حلب: مئات العائلات في العراء ومراكز الإيواء لليوم الثاني بعد الزلزال

08 فبراير 2023
سوريون في مركز إيواء في حلب بعد الزلزال الذي هجّرهم من بيوتهم (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد صدمة اليوم الأول والرعب اللذَين شعر بهما أهالي حلب المنكوبة فجر يوم الإثنين الماضي، ما زالت مئات العائلات في مناطق سيطرة النظام السوري و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في العراء أو لجأت إلى مراكز إيواء في المؤسسات الحكومية والمدارس التي حدّدتها لها الجهات الرسمية بعد الزلزال الذي نكب المنطقة، وذلك لليوم الثاني على التوالي وسط طقس بارد وحاجة ماسة إلى التدفئة والعلاج.

وقد حاول كثيرون من أفراد تلك العائلات التوجّه إلى منازلهم للاطلاع على ما حلّ بها أو جلب بعض الحاجيات الضرورية منها، من قبيل الملابس والأغطية والأدوية بعد تأخّر وصول المساعدات الإنسانية إلى مراكز إيواء كثرة.

يقول مروان سكري من أبناء مدينة حلب لـ"العربي الجديد" إنّ "سكان المدينة بمعظمهم قضوا ليلتهم الثانية وسط الصقيع، ينتظرون أخباراً عن أقارب لهم عالقين تحت الركام الذي خلّفه الزلزال المدمّر أوّل من أمس". يضيف سكري: "بعدما نجونا، عدت في اليوم التالي لتفقّد منزلي الذي تصدّع من جرّاء ذلك الزلزال، فوجدته منهاراً بالكامل كما هي حال أبنية مجاورة، نتيجة الهزّات الارتدادية التي تلت الزلزال".

وبينما يزداد حجم المأساة وتتراجع فرص الوصول إلى ناجين تحت الأنقاض، يحاول أهالي المنطقة بمعظمهم معرفة مصير عائلات وأقارب لهم هم وأماكن وجودهم. ويتزامن ذلك مع محاولات فرق الإنقاذ الشعبية الوصول إلى ناجين تحت الركام، في حين تعمل فرق الإنقاذ التابعة للنظام على نقل سكان الأحياء والمناطق المنكوبة إلى أماكن أكثر أماناً.

ويفيد مصدر مطّلع مقرّب من فرق الإنقاذ في مدينة حلب، فضّل عدم الإفصاح عن هويته "العربي الجديد" بأنّ "فرق الإنقاذ نقلت عائلات كثيرة إلى مبانٍ حكومية ومدارس بهدف حماية أفرادها، لا سيّما الأطفال والنساء والشيوخ، من البرد. وفي تلك الأماكن، تقدّم المنظمات الحكومية وغير الحكومية المساندة لهم". يضيف المصدر أنّ "النظام السوري خصّص 125 مبنى حكومياً كمراكز إيواء، بالإضافة إلى مساجد وكنائس".

وإذ يلفت المصدر نفسه إلى أنّ "عائلات كثيرة لجأت إلى مراكز إيواء تفقّدت منازلها بعد الزلزال ثمّ عادت إلى مراكز الإيواء وقد حملت معها ما يمكن حمله من أمتعة تلزمها، لا سيّما بهدف اتّقاء البرد"، يقول إنّ "ثمّة عائلات ما زالت في العراء بعد تهدّم بيوتها بالكامل، وقد فضّلت عدم التوجّه إلى مراكز إيواء في انتظار نتيجة عمليات البحث عن ناجين من أقارب لها تحت الركام".

من جهته، حذّر رئيس بلدية حلب معد المدلجي من أنّ عشرات المباني ما زالت مهدّدة بالسقوط، مشيراً إلى أنّ لجاناً عدّة شُكّلت لدراسة حالة المباني في بعض الأحياء. يأتي ذلك في حين بدأت فرق إنقاذ جزائرية عمليات بحث في مناطق الأعظمية وصلاح الدين والشيخ مقصود الحلبية عن ناجين تحت الركام، فيما كان عشرات من المواطنين يحاولون إزالة الأنقاض عن ذويهم أو أطفالهم بأيديهم إذ لا تتوفّر لديهم أيّ معدّات أو إمكانات سوى المساهمات الشعبية البسيطة.

في السياق نفسه، انتقل الناشط المدني هادي عزام إلى حلب برفقة طبيب وممرّض لتقديم المساعدة. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع في حلب فظيع وكارثي؛ أطفال ونساء ومرضى يقضون لياليهم في العراء تحت الأمطار". يضيف أنّ مشاعر "البرد والخوف والحزن تسيطر على المدارس والمؤسسات الحكومية التي تؤوي المنكوبين". ويتحدّث عزام عن "المأساة لجهة البطء الشديد في الإغاثة وتوفير المساعدات"، مشدّداً على أنّ "حلب تحتاج إلى معدّات وخبراء في مجال الإغاثة".

أمّا وليد حاج حمدو، وهو أحد الناجين في حلب، فيشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "مجموعات من السكان تضامن بعضها مع بعض، فتقاسمت الغذاء والمياه، من دون انتظار الاستجابة البطيئة والتي تأتي أدنى من مستوى الكارثة. كذلك قدّمت منظمات محلية وجبات غذائية في بعض مراكز الإيواء".

يضيف حاج حمدو أنّ "ثمّة خوفاً وصدمة من جرّاء هول الكارثة تعزّزهما أخبار متداولة حول زلازل وهزّات أخرى قد تحدث في خلال الأيام المقبلة. ويأتي ذلك في حين أنّ مباني كثيرة في حلب قديمة أو تصدّعت بفعل القصف سابقاً والزلزال اليوم. تُضاف إلى ذلك مئات المباني غير الأمنة والآيلة للسقوط والتي كانت المحافظة قد طلبت من سكانها قبل الزلزال إخلاءها، من دون أن يستجيب قاطنوها لعدم توفّر بدائل".

وفي جهة أخرى، تفيد مصادر محلية عن وجود آلاف الطلاب الجامعيين في المدينة الجامعية غربي مدينة حلب، وقد لجأوا إلى الساحات في المجمعات السكنية وكليات الجامعة، وهم غير قادرين على مغادرة المنطقة إلى مدنهم وبلداتهم، نظراً إلى عدم توفّر وسائل نقل خاص أو عام.

المساهمون