حي بطن الهوى المقدسي يواجه خطر التهويد

28 يوليو 2022
مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في حي سلوان (مصطفى الخروف/ الأناضول)
+ الخط -

تحول حي بطن الهوى، أحد الأحياء الرئيسية في بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى، إلى ساحة مواجهة ليلية ضد الاحتلال ومستوطنيه، بعدما صعّد المستوطنون من اعتداءاتهم اليومية بحق الأهالي والأطفال، في وقت صعّد فيه الاحتلال ملاحقته للناشطين من خلال اعتقالهم وإبعادهم عن محيط البؤر الاستيطانية داخل الحي والمتاخمة لمنازلهم.
وشهد الحي على مدى الأيام القليلة الماضية صدامات تصدى خلالها الأهالي للمستوطنين. وبموازاة ذلك، اعتدى جنود الاحتلال على الأهالي وأطلقوا الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الصوت والغاز، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات في صفوف الأهالي حتى داخل منازلهم.
يبدأ المستوطنون يومهم بالاعتداء على الأطفال داخل منازلهم مستخدمين رذاذ الفلفل، قبل أن تحضر قوات الاحتلال وحراس المستوطنين لمساندة المعتدين والتنكيل بالأهالي، وشن حملات الاعتقال والمداهمة لمنازل المواطنين وتخريب محتوياتها، وإبعاد عدد من قاطنيها، كما حدث مع رئيس لجنة أهالي الحي زهير الرجبي، والعضو كايد الرجبي.
ويقول زهير الرجبي، في حديث لـ"العربي الجديد": "اعتداءات المستوطنين وحراس أمنهم باتت يومية، وبدلاً من منعها من قبل قوات الاحتلال، تعتدي الأخيرة على الأهالي وتتهمهم بمهاجمة المستوطنين، كما حدث معي ومع عضو اللجنة كايد الرجبي، إذ اعتقلنا وفرض الحبس المنزلي علينا، عدا عن إلزامنا بالابتعاد عن منازل المستوطنين مسافة 100 متر".
ويشير الرجبي إلى أن هذه الاعتداءات اليومية من قبل المستوطنين حولت حياة أهالي حي بطن الهوى إلى جحيم، في وقت تسعى فيه جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية للسيطرة على أراض في قلب الحي بذريعة أنها كانت مملوكة ليهود من اليمن منذ عام 1881.

تقارير عربية
التحديثات الحية

ويشدد الرجبي على أن القرار الصادر عن المحكمة العليا الإسرائيلية قبل نحو سنتين عزز ادعاءات المستوطنين بهذا الشأن. وفي حال تم تنفيذه، فإن الأخطار ستهدد 35 مبنى سكني تقطنها نحو 86 عائلة و700 فرد. ويشير الرجبي إلى أن المستوطنة التي تعمل جمعيّة "عطِيرِت كوهَنيم" الاستيطانية على توسعتها في حيّ بطن الهوى تشكّل جزءاً لا يتجزّأ من مساعي سلطات الاحتلال والجمعيات الاستيطانيّة لتهويد حوض البلدة القديمة في الحيّ الإسلامي في قلب البلدة القديمة من القدس والأحياء الفلسطينية المحيطة بها، حيث يعيش حالياً نحو 3000 مستوطن في نحو 140 مبنىً في قلب الأحياء الفلسطينية في البلدة القديمة ومحيطها، وهي منطقة يعيش فيها نحو مائة ألف فلسطيني.
من جهته، يقول مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق خليل تفكجي، لـ"العربي الجديد": "ما يجري الآن في حي بطن الهوى وأحياء أخرى مثل الشيخ جراح ورأس العمود هو ترجمة لمخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون المعروف بالنجوم، والقاضي ببناء 26 حيّاً استيطانياً في محيط البلدة القديمة من القدس وتعزيز الاستيطان اليهودي في قلب الأحياء الفلسطينية، وبالتالي هذا التصعيد اليومي ضد أهالي الحي يندرج في إطار هذه المحاولات التي تهدف إلى تعزيز سيطرة الجمعيات الاستيطانية على الحي، من خلال افتعال الصدامات اليومية مع أهله".

مواجهات مع الاحتلال (مصطفى الخروف/ الأناضول)
يعيش الأهالي يوميات صعبة في ظل هجمات الاحتلال المستمرة (مصطفى الخروف/ الأناضول)

ما حدث خلال اليومين الماضيين مع عائلة المواطن زهير الرجبي كشف عن استهداف متعمد لهذه العائلة، والذي لم يقتصر على رب العائلة. يقول الرجبي: "من الواضح أن كل ما فعلوه كان هدفه تحويل حياة عائلتي إلى جحيم. فحين اعتقلوني، كانوا قد نصبوا كميناً لي بينما كنت في طريقي إلى المنزل، واستخدموا غاز الفلفل، وحملوني مسؤولية كلّ ما شهدته سلوان وحي بطن الهوى من صدامات، والتي كانوا هم والمستوطنون سبباً في اندلاعها"، ويسأل: "هل يعقل أن أحاسب عن كل البلدة وأحمل مسؤولية المواجهات معهم وتصدي المواطنين لاعتداءاتهم؟".
تزامنت هذه الاعتداءات اليومية ضد أهالي حي بطن الهوى خلال تحضيرات للاحتلال لافتتاح مركز تراث يهود اليمن في قلب الحي، إذ يدعي المستوطنون أن الحي برمته كان مملوكاً من قبلهم قبل عام 1948، وقد غادوره بسبب الحرب التي سبقت النكبة.

ولتحقيق هدفهم وإن على مراحل، ركزت الجمعيات الاستيطانية اليهودية نشاطها التهويدي في هذا الحي، وبدأت منذ سنوات حملة منظمة للاستيلاء على عدد من مبانيه الضخمة التي باتت تؤوي العديد من عائلات المستوطنين الذين توفر لهم الحكومة الإسرائيلية حراسة على مدار الساعة، سواء من خلال الوجود الدائم لقواتها العسكرية، أو من خلال شركات أمن خاصة ينفق عليها الملايين سنوياً. ويمارس أفراد الأمن التابعين لهذه الشركات العنف ضد أهالي الحي مساندين المستوطنين في اعتداءاتهم اليومية.
ولا تخفي جمعية العاد الاستيطانية مطامعها للسيطرة على مزيد من الأراضي والعقارات في قلب حي بطن الهوى وعموم بلدة سلوان، بالتزامن مع مداهمة بلدية الاحتلال في القدس الحي وعموم أحياء بلدة سلوان المتاخمة له يومياً، عدا عن تنفيذ عمليات هدم وإزالة لمساكن الأهالي ومنشآتهم الصناعية والاقتصادية. وفي النتيجة، يبدو واضحاً أنّ الحي دخل مرحلة الخطر الشديد من التهويد، وهو يشكل مع أحياء سلوان الأخرى قلعة الصمود والدفاع عن المسجد الأقصى.

المساهمون