حياة الأفغان الصعبة في ظل انقطاع الكهرباء

06 فبراير 2023
لا كهرباء لتدفئة الأفغان في هذا الشتاء (سناء الله سييام/فرانس برس)
+ الخط -

حال التيار الكهربائي في أفغانستان حالياً أفضل مما كان عليه في السابق، ليس الوضع وردياً، والانقطاع يتواصل، لكنه ليس كما كان قبل فترة حين شهدت البلاد انقطاعاً كاملاً لنحو أسبوعين.

يجري تأمين التيار الكهربائي لنحو ثلاث ساعات يومياً في بعض المناطق، لكن ذلك لا يمنع الشؤون الحياتية للأفغان من مواجهة عراقيل كبيرة، ويشمل ذلك كل القطاعات الأساسية، مثل الرعاية الصحية، والتجارة. 
يقول الناشط الاجتماعي محمد مبين موحد، لـ"العربي الجديد": "تتأثر حياة الأفغان بعدم وجود الكهرباء. زرت أخيراً عدداً من الدوائر الحكومية، ووجدت أن الموظفين والمواطنين يعانون من انقطاع الكهرباء، علماً أن أنظمة المعاملات الإلكترونية لا تعمل بدونها، ما يجعل الخدمات التي توفرها هذه الدوائر بطيئة للغاية، كما تأثرت المؤسسات الإعلامية بانقطاع التيار الكهربائي، وهي تستخدم مولدات لتشغيل معدات بث النشرات الرئيسية، لكن طاقة المولدات لا توفر التدفئة في المكاتب، خصوصاً أنها تعاني أصلاً من مشاكل اقتصادية كبيرة بسبب التقلبات السياسية التي شهدتها البلاد منذ صيف عام 2021، وتوقف معظم المساعدات الدولية التي كانت تحصل عليها".
ويقول العامل في بلدية العاصمة كابول، محمد بشير لـ"العربي الجديد": "الحياة معطلة تماماً. لا كهرباء في المكاتب والدوائر الحكومية إلا لساعات محدودة نحاول خلالها إنجاز الأمور الضرورية حين يكون المكتب دافئاً إلى حد ما. قد يأتي مواطنون لإجراء معاملات وأعمال فنطلب منهم انتظار مواعيد وصول التيار، علماً أن المولدات توجد في دوائر حكومية قليلة، وبلغت الصعوبات في بعض الأحيان حد عدم إمكان شحن هواتفنا. الأمور تحسنت نسبياً، لكن الحياة لا تزال معطلة بشكل كبير".
وفيما يعتبر القطاع الصحي بين الأكثر تأثراً بانقطاع التيار الكهربائي، يوضح الطبيب المتخصص في جراحة الأعصاب،  رشاد غفوري، لـ"العربي الجديد"، أن "المستشفيات تتدبر أمورها بما يمكن فعله مع انقطاع التيار الكهربائي، إذ تستخدم المولدات لإجراء الفحوص المهمة، وتؤمن الكهرباء لغرف العناية المركزة وغرف العمليات، لكن 90 في المائة من خدماتها تعاني فعلياً، وتشمل التأثيرات السلبية المرضى وذويهم، لذا نطالب حكومة حركة طالبان بأن توفر الكهرباء للقطاعات الحيوية مثل الصحة، لأن الأمور معطلة من دون الكهرباء الضرورية".

الصورة
انقطاع الكهرباء مشكلة قديمة في أفغانستان (باولا برونشتاين/ Getty)
انقطاع الكهرباء مشكلة قديمة في أفغانستان (باولا برونشتاين/ Getty)

ويقول قاري رفيق الله الذي تنقّل عمه المريض بين عيادات عدة خلال الأسابيع الماضية لـ"العربي الجديد": "تواجه مستشفيات أفغانستان وقطاع الرعاية الصحية عموماً مشاكل كثيرة، وقد أدخل عمي إلى مستشفى حكومي لإصابته بالتهاب في الرئتين، ثم تدهورت حالته بسبب البرد القارس في المستشفى الذي لا تتوفر فيه كهرباء لتشغيل أجهزة التدفئة. انتظرنا ساعات طويلة، وأحياناً أياماً لتأمين الكهرباء من خلال المولد لإجراء الفحوص، ولا ندري في أي زمن نعيش. مستوى التراجع الحياتي واضح في أفغانستان، ولا نقول إنّ حركة طالبان الحاكمة ومسؤوليها يعيشون في رفاهية تامة، فهم يعانون أيضاً من المشاكل ذاتها، لأنّ الدولة فقيرة، وليس في يد الحكومة أي حيلة، لكن هذه الحكومة يمكن على الأقل أن تظهر أنها تتحمل المسؤولية، وتستطيع أن تتماشى مع متطلبات الناس كي تتحسن أمور حياتنا، ونعيش كما باقي البشر في عالم اليوم الذي تشهد بعض مجتمعاته رقياً في الإمكانات والخدمات".
ويسأل: "هل يجوز أن تستمر مشاكل غياب الكهرباء، أو جواز فتح مدارس أو إغلاقها بينما يأمرنا الدين الإسلامي باتخاذ كل السبل غير المحرمة لتقديم رفاهية للشعب؟ حكومة طالبان ليست فاسدة، لكن يجب أن نعترف أيضاً بأنّ لديها انغلاقاً عجيباً وحساسية في التعامل مع العالم، وهي لا تعرف كيف تدير الأمور".

وبالانتقال إلى المساجد ودور العبادة فيأتي الناس إليها لأداء الصلاة من دون أن تتوفر الكهرباء ووسائل التدفئة في معظمها. ويقول نجيب الله بدخشي لـ"العربي الجديد": "لم نعش مثل هذه الأيام. تحسّن الوضع قليلاً في الأيام الماضية، لكن الكهرباء أساسية، ولا يمكن أن نعيش في موسم البرد القارس من دونها، في وقت يعتبر معظم الناس فقراء، لذا نعيش حياة صعبة بكل معنى الكلمة".
وتوفي عشرات بسبب البرد المرتبط بانقطاع الكهرباء وافتقاد أجهزة التدفئة في الأسابيع الأخيرة، في حين لم تعلن حركة طالبان عن أي تدابير لتأمين التيار الكهربائي، أو عن خطة للحد من سقوط الضحايا من جراء البرد، باستثناء إرسال بعض المساعدات إلى المناطق المتضررة، في ظل تفشي الأمراض الموسمية الناجمة عن البرد الشديد.

المساهمون