حجاب إيران: رقابة إلكترونية وغرامات

08 سبتمبر 2022
تعدّل حجابها التزاماً بالقوانين (مرتضى نيكوبازل/ Getty)
+ الخط -

عادت قضية الحجاب في إيران إلى الواجهة خلال الأيام الأخيرة مجدداً وإن بشكل مختلف، عقب تصريحات تتعلق بإمكانية استخدام التقنيات الحديثة وكاميرات المراقبة في الأماكن العامة للتعرف إلى النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الإسلامي أو ما بات يعرف في البلاد بالحجاب العرفي المألوف، وهو ليس بالضرورة حجاباً إسلامياً وفق المعايير الرسمية المحددة للحجاب الإسلامي.  
وأثارت تصريحات أمين لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محمد صالح هاشمي غلبايغاني الأخيرة، بشأن التصدي لمظاهر غير إسلامية منها عدم الالتزام بالحجاب عبر استخدام التقنيات الحديثة، وتغريم أصحابها، جدالاً على شبكات التواصل والمواقع الإيرانية ما زال مستمراً. وقال في مقابلة متلفزة مع موقع "خبر فوري" الإيراني: "إذا ما صدرت عن شخص في الأماكن العامة مثل المترو والباص تصرفات غير مألوفة وغير متزنة، فالكاميرات تصور ذلك وتتم مطابقة الصورة مع بطاقة الهوية الشخصية (تلقائياً) وسترسل غرامات إلى بيته". أضاف أن هذه الغرامات "مؤثرة" لكنه لم يحدد مبلغاً، مشيراً إلى أن "التقنيات الحديثة الآن يمكنها التعرف إلى هوية من لا يلتزم بالحجاب في الأماكن العامة. وبحسب القوانين الراهنة، فإن الحجاب السيئ يعد جرماً". وقال إنه يجب محاكمة المجرم بحسب هذه القوانين، مؤكداً في الوقت نفسه أن تطبيق ذلك في موضوع الحجاب "غير ممكن". ويرى أنه يجب اعتبار عدم الالتزام بمعايير الحجاب "مخالفة" وتغريم المخالفين لتسهيل التصدي للأمر. 
لكن نادي "المراسلين الشباب" التابع للتلفزيون الإيراني، نفى نقلاً عن مصدر مطلع، أن تكون كاميرات المراقبة في الأماكن العامة مزودة بتقنية التعرف إلى هوية الأشخاص تلقائياً، مشيراً إلى أن "الكاميرات داخل القطارات تسجل الصور لكنها غير قادرة على معالجتها والحل الوحيد هو تكبير الصورة على وجوه الأشخاص". 
وخلال الفترة الماضية، انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي قائمة غرامات مالية تتعلق بأنواع المخالفات من جراء عدم الالتزام بالحجاب. لكن الشرطة الإيرانية نفت صحة هذه الأنباء، لتنقل وكالة "مهر" الإيرانية عن الشرطة قولها إن "هذه القائمة غير صحيحة ولا نية حالياً لفرض غرامة مالية". وأثارت تصريحات غلبايغاني والشائعات حول احتمال فرض غرامات مالية على النساء غير الملتزمات بالحجاب ردود أفعال وتكهنات مختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي، بين من اعتبرها أمراً غير ممكن ومجرد ضغط على النساء للالتزام بمعايير الحجاب، وبين من قال إنها تمهد لدخول مسألة التصدي لـ "الحجاب السيئ" أو عدم الالتزام بالحجاب إلى مرحلة جديدة. لكن حتى الآن، لم تعلن السلطات الإيرانية رسمياً عن وجود قرارات بهذا الاتجاه، مع نفيها فرض غرامات على لسان الشرطة. 

من جهتها، ترى الصحافية الإيرانية زهراء وكيل الرعايا أن الحديث عن استخدام التقنيات الحديثة في الأماكن العامة للتصدي لمظاهر ارتداء الحجاب غير المناسب "أمر مضحك ومدعاة للسخرية"، قائلة في حديث لـ "العربي الجديد" إن هذا الأسلوب "لا يمكن تطبيقه كونه يمس بالهدوء والأمن النفسي للنساء". تضيف: "كفتاة إيرانية، أريد العيش بهدوء. وإذا ما أرادوا من خلال هذه الأفعال زيادة الهدوء، فيسيرون باتجاه معاكس لأنها تخفض الشعور بالأمن"، موضحة أن "وجود شعور بأنك مرصود وتحت مراقبة مستمرة في الأماكن العامة يمنحك الخوف والقلق الدائمين ويمس بأمنك النفسي إذا ما علمت أن هناك من يراقبك دائماً". 

إيران (عطا كيناري/ فرانس برس)
"يجب عدم التعامل مع الحجاب كأنه مثل ربط حزام الأمان" (عطا كيناري/ فرانس برس)

من جهتها، تؤكد الباحثة في جامعة "الإمام الصادق" في طهران نيجو ديالمة، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن التعامل مع مسألة الحجاب يجب أن يكون بحسب "استراتيجية ثقافية دقيقة ومحسوبة"، داعية إلى ألا يتم التعامل مع الحجاب كأنه مثل ربط حزام الأمان في حال قيادة السيارة أو غير ذلك. وترى أن "بعض حالات كسر المألوف من قبل نساء في الفضاء العام قد تقف خلفها مجموعات منظمة ومرتبطة بقنوات المعارضة، ولهؤلاء أهدافهم الخاصة. لكن هذه الحالات قليلة"، مشيرة إلى أن "هناك إيرانيات عاديات غير ملتزمات بمعايير الحجاب". وتدعو إلى "الحوار العلمي الحر" مع هؤلاء بدلاً من التعامل القانوني.  
كذلك، اعترض حقوقيون إيرانيون على تصريحات غلبايغاني، معتبرين أنها "غير قانونية"، مع الإشارة إلى أنه لا يحق لأحد فرض غرامات باستثناء المحاكم، وما من نص قانوني حول تغريم من لا يلتزم بمعايير الحجاب الرسمية.

كذلك، يؤكد نائب رئيس اللجنة القضائية البرلمانية الإيرانية حسن نوروزي، أن "ما من مسوغ قانوني لتصريحات غلبايغاني، وأنها تأويل شخصي غير قابل للتنفيذ". كما انتقد النائب غلام رضا نوري قول غلبايغاني، قائلاً إن لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "غير مخولة قانونياً بهذا المجال" علماً أن إيران شهدت قبل أشهر جدالاً حول الحجاب وطريقة تطبيقه بالمجتمع بعد عودة شرطة الأمن الأخلاقي إلى الشوارع للتصدي لـ "المظاهر غير الإسلامية"، منها عدم الالتزام بالحجاب وإبلاغ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قانون الحجاب المقر عام 2005 المكون من 300 مادة إلى مؤسسات الدولة البالغ عددها 23. 
وأطلقت إيرانيات رافضات للحجاب الإلزامي حملة لا للحجاب الإلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعي، مع دعوة النساء الإيرانيات إلى خلع الحجاب وتصوير ذلك وإشراك الفيديو على المنصات الإلكترونية، لكن السلطات ووسائل إعلام إيرانية اتهمت جهات أجنبية بتنظيم هذه الحملة، مقللة من أهميتها. كما نظمت إيرانيات داعمات للحجاب مسيرات في مدن عدة رفضاً لهذه الحملات ودعماً للحجاب". 

دلالات
المساهمون