يواجه أصحاب دور الحضانة الخاصة في الكويت أزمة مالية مع استمرار الإغلاق في البلاد نتيجة تفشي فيروس كورونا، في وقت يخشى الأهل حرمان أطفالهم من مهارات التواصل واللغة قبل الالتحاق بالمدارس. وفي الكويت ثلاث مراحل دراسية هي الابتدائية والمتوسطة والثانوية، بالإضافة إلى مرحلة رياض الأطفال التي تعد اختيارية بالنسبة للأهالي، تسبقها المرحلة التي عادة ما يلحق الأهل خلالها أطفالهم بدور الحضانة، وهي مكملة لمرحلة رياض الأطفال.
تقول نوف الراشد، التي تملك داراً للحضانة في الكويت، إنها بدأت مشروعها في عام 2012، وتصفه بـ "التعليمي الرائد" لأنها كانت من أوائل الدور التي اختصت بتعليم الأطفال طرق التواصل ومهارات التحدث واللغتين العربية والإنكليزية. إلا أن أزمة كورونا فاقمت الديون عليها حتى وصلت إلى نحو مليون دولار أميركي. توضح لـ "العربي الجديد": "القطاع التعليمي الوحيد الذي تضرر بشكل كامل هو قطاع دور الحضانة، لأن رياض الأطفال تملكها الحكومة، بينما المدارس الخاصة في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية تحصل على رسوم في مقابل التعليم عن بعد. صحيح أن هذه الرسوم ليست كاملة، لكن المدارس الخاصة استطاعت السيطرة على خسائرها بفضل نظام التعليم عن بعد". تضيف الراشد: "بالنسبة لدور الحضانة، فإن التعليم عن بعد غير ممكن وغير مفيد بالنسبة لأطفال في الثالثة والرابعة من العمر. كما أن الحكومة لم تدعمنا بأي مبلغ مالي أبداً".
وحاولت الراشد مع العديد من أصحاب دور الحضانة التواصل مع الجهات الرسمية، لكن هذه الجهود باءت بالفشل رغم اللقاء الذي عقد مع غرفة التجارة، وأوصى بدعم هذه الحضانات. ورفع أصحاب دور الحضانة في الكويت كتاباً إلى مجلس الوزراء قالوا فيه إن هناك 290 ألف طفل في الكويت كان من المقرر لهم الالتحاق بدور الحضانة الخاصة، لكنهم حرموا منها بسبب كورونا، وأن الخسائر التعليمية والنفسية والمالية كبيرة جداً و"لا تقدر بثمن". وبلغ عدد دور الحضانات المتضررة أكثر من 500 دار، في وقت قالت المستشارة التربوية دانا المشعان: "الخسائر التعليمية الناتجة عن إغلاق دورالحضانة أكبر بكثير من تلك المالية".
ويقول أحمد الشمري، الذي يدير دار حضانة في منطقة الجهراء لـ "العربي الجديد": "لا أحد في القطاع التعليمي يتعاطى بجدية مع ملف دور الحضانة. وزارة التربية تقول إننا لسنا تابعين لها وأننا مجرد مؤسسة رعاية ربحية تتبع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التجارة والصناعة، وهو أمر غير صحيح لأننا مؤسسات تعليمية تعمل على تأهيل الأطفال للدراسة في المرحلة الابتدائية". يضيف: "لا أفهم حقاً سبب تجاهل وزارة التربية لنا وإخراجنا من دائرة الجهات الخاصة بالتعليم. وأؤكد أن الكثير من العائلات ترغب في تعليم أبنائها في هذه الحضانات بدلاً من البقاء في البيت والمكوث أمام جهاز الآيباد".
من جهتها، تقول أمل عبدالله وهي أم لثلاثة أطفال تعمل في القطاع الطبي كممرضة، لـ "العربي الجديد": "أعمل لأوقات طويلة خصوصاً مع انتشار كورونا، ولا أستطيع أن أبقي ابني الأصغر في المنزل طوال الوقت، لأنه يقضي وقته في مشاهدة رسوم الكرتون واللعب بالأجهزة الإلكترونية، بينما كان أشقاؤه الأكبر منه قد اتجهوا إلى الحضانة في فترة طفولتهم واستفادوا منها بشكل كبير جداً، خصوصاً في تنمية مهاراتهم اللغوية والتواصل". وترى أن إعادة فتح الحضانات والمدارس الابتدائية مهم كثيراً، بل وأهم من افتتاح المحلات التجارية والأسواق والملاعب الرياضية.
ويوافق محسن الظفيري، وهو أب لطفل مصاب بمتلازمة داون، على كلام عبدالله. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنه "في الحالة الطبيعية كما يقول الكثير من الآباء الذين لديهم أبناء مثل حالة ابني، فإن التأهيل يبدأ في عمر الثالثة، ويرسل الطفل إلى حضانة خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، ثم المدارس الحكومية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة. وبما إن ابني لم يصل إلى سن يؤهله للدخول إلى هذه المدارس والحضانات ما زالت مغلقة، فإنني أضطر إلى الاستعانة بمعلمة متخصصة لتعليمه وتأهيله". ويوضح الظفيري أن الهيئة العامة لذوي الإعاقة قالت إنها ستفتح المدارس الخاصة بذوي الإعاقة لأن هؤلاء لا يمكنهم الدراسة عن بعد، لكنها لم تعلق على افتتاح دور الحضانة الخاصة بذوي الإعاقة، وهو ما يجعلني أدفع مصاريف كثيرة". يضيف الظفيري: "أنا الآن بين خيارين؛ الخسارة المادية الكبيرة نتيجة تكاليف المعلمة الخاصة، وبين بقاء ابني بهذا الشكل وحيداً في المنزل وهو ما لا ينصح به الأطباء".