لا تجد المُسنة الفلسطينية أم رباح أبو ريالة، من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربيّ مدينة غزة، مهرباً من درجات الحرارة المرتفعة، إلا بالجلوس أمام منزلها، أملاً بمرور نسمة هواء تخفف عنها وطأة الحر، خاصة في ظل تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
ويزيد من صعوبة العيش داخل المخيمات والمناطق ذات الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تغلب عليها البيوت المُغطاة بألواح (الزينكو) المعدنية، انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، ما يُحوّل تلك البيوت إلى أشبه بغُرف "الساونا".
ويمُر فصل الصيف الحالي ثقيلاً على الأسر الفقيرة، وخاصة في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وعدم الالتزام الواضح بجداول مُحددة لقطع التيار الكهربائي ووصله، إذ تصل فترات الوصل في الوقت الطبيعي إلى 8 ساعات، فيما تصل خلال فصل الصيف وفترات الذروة (ذروة استهلاك الكهرباء) إلى 12 ساعة قطع، أو يزيد.
وتقول أم رباح، التي أمسكت بيدها قنينة ماء ترش بها يدها ووجهها، وقد أحاط بها عدد من أحفادها، لـ "العربي الجديد" إن درجات الحرارة تتضاعف داخل البيوت، خلال فصل الصيف، ولا تجد بُداً سوى الخروج إلى الممرات خارج البيت، إذ يعطيها ذلك انتعاشاً مؤقتاً، بعيداً عن جحيم الحرارة داخل بيتها المغطى بالزينكو.
وتتشابه أوضاع باقي البيوت في مختلف المُخيمات الفلسطينية التي تعاني أساساً من التهميش والأوضاع المعيشية المتردية، وذلك لبساطة البناء، وصِغر مساحة البيوت، علاوة على الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي لا تُمكن أصحابها من توفير أنواع الطاقة البديلة.
وينتشر سُكان المخيمات، بين الأزقة خلال فترات النهار، وتحديداً مع انقطاع التيار الكهربائي، إذ يلعب الأطفال كرة القدم، أو باقي الألعاب التقليدية، فيما يفترش كبار السن الأرض، ويجلسون على الفراش العربي، والحصائر، أو على الكراسي البلاستيكية أو الخشبية مقابل بيوتهم.
ويحتاج سكان قطاع غزّة إلى نحو 600 ميغاواط حتى يحصلوا على كهرباء متواصلة وغير منقطعة على مدار 24 ساعة، إلا أنهم لا يحصلون في الواقع إلا على 180 ميغاواط، يُزوَّدون بـ 120 ميغاواط من طريق الاحتلال الإسرائيلي مباشرة، عبر عشرة خطوط، إلى جانب 60 ميغاواط تنتجها محطة توليد الكهرباء في القطاع، التي تعمل بواسطة وقود يصل إليها من دولة الاحتلال بتمويل من قطر. ويحصل بموجب ذلك أهالي غزة في أفضل الأحوال على فترات وصل كهرباء تمتد حتى 8 ساعات وصل، مقابل 8 ساعات فصل، لكن ساعات الوصل تقلّ مع اشتداد درجات الحرارة في الصيف وانخفاضها في الشتاء ومعها يزيد عدد ساعات القطع.
وفي مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، لم تختلف الأحوال كثيراً، إذ افترش عدد من سُكان المخيم الطرقات، هرباً من الرطوبة العالية داخل البيوت الصغيرة.
وعن ذلك يقول الفلسطيني صبحي مقداد، إن "المعاناة متكررة في الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، وفي الشتاء، حين يقرس البرد أجسامنا، وأجسام أطفالنا".
ويتمنى مقداد التغلب على أزمة الكهرباء، التي تطاول كل البيوت، وعلى وجه التحديد البيوت ذات البنية البسيطة، التي تكون عرضة مباشرة للأجواء القاسية، مضيفاً: "نتمنى كذلك من الجهات المعنية النظر إلى واقع المُخيمات الصعب والمهترئ، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للسكان فيها".
وقصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة بتاريخ 28 يونيو/حزيران 2006، ومنعت منذ ذلك الحين إعادة إعمارها، فيما لا تستطيع المحطة إنتاج كميات كافية من الكهرباء، ولا يزال الاحتلال يعرقل إجراء أي ترميم أو إدخال لوازم التحسين أو التطوير على منظومة الكهرباء، ويجبر الفلسطينيين على شراء وقود المحطة من جانبه فقط.