خالد الدباس وباسل بصبوص.. صديقا الحياة والشهادة

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
03 أكتوبر 2022
خالد الدباس وباسل بصبوص... صديقا الطفولة والحياة والشهادة
+ الخط -

صديقان في الطفولة والمدرسة والحياة وصديقان في الشهادة، هما خالد عنبر الدباس، 21 عاماً، وباسل بصبوص، 19 عاماً، لاجئان فلسطينيان من أهالي مخيم الجلزون شمال رام الله وسط الضفة الغربية، أعدمهما جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب ضاحية التربية والتعليم القريبة من المخيم، وأصاب صديقاً ثالثاً لهما واعتقله.

من باحة منزلها في مخيم الجلزون وسط العشرات من النسوة المعزيات، تقول عواطف والدة باسل إن صداقة ابنها مع خالد هي صداقة طفولة، مؤكدة أنهما يقضيان معظم الوقت مع بعضهما، "حين أحضّر الطعام يطلب مني أن أحسب حساب صديقه، هما أكثر من الأخوة صديقان من المدرسة، وها هما استشهدا معاً".

وتؤكد والدته أن عمله في مخبز يضطره للبقاء خارج المنزل في أوقات متأخرة؛ وحين كان مع أصدقائه أنهت رصاصات الاحتلال خلال دقائق كل أحلامه، كان "لديه طموح كبير، وكان يريد أن يحصل على رخصة قيادة، ويريد أن يتزوج، لكنهم خطفوا أحلامه بدقيقة واحدة" كما أردفت والدته.

أمس الأحد، طلب باسل من والدته زيارة شقيقه الأسير أحمد، المعتقل منذ خمسة أعوام في سجون الاحتلال والمحكوم بالسجن بعشرة أعوام، قال لوالدته كما تروي لـ"العربي الجديد": "إن استصدرت لي تصريحاً سأزوره، وإلا فسأذهب إليه".

وتابعت والدته: "يقصد أنه سيعتقل ويذهب إلى السجن الذي يعتقل فيه شقيقه"، ثم قالت: "الآن أنا أم شهيد وأم أسير، ماذا أريد أفضل من ذلك؟".
كانت والدته حريصة جداً عليه، ولا تريد له أن يعتقل كشقيقه كما قالت، لكن تفاصيل ذلك الحرص الزائد روته شقيقته براءة لـ"العربي الجديد"، فهي تؤكد أن والدتها كانت تخشى عليه كثيراً، خصوصاً وأن كل أبنائها الذكور تزوجوا وشقيقه أحمد بالسجن، وهو الوحيد المتبقي في البيت، وحين يكون في وقت متأخر في السوق في المخيم، تذهب والدتها لإعادة باسل إلى المنزل.

وبالأمس كانت أمه تنتظر عودته عند منتصف الليل، ولم ترد أن تذهب لتنام في غرفتها، بل بقيت على الأريكة، وقالت له حين عاد "إن ذهبت للنوم فستخرج ولا أريد أن تخرج"، لكنه خرج مع أصدقائه وأعدمه الاحتلال.

بقيت العائلة منذ أول خبر حول إطلاق النار عليه فجراً وحتى الساعة التاسعة صباحاً بقلق وعدم يقين، كما تروي براءة، حتى أبلغت باستشهاد باسل.

ظروف الاستشهاد لا تعلم العائلات عنها الكثير، لكنها متأكدة من الإعدام بعشرات الرصاصات، تقول رنا عنبر والدة الشهيد خالد عنبر لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال يدعي أن ابنها كان في طريقه لتنفيذ عملية دهس، لكنها تنفي ذلك، وتقول وإن كان ذلك صحيحاً فكان بالإمكان اعتقاله، لكنهم أطلقوا عليه الرصاص وهو يقود المركبة، وعلى أصدقائه.

قبل أذان الفجر اتصلت بهاتف ابنها فرد ضابط الاحتلال، ثم سألها عن اسمها واسم زوجها، وقال لها إن خالد عنده، وبدأ يسأل عن وجهته وأين كان ينوي الذهاب، فأجابته إلى العمل، فهو يعمل في قطاع البناء ويضطر للخروج مبكرا، وأضافت أن الضابط حاول تكذيبها، وأغلق الهاتف.

كان خالد متفاعلاً مع الحالة الوطنية كما تقول والدته، كغيره من شبان مخيم الجلزون، يتفاعلون عندما تندلع المواجهات مع قوات الاحتلال، بل وإنه عبر عن حبه للشهادة، لكن ما حصل معه فجراً، وكما تحدث لها الأهالي الذين يسكنون قرب مكان استشهاده، إن جنود الاحتلال أمطروا المركبة بالرصاص دون أن يطلبوا منه التوقف، وثم احتجزوا جثماني الشهيدين واعتقلوا الثالث، واستولوا على المركبة.

تطالب جملات عنبر عمة الشهيد خالد، في حديثها مع "العربي الجديد" بأن يتدخل العالم لوقف الإعدامات الميدانية، ووقف منع إسعاف المصابين، فهي كمسعفة تعلم أن الكثير من المصابين يمكن بإجراء بسيط إنقاذ حياتهم.

الناشط المجتمعي محمد صافي بدوره يقول لـ"العربي الجديد" إن المعلومات تشير إلى مباغتة الشبان بكمين لجيش الاحتلال، الذين أخفوا أنفسهم، وثم فتحوا النار على المركبة، بتكرار لعملية مشابهة قبل أيام قليلة خلال اقتحام المخيم، حيث أطلق الجنود النار على مركبة أخرى، وتابع: "أطلقوا النار على ثلاثة شبان بدعوى عملية دهس، توقعنا أن أي أحد يريد أن ينفذ عملية دهس سيكون بمفرده ولا يحتاج إلى أن يكون هناك ثلاثة شبان داخل المركبة".

ويؤكد رئيس اللجنة الشعبية في المخيم محمود مبارك، لـ"العربي الجديد" على الرسالة ذاتها، مشيراً إلى أن أكثر من 70 رصاصة أصابت المركبة؛ إحداها أصابت طابقا علويا لأحد المنازل المجاورة، ومعتبرا أن تكرار عمليات إطلاق النار يهدف إلى إسكات أصوات الشبان المنتفضين، والتأثير على معنوياتهم عبر الجرائم، لكن ذلك، برأيه، يزيد الشبان عزما.

واستنكر مبارك ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي، معتبرا أن عدم تغير ذلك يعني أن 7 ملايين لاجئ فلسطيني سيتحولون إلى قنبلة موقوتة بوجه العالم ستنفجر في أية لحظة.

وكان عشرات الشبان توافدوا ليلة أمس، إلى المدخل الشمالي لمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، الذي لا يبعد كثيراً عن مخيم الجلزون، للتصدي للمستوطنين الذين انتشروا قرب المدخل وألقوا الحجارة على المركبات ثم هاجموا منزلاً فلسطينياً قريباً، واستطاع الشبان الوصول إلى حاجز الاحتلال العسكري، وتحطيم كاميرات المراقبة، ووقف اعتداء المستوطنين، لتندلع بعد ذلك المواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، وعلى إثر ذلك انتشرت المركبات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة والتي راح ضحيتها شهيدان ومصاب بعملية إعدام تشبه العشرات من عمليات إطلاق النار الإسرائيلية.

ذات صلة

الصورة
الطبيب الفلسطيني عصام أبو عجوة في مستشفى الأهلي المعمداني في دير البلح (الأناضول)

مجتمع

بعد اعتقال دام 200 يوم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية، عاد الطبيب الفلسطيني المتقاعد عصام أبو عجوة (63 عاما)، لممارسة عمله رغم الظروف القاسية
الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
الصورة
مسيرة في رام الله تنديداً بمجزرة مخيم النصيرات، 8 يونيو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

خرج العشرات من الفلسطينيين في شوارع مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، مساء السبت، منددين بمجزرة النصيرات التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
الصورة
الشهيد آدم فراج هو ابن شهيد أيضاً (العربي الجديد)

مجتمع

كان الفلسطيني آدم فراج يستعد لحفل زفاف شقيقته حين عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى قتله على سطح قاعة الأفراح وترك ينزف حتى الموت، ليتحجز الاحتلال جثمانه.
المساهمون