انتقدت مجموعة من الخبراء عيّنتهم الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، الحكومة المصرية لفرضها موجة من القيود التي تعرّض للخطر "السلامة والمشاركة الكاملة" لأفراد ومنظمات يهدفون إلى حضور القمة العالمية للمناخ في مصر الشهر المقبل.
وتعرّض سجل مصر السيئ لحقوق الإنسان إلى تدقيق دولي متجدد قبيل قمة كوب 27 العالمية التي تقام في مدينة شرم الشيخ المطلة على البحر الأحمر.
ومنذ توليه الحكم عام 2013، تشن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي حملات لإسكات المعارضين، وقمعت المنظمات المستقلة.
وانضم خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى عشرات المنظمات الحقوقية الدولية في انتقاد "الحملات المستمرة لمصر على المجتمع الدولي والمدافعين عن حقوق الإنسان". وذكر البيان أن "القيود التي تفرضها الحكومة على المشاركة أثارت مخاوف من الانتقام من النشطاء".
ودعت مجموعة الخبراء الدول المضيفة مستقبلاً للقمة إلى "الوفاء بمعايير حقوق الإنسان ضمن الاتفاق على استضافة الفعالية المناخية الكبرى". ومن بين مشاكل عدة، دان خبراء الأمم المتحدة القاهرة لـ"افتقارها إلى الشفافية حول الترخيص للمنظمات الأهلية المصرية، ورفع أسعار غرف الفنادق، وتأخير التأشيرات، وفرض قيود على تجمعات واحتجاجات".
يشار إلى أن الخبراء الذين عيّنهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مستقلون، بمعنى أنهم لا يحصلون على أموال من المجلس.
ومن بين المجموعة التي نشرت البيان إيان فراي، المنسق الخاص لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ، وماري لولر المنسقة الخاصة لوضع المدافعين عن حقوق الإنسان.
وكان قانون شديد القسوة قد مررته حكومة السيسي عام 2013 منع بالأساس كل احتجاجات الشوارع. لكن وزير الخارجية والرئيس المعين لكوب27، سامح شكري، قال إنه ستكون هناك أماكن مخصصة في شرم الشيخ للاحتجاجات.
وفي بداية الشهر الجاري، نفت الوزارة الاتهامات بأنها تحبط المشاركة، قائلة في بيان إن عملية منح التصاريح للمؤتمر محكومة بلوائح الأمم المتحدة. وأضافت أنها كدولة مضيفة قدمت 56 منظمة من مصر وأفريقيا والمنظمة للانضمام للمناقشات.
وكانت السلطات المصرية قد أفرجت مؤخراً عن عشرات المعتقلين البارزين بموجب عفو من الرئاسة، وأعلنت عن استراتيجية جديدة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
ووصفت منظمة العفو الدولية تلك الإجراءات بأنها "تغطية لامعة"، واتهمت الحكومة باستغلال قمة نوفمبر/ تشرين الثاني محاولة لغسل سجلها السيئ لحقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن موقع منظمة العفو الدولية الإلكتروني واحد من عشرات المواقع التي حجبت في مصر.
من جهة أخرى، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن ألمانيا تريد مناقشة مسألة الخسائر والأضرار الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، خلال محادثات المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة هذا العام.
ولطالما طالبت البلدان الأكثر ضعفاً وعرضة للخطر بأن تتحمل الدول الأكثر إنتاجاً للغازات الملوثة مسؤولية الآثار التي تحدثها انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدمار الملموس الناجم عن الطقس المتطرف، وارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
إلا أن الدول الثرية التي تتسبب في معظم انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري على ظهر الكوكب منذ بداية العصر الصناعي، عارضت إلى حد بعيد جهود مناقشة قضية "الخسائر والأضرار" بشكل رسمي، وذلك تحسباً لاحتمال أن تجد نفسها مجبرة على تحمل تعويضات تغير المناخ.
محادثات المناخ التي أجرتها الأمم المتحدة العام الماضي في غلاسكو لم تنجح في التوصل إلى اتفاق بشأن إنشاء صندوق خاص للخسائر والأضرار. وقالت بيربوك، عقب اجتماع مع نظيرها الباكستاني بيلاوال بوتو زارداري، إن الفيضانات المدمرة الأخيرة في الدولة الواقعة جنوبي آسيا أظهرت "التداعيات المأساوية لأزمة المناخ في جميع المناطق".
وأضافت: "باعتبارها واحدة من أكثر الدول تضرراً في جميع أنحاء العالم، تدفع باكستان ثمناً باهظاً لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية". أضافت: "سوف تعمل ألمانيا على تقاسم عادل للتكاليف في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (كوب 27 المقرر انعقاده) في مصر، وسنطرح ملف التكيّف مع تغير المناخ، وخصوصاً مسألة الخسائر والأضرار على الأجندة". وتنعقد قمة الأمم المتحدة للمناخ الشهر المقبل في منتجع شرم الشيخ.
في هذا السياق، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تعزيز الدعم المالي للبلدان النامية لتمكينها من مواجهة التغيّر المناخي، وذلك في قرار لدعم باكستان التي شهدت فيضانات تاريخية. وفي هذا النص الذي جرى تبنيه بالتوافق، تشير الدول الـ193 الأعضاء إلى "ضرورة تحسين الوصول إلى تمويل دولي للتحرّك المناخي لمساعدة البلدان النامية، وخصوصاً تلك الضعيفة، في مواجهة الآثار السلبية للتغيّرات المناخية، والتأقلم مع هذه التغيّرات وتخفيف وطأتها".
ويشكل الوعد الذي أطلقته البلدان الغنية بزيادة مساعداتها المناخية للبلدان الفقيرة إلى مائة مليار دولار اعتباراً من عام 2020، وبقي من دون تنفيذ، إحدى النقاط الساخنة التي لا تزال عالقة في المفاوضات المناخية، تضاف إليها المطالبات بتمويل خاص لتعويض "الخسائر والأضرار" الناجمة عن التغيّر المناخي.
وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الأمين العام للهيئة الأممية أنطونيو غوتيريس إلى جعل مؤتمر الأطراف "كوب 27" المزمع عقده في نوفمبر/ تشرين الثاني في مصر "مساحة للتحركات الجدية على صعيد الخسائر والأضرار". وقال: "يجب أن يوفّر كوب 27 وضوحاً في ما يتعلّق بعمليات التمويل الحيوية من أجل التأقلم والصمود".
(فرانس برس، أسوشييتد برس)