نظمت جمعية "زوخروت" (ذاكرات)، الجمعة، جولة تعليميّة في القرية الفلسطينية المُهجَّرة الطنطورة، الواقعة على شاطئ البحر جنوب حيفا، غرب قرية الفريديس، للتعرّف إلى تاريخ القرية ونكبتها، احتلالها وتطهيرها عرقيّاً، وإلى المجزرة التي نفّذتها القوات الإسرائيليّة بحق أهلها.
سكن الطنطورة 1720 نسمة قبل النكبة، وكان فيها 14 ألف دونم من الأراضي الزراعية، واعتمد أهالي القرية على الزراعة وصيد السمك، قبل احتلالها في مايو/أيار من عام 1948 من الجيش الإسرائيلي.
ويُعَدّ بيت أحمد اليحيى والمدرسة، إلى جانب مقام الشيخ البجيرمي الموجود داخل منتجع سياحي، كل ما بقي في القرية التي هُجِّر أغلب سكانها إلى المخيمات في العالم العربي، وقسم منهم ما زال في قرية الفريديس وبلدات أخرى في الداخل الفلسطيني.
وتضمّ قرية الطنطورة، اليوم، أجمل الشواطئ، وأُقيمَت عليها مستوطنة "نحشوليم"، كذلك فإنّ فيها فندقاً ومنتجعاً سياحياً وقرية للصيادين يستفيد منها صيادو قرية الفريديس.
انطلقت الجولة التعليمية من موقف السيارات الذي كان ساحة للمجزرة عام 1948، وبعدها المقبرة الجماعية لشهداء مجزرة الطنطورة، ووضعَ المشاركون لافتة كُتب عليها "مقبرة الطنطورة"، ثم وقفة عند موقع المسجد على الطرف الجنوبي - الشرقي منه، ووُضعَت لافتة تحمل اسم المسجد، ومن ثم محطة أخرى إلى شاطئ البحر حتى الوصول إلى البيت الفلسطيني الوحيد الباقي لأحمد يحيى من القرية ومقام الشيخ البجيرمي داخل المنتجع السياحي.
وفي السياق، قال عمر الغباري، مرشد الجولة من جمعية ذاكرات: "نحن نقف على أرض مقبرة الطنطورة، بدايتها في موقف السيارات، ونهايتها داخل الموقف التابع لفندق نحشوليم الذي أُقيم على أرض الطنطورة بعد عام 48 مباشرة. تخيلوا أن المقبرة موجودة تحت أقدام الناس دون أن يجرؤ أصحاب الفندق على أن يسردوا للناس الحكاية".
وتحدّث غباري كذلك عن النقاش الذي أثاره " فيلم "طنطورة" للمخرج ألون شفارتس الأخير الذي صدر باللغة العبرية "ليكشف جريمة الطنطورة وشهادات من المجرمين الذين شاركوا فيها"، مشيراً بقوله: "نحن كفلسطينيين يجب أن نستغل هذه الفرصة حتى نراكم المعرفة بالنسبة إلى النكبة وجرائمها ومجزرة الطنطورة".
وأضاف الغباري: "قرية الطنطورة معروفة كالقرى الجميلة التي كانت على شاطئ البحر في فلسطين، سواء من الشهادات التي سمعناها من اللاجئين وحتى من المستعمرين الإسرائيليين الذين وصفوا القرية ببيوتها وطرازها المعماري الجذاب... للأسف، الوصف الجميل للبلدة يرتبط بالمجزرة البشعة وما خلفته من صدمة ومأساة ألمّت بهذا القرية".
الغباري أعاد التذكير ببشاعة المجزرة وما شهدته من قتلى وإعدامات للرجال والنساء "نتحدث عن 200 إلى 250 شهيداً، ومنهم الشهيدتان عزّت الحاج وِشقيقتها...".
بدورها قالت مديرة جمعية "ذاكرات"، راحيل بت أريه: "نحن نرى إنكار المجتمع الإسرائيلي لجرائم النكبة، وهذا مستمر ليومنا هذا. النكبة مستمرة كل يوم، وأمس قُتل الطفل محمد شحادة من قرية الخضر. دورنا أن نربي جيلاً ونذكره بجرائم النكبة وبالحق في العودة بشكل جدي".
إنّ "زيارة الطنطورة ليست فقط من أجل معرفة التاريخ، بل فعالية ودعوة للاعتراف بالحقيقة وبالمسؤوليّة عنها، ودعوة إلى إرساء العدالة من خلال تطبيق حق العودة وإعادة بناء الطنطورة"، وفق ما جاء في نص بيان لجمعية ذاكرات.
وأضاف: "ليست الطنطورة مجرد فيلم، وليست تاريخاً مضى، وإنما هي جرح مفتوح وظلم متواصل، ولم تكن مجزرة الطنطورة وتهجير أهلها جريمة وحيدة أو حدثاً استثنائيّاً، وإنما هي فصل واحد من فصول النكبة الدامية والمستمرة".