حصاد الغزو والطائفية المدمر

14 يونيو 2023
تداعيات كارثية لتراجع التعليم العراقي (Getty)
+ الخط -

بدأ الطلاب العراقيون عامهم الدراسي في ظل حال من الفوضى التي تعم البلاد، والتي تؤدي إلى فقدان وزارة التربية دورها الإشرافي، إذ إنه في حال على هذا النحو من التسيب، لا مجال لإشراف مركزي على عمل القطاع في المحافظات، سواء كانت قريبة من العاصمة بغداد أو بعيدة عنها، بل تترك كل واحدة منها لتدبر أمورها بنفسها.
عندما تصبح المدرسة على هذا النحو الهلامي، تفقد دورها في التفاعل مع المجتمع، ويبدو في مثل الظروف التي يجتازها العراقيون أنهم أعجز عن التدخل، فالانهيار يشمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهو يدفع الأهل إلى اعتبار أبنائهم بمثابة استثمار معجَّل يتحدد دورهم في  مساعدة ذويهم على تأمين قوتهم اليومي بعد انهيار مداخيلهم، خصوصاً وأن الوزارة لم تستطع تأمين المستلزمات المطلوبة، بما فيها الكتب والدفاتر، كما أن عمليات الترميم شابها الكثير من الثغرات والفضائح، ولا تتلاءم في مواصفاتها مع المدرسة الحديثة.
هناك ما يشبه الكارثة التعليمية التي تتمثل في النقص الحاد في الأبنية المدرسية الملائمة، والنقص الأكثر حدة في الكادر التعليمي المؤهل، والأسوأ هو التفتت الذي يحدث في المناهج، واعتبار مرجعية كل منها تحدده المحاصصة المقررة بموجب التركيب السياسي الطائفي الديمغرافي. لتتحول المدرسة إلى ما يشبه مكان احتجاز قسري للتلاميذ الذين يرسلهم ذووهم للتخفف من وجودهم.

موقف
التحديثات الحية

وعليه، ليس غريباً أن تتفشى الأمية بين الأجيال الجديدة من العراقيين، والذين بات كثيرون منهم لا يملكون مهارة فك الحروف في العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، والأنكى أن مئات المدارس لا تملك الحد الأدنى من الخدمات الضرورية كالمياه والكهرباء وشبكات الإنترنت.
يواجه المجتمع العراقي هذا الانهيار المتسارع نحو الأمية وتراجع مستواه التعليمي، ما يقود إلى مضاعفة عوامل التخلف، إذ تراجع تأثير التعليم الراقي الذي بات محصوراً بفئات محدودة العدد من أصحاب الدخول العالية، بينما الجموع تعاني تصاعداً في مستوى التخلف نتيجة انخفاض مستوى التعليم العام، وهو ما لم يكن موجوداً خلال العقود السابقة، عندما كان حق التعليم إلزامياً ومجانياً مكرساً في نصوص الدستور، من صفوف الروضة إلى التعليم العالي، كون العراق من الدول الغنية.  
باختصار لا يملك العراقيون ترف الوقت الضائع، وهم بأمس الحاجة إلى تنفيذ خطط قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، ووضع استراتيجية ثابتة لتنمية الموارد البشرية عمودياً وأفقياً، وأن تلتزم بها الحكومات، وهي مهمة تبدأ من التعليم الابتدائي وصولاً إلى الجامعات.

(باحث وأكاديمي)

المساهمون