذا الإطار، إنّ المنظمات الدولية غير الحكومية لن تتمتّع بالغطاء القانوني الدولي من دون ذلك التفويض، ولن تتمكّن من مواكبة وتيرة المساعدات المطلوبة وكمياتها. ويرجع ذلك جزئياً إلى ثقة كبار الدول المانحة بأنّ المساعدات المقدّمة من خلال الأمم المتحدة لن تُسَّس أو تُوَزّع بطريقة غير عادلة أو لن تستولي الجماعات المسلحة المتشدّدة عليها.

ويمثّل الكلور المستخدم في تعقيم المياه تحدياً. وأشار عمّال الإغاثة هؤلاء إلى أنّ الكلور يُستخدَم في سورية كسلاح حرب، الأمر الذي يثير مخاوف بين الدول المانحة من شأنها أن تبطئ جهود المنظمات الأخرى بخلاف الأمم المتحدة لشرائه لعلاج الكوليرا. بالنسبة إلى منسّق لجنة الإنقاذ الدولية في شمال غرب سورية محمد جاسم، فإنّه سوف يُصار إلى تعليق العمل في المراكز والمرافق الصحية، مضيفاً أنّه سوف يُصار كذلك إلى وقف الإمدادات التي كانت تُنقل خصيصاً للتعامل مع أزمة الكوليرا في شمال غرب سورية، وهي تشمل السوائل والأمصال والحقن والأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم.

في السياق نفسه، قال رئيس الجمعية الطبية السورية الأميركية في حلب أسامة أبو العز إنّه حتى في حالة تجديد التفويض ستّة أشهر إضافية، فإنّ العاملين في مجال الصحة يعانون بالفعل من التجديد قصير الأجل، الأمر الذي يجعلهم غير قادرين على التخطيط للمستقبل.

(رويترز)

المساهمون