خبراء عن تجاهل إنفاق حكومة مصر على التعليم: الفجوة 490 مليار جنيه

25 سبتمبر 2023
دستور 2014 كفل حق التعليم المجاني والإلزامي للتعليم الأساسي والثانوي (محمد حسام/الأناضول)
+ الخط -


انتقد خبراء في مجال التعليم ومسؤولون سابقون منظومة التعليم في مصر، وعدم التزام الحكومة بالنسب الدستورية المخصصة للتعليم الأساسي والجامعي.

وأشار وزير التربية والتعليم والتعليم العالي السابق، أحمد جمال الدين موسى، إلى أن "عدم كفاءة التنظيم المؤسسي للدولة يعتبر أحد أهم العوائق أمام إصلاح التعليم في مصر". وأكد أن "إصلاح التعليم لا يمكن أن يجري منفصلا عن الإصلاح المؤسسي للدولة في مصر، وأن المسؤولين التنفيذيين، مهما كانت كفاءتهم أو إخلاصهم، لن يكونوا قادرين على تحقيق النتائج المرجوة بسبب العقبات التي تنبع من عدم كفاءة التنظيم المؤسسي للدولة".

وأوضح جمال الدين، خلال مشاركته في اللقاء المفتوح الذي نظمه مركز "حلول للسياسات البديلة" في الجامعة الأميركية بالقاهرة، حول مجانية وجودة التعليم في مصر، أن "تحسين جودة التعليم يمثل عنصرا أساسيا في استراتيجية الإصلاح المؤسسي، ولا يمكن أن يُعتبر مجرد هدف من أهداف التنمية المستدامة، بل يعد ركيزة أساسية". وأوضح أن هذا الأمر "يترتب عليه تأثيرات إيجابية تعمل على دعم وتحقيق الأهداف الأخرى للتنمية المستدامة".

وأشار جمال الدين إلى أن "حتى مع تحديث المناهج وتطوير أوضاع المعلمين، لن تحقق نتائج ملموسة إلا إذا جرى تطوير الإدارة المدرسية وأسلوب اختيار قادتها".

من جهتها، قدمت الباحثة سنية الفقي عرضا شاملا حول الإنفاق على التعليم في مصر، حيث أكدت أن التعليم ليس مجرد حق أساسي للإنسان، بل هو أيضا وسيلة للحد من الفقر في المجتمعات. وأشارت إلى دراسة صادرة عن البنك الدولي تفيد بأن زيادة الإنفاق على التعليم المدرسي بمعدل 10% تقدم زيادة بنسبة مماثلة في الدخل على الصعيدين الوطني والعالمي.

وفي السياق المحلي في مصر، أشارت الفقي إلى أن دستور 2014 كفل حق التعليم المجاني والإلزامي للتعليم الأساسي والثانوي، وألزم الحكومة المصرية بزيادة نسبة الإنفاق على التعليم إلى 6% من الناتج المحلي، تقسم إلى 4% للتعليم قبل الجامعي و2% للتعليم الجامعي. ومع ذلك، تراجعت المخصصات الدستورية للتعليم في آخر ميزانية (2023-2024) إلى نسبة 1.9% من الناتج المحلي، بمبلغ نحو 239 مليار جنيه من إجمالي 11.8 تريليون جنيه، مما أدى إلى فجوة كبيرة بين الإنفاق الفعلي والنسبة الدستورية بقيمة تقدر بنحو 480 مليار جنيه (الدولار بنحو 31 جنيها).

وأوضحت الباحثة أن هذا الوضع يأتي رغم انقضاء الفترة الانتقالية التي سمح بها دستور 2014 قبل التزام الحكومة بالنسب الدستورية. وأشارت إلى أن "الحكومة في سبيل التعامل مع هذا الوضع كانت تستخدم ما أسمته بـ(التحايل الحسابي) في الموازنة المقدمة للبرلمان، وذلك قبل أن يعلن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي أن الحكومة غير قادرة على تحقيق الحد الأدنى من الإنفاق المقرر دستورياً لما يحتاج إليه ذلك من موارد كبيرة".

وفي يونيو/حزيران الماضي، وفي أول تصريح حكومي رسمي من نوعه، أعلن الرئيس السيسي خلال مؤتمر الشباب بالإسكندرية، عدم التزام الحكومة بالنسبة الدستورية للإنفاق على التعليم والصحة.

وكانت الحكومة المصرية، وحتى آخر موازنة جرى إقرارها، تقدم للبرلمان بيانا ماليا يتضمن أرقاما تحقق النسبة الدستورية للإنفاق على التعليم، لكن، وبحسب وزارة التخطيط، تضيف الحكومة جزءا من التزامات سداد القروض إلى ميزانية التعليم بما يوصلها للنسبة الدستورية، ويمكن استيضاح ذلك من خلال البيان التحليلي للموازنة الذي يُفصل الأرقام وأوجه الإنفاق.

وأوضحت الفقي أن "التحايل الحسابي يتمثل أيضا في أن الحكومة تحتسب أي إنفاق في أي وزارة أو هيئة حكومية على التعليم أو التدريب، يدخل ضمن الموازنة العامة للتعليم، هذا بالإضافة إلى إضافة أجزاء من الديون وفوائدها على ميزانية التعليم".

كما أوضحت الفقي أن القسم الأكبر من ميزانية التعليم يستنفد في بند الأجور والمرتبات بنسبة تبلغ 70%، مما يشير إلى ضعف الكفاءة وعدم كفاية الموارد المخصصة للتعليم. وبالمقارنة مع معدلات الإنفاق الحكومي على التعليم عالميا، تظهر مصر بوضع غير مشجع حيث تقل نسبة الإنفاق عن المتوسط العالمي البالغ 4.5% من الناتج المحلي. حتى عند مقارنتها بدول متوسطة الدخل مثل تونس، تبلغ نسبة الإنفاق الحكومي على التعليم في تونس 7.3% من الناتج المحلي.

المساهمون