تمزج الطبيبة الفلسطينية تغريد شعفوط، وإلى جانبها عدد من الشُبان والفتيات، بين جلسات الطب النفسي، والموسيقى، لخلق حالة من الإيجابية، تُساعد الأشخاص على تجاوز الظروف الصعبة التي يمرون بها، في ظل التحديات التي يعيشها قطاع غزة المُحاصر.
وفي مركز "كيان الثقافي" تقام جلسات علاج فردية، وأُخرى عبر لقاءات جماعية، لمُساعدة الأفراد الذين يعانون آثاراً نفسية متنوعة، إثر الضغوط اليومية، الناتجة عن الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون، جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ خمسة عشر عاما، إلى جانب الأثر النفسي العميق الذي خلفته الحروب التي توالت على قطاع غزة خلال السنوات الماضية.
وتتناغم الألحان في الجلسات العلاجية، بطبقاتها المُختلفة و"نوتاتها" المتنوعة، مع العلاج بالطب النفسي، لخلق أجواء إيجابية، تُساعد الفرد على التخلص من الآثار النفسية السلبية، وتفريغها عبر مختلف الطرق، بهدف تحسين الحالة المزاجية والنفسية.
ويعتمد العلاج بالموسيقى بشكل أساسي على قدرة اندماج الشخص المسترشد "الشخص المستهدف" في النوتات الموسيقية، حيث يتم بث موسيقى حزينة تساعده على تفريغ الطاقة السلبية عبر ذرف الدموع، أو من خلال الموسيقى السعيدة والاسترخاء، والتي تندمج فيها أصوات زخات المطر وأمواج البحر، وتخلق مساحة واسعة لخسارة الطاقة السلبية.
وتقول شعفوط، إن المشروع الريادي، يهدف إلى خدمة المجتمع الفلسطيني، عبر كفاءات شابة، قادرة رغم التحديات والصعوبات، على إثبات ذاتها، من خلال المشاريع والأفكار الخاصة، أو من خلال الخدمات المتنوعة التي يتم تقديمها للمجتمع، لاستثمار ودمج العلم والإنسانية والخبرة والموهبة.
ويهدف المشروع النسوي، وفق شعفوط إلى الدمج بين الثقافة والعلم والإرشاد النفسي والموسيقى، للتخفيف من معاناة المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، من خلال الجلسات الهادئة، والأمسيات الشعرية الثقافية والموسيقية، فيما يستهدف مركز "كيان" عبر برامجه المتنوعة استيعاب الأشخاص أصحاب المشاكل النفسية، علاوة على علاج مشاكل النطق عند الأطفال، الناتجة عن الاضطرابات النفسية، التي يسببها الضغط النفسي الذي يتعرض له أبناء قطاع غزة بعد الحروب والمشاكل الأسرية والصراعات المختلفة، إلى جانب برامج التدريب والبرامج التراثية والوطنية.
وتوضح شعفوط لـ "العربي الجديد" أن العلاج بالموسيقى مُتَّبَع في بلدان العالم، وتم إدخاله إلى قطاع غزة، والذي يعيش "حالة استثنائية، حيث يتم تخزين أصوات القصف، والانفجارات والصواريخ والطائرات الحربية، والتي تسبب بمجملها اضطراب ما بعد الصدمة الذي يعاني منه الأطفال والنساء والشيوخ".
ويحاول القائمون على جلسات التفريغ النفسي، التخفيف من وطأة الضغط النفسي، عبر التفريغ الانفعالي، من خلال النوتات الموسيقية، التي تهدف إلى خلق حالة من الاسترخاء، خلال الاستماع إلى الموسيقى، والتي تبث في النفس البشرية الراحة النفسية والهدوء.
وتتنوع أشكال الجلسات العلاجية، إذ يتم تنظيم الجلسات الفردية، داخل الوحدة الإرشادية، يستمع إليها المسترشد، بهدف تفريغ الطاقة السلبية، إلى جانب الأمسيات الثقافية الشعرية أو أمسيات "الدندنة على العود"، والجلسات الجماعية والطربية، التي تبث في النفس الراحة والاسترخاء، ويتم فيها دمج الأشخاص المستهدفين.
ويستطيع القائمون على النشاط تحديد المشاكل المجتمعية وتسليط الضوء عليها، وذلك بفعل خبرتهم السابقة، المبنية على تعاملهم الميداني المُباشر مع أفراد المجتمع، ويتم البدء مع كل شخص وفق مسلسل، يتم بداية تشخيص المشكلة داخل الوحدة الإرشادية، والبدء بنظام علاجي، بعد موافقة الشخص.
ويحاول المركز من خلال نشاط جلسات التفريغ النفسي بالموسيقى، التأكيد على أن الثقافة ليست مرتبطة بالفنون والدبكة فقط، وإنما بالإنسان وتنمية مهاراته، عبر الإرشاد النفسي، والذي يُساعد الأشخاص على تجاوز الظروف الصعبة والاستثنائية التي يمر بها قطاع غزة، فيما تحمل السيدات رسالة للعالم بأن "نساء غزة لديهن القدرة على مواكبة العصر، وتحويل كل التحديات إلى طاقة إيجابية، تعينهن على البقاء والمواصلة بقوة".