يواجه قطاع الصحة في أفغانستان مشاكل كثيرة. وفي مناطقها الجنوبية النائية تفتقر المستشفيات إلى منشآت خاصة ومناسبة، وتعمل غالبيتها في مبانٍ مستأجرة أو حتى منازل سكنية، وهي عاجزة في كل الأحوال عن تقديم الخدمات بطريقة مناسبة ولائقة للمواطنين، لأنها غير مهيئة لهذه المهمات.
على سبيل المثال، تحتضن ولاية أروزجان 56 مستشفى معظمها بلا مبان خاصة، و12 منها فقط تستخدم مبانيَ صممت خلال السنوات العشرين الماضية، ويوجد بعضها في منازل سكنية. وكل هذه المستشفيات مخصصة لخدمة حوالى 450 ألف شخص.
يقول رئيس إدارة الصحة المحلية في الولاية الدكتور محمد الله روحاني لـ"العربي الجديد": "عرقل عمل مستشفيات من منازل إلى أبعد الحدود مهمات تقديم الخدمات الصحية المناسبة للمواطنين، لكننا مضطرون إلى فعل ذلك، لأننا لا نملك خياراً آخر". يضيف: "تضم الولاية فعلياً 14 مستشفى، ويملك المستشفى المركزي في العاصمة تيرينكوت ومستشفيات في مراكز المديريات مباني خاصة فقط، أما البقية التي يبلغ عددها 42 فتستمر في العمل في منازل سكنية. نعلم أن المباني المشيّدة لاحتضان مستشفيات ذات تأثير كبير في تقديم الخدمات، وقد ناقشت الإدارة المحلية للولاية الموضوع مع مسؤولي منظمة الصحة العالمية، وطالبتهم بمساعدة قطاع الصحة الأفغانية لمعالجة الثغرات، وآمل في أن تعمل المنظمة مع الإدارة في هذا الشأن".
ويتحدث المواطنون عن تدني مستوى خدمات المستشفيات في الولاية. يقول حسيب الرحمن نو روز، أحد سكان تيرينكوت، لـ"العربي الجديد" إن "الخدمات التي تقدمها المستشفيات في الولايات، خاصة تلك التي تعمل في المنازل، متدنية للغاية، ولا تضم معظمها أماكن انتظار للمرضى وذويهم، وأيضاً الغرف الكافية للأطباء والكادر الطبي.
ويشكو من عدم وجود أدوية كافية للمرضى في المستشفيات الحكومية التي "تأمر معظمها المرضى بإحضار الأدوية من السوق، وهو أمر مكلف للغاية بالنسبة إلى سكان الإقليم الفقراء الذين ضربتهم أيضاً جائحة كورونا قبل التغيرات السياسية والأمنية الأخيرة التي زادت البطالة في شكل كبير. ونحن نطالب حكومة طالبان والمجتمع الدولي بالاهتمام بقطاع الصحة في جنوب أفغانستان عموماً وولاية أروزجان خصوصاً، علماً أن المشاكل في المناطق النائية أكبر منها في المدن الرئيسة".
ويؤيد المسؤول المحلي محمد الله روحاني شكاوى السكان من الخدمات ونقص الدواء، لكنه يلقي في حديثه لـ"العربي الجديد" باللائمة على الحكومة المركزية التي يقول إنها "ترسل الدواء لتغطية احتياجات 450 ألف شخص في الولاية، في حين تجاوز عدد سكانها المليون. ويجب أن يكتفي جميع سكان الولاية بهذه الكمية من الدواء، لكننا نواصل حالياً محادثاتنا مع الحكومة المركزية لتزويدنا بأدوية كافية، ونأمل في أن نحقق تقدماً في هذا الشأن في القريب العاجل".
وإلى جانب افتقار المستشفيات إلى مبان خاصة، تواجه تلك الموجودة مشكلة عدم تماشي منشآتها وتجهيزاتها مع العصر الحاضر، وعدم القدرة على التعامل مع الكثافة السكانية التي زادت في أفغانستان، وبينها المستشفى المركزي في ولاية كونار (شرق) التي يؤكد أطباء ومتخصصون ومواطنون أيضاً أن منشآتها لم تعد تصلح لتقديم الخدمات الصحية.
يشرح الدكتور رفيع الله صافي لـ"العربي الجديد": "جرى تشييد مبنى المستشفى المركزي قبل 50 عاماً، وكان أحد الأفضل حينها، لكنه لا يستطيع التعامل حالياً مع الكثافة السكانية ومشاكل المواطنين الذي يأتون إليه من كل مناطق الولاية، وحتى من ولاية نورستان المجاورة".
ويوضح أن "المستشفى يستطيع استقبال 150 مريضا في وقت واحد، وإمكاناته تسمح بذلك، لكن 250 مريضاً يقدمون طلبات لدخوله في ظل تزايد الاحتياجات للخدمات الصحية المختلفة، علماً أن هذا العدد قليل أيضاً استناداً إلى الاحتياجات الفعلية للناس".
ويشير صافي إلى أن "الحكومة السابقة باشرت قبل ستة أعوام أعمال بناء مستشفى مركزي آخر في المدينة، وأنجزت قسماً من منشآته، قبل أن توقف الأعمال لأسباب لا نعرفها، ونطالب حكومة طالبان حالياً باستئناف العمل فوراً في تشييد مبنى المستشفى الجديد، لأن المبنى القديم لم يعد نافعاً".
ويؤيد هذا الأمر رئيس إدارة الصحة المحلية في ولاية كونار، قاري مظفر مخلص، ويقول لـ"العربي الجديد": "مبنى المستشفى المركزي في أسعد آباد بات غير صالح لاستقبال المرضى، لذا تولي الإدارة كل اهتمامها باستئناف العمل لإنجاز المبنى الجديد الذي أطلق مشروع تشييده قبل ستة أعوام، وأنجزت نسبة 70 في المائة منه، ونحن نريد استئناف العمل لإكماله، ومعالجة جذور المشكلة".
وكما الحال السائدة في كل الولايات يدفع المواطنون في ولاية كونار ثمناً باهظاً لمشاكل قطاع الصحة. ويقول أحد سكانها نبي الله خالد الذي رافق شقيقه المريض إلى المستشفى المركزي حيث يمكث منذ أيام، لـ"العربي الجديد": "يوجد أخي في المستشفى، ونحن نمكث منذ أيام على جانب الطريق الرئيسي، لأن المستشفى لا يضم قاعة انتظار لذوي المرضى".