جفاف نهر الأمازون يهدد السكان الأصليين في كولومبيا

20 أكتوبر 2024
انخفاض تدفق نهر الأمازون بنسبة 90%، كولومبيا، 4 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه سكان ياغوا في الأمازون الكولومبية عزلة متزايدة بسبب انخفاض تدفق نهر الأمازون بنسبة 90%، مما يتطلب منهم مشيًا لساعتين للوصول إلى الإمدادات.
- يتزامن الجفاف مع حرائق غابات الأمازون، مما يؤدي إلى نقص الغذاء في بيرو وانخفاض مستوى محطة طاقة كهرومائية في البرازيل، مع ارتفاع أسعار السلع والوقود.
- تدعو يودوسيا موران، زعيمة "تيكونا"، للعودة إلى التقاليد الزراعية لمواجهة الأزمة، مؤكدة على أهمية الصمود والتكيف مع الظروف المتغيرة.

يسير أفراد من مجموعة ياغوا الأصلية في الأمازون الكولومبية حاملين أطعمة وقنينة ماء كبيرة، على مساحة كانت تشكل في السابق قاع أحد أقسام نهر الأمازون انخفض تدفقه بنسبة 90% بسبب قلة الأمطار، وقرب بلدة ليتيسيا (جنوب)، عاصمة مقاطعة أمازوناس، يعزل النهر الجاف قرية ياغوا وسكانها البالغ عددهم 600 نسمة بشاطئ رملي على مساحة ثلاثة كيلومترات.

الصورة
انخفاض تدفق نهر الأمازون ، كولومبيا، 4 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
انخفض تدفق نهر الأمازون بنسبة 90% بسبب قلة الأمطار، كولومبيا، 4 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

وللوصول إلى أقرب نقطة تمدّهم فيها القوارب بالمواد والمستلزمات، يتعين عليهم المشي لساعتين، في وقت كان هذا المسار يستلزم 15 دقيقة عندما كانت مياه نهر الأمازون تمتد إلى أقصى مدى تراه العين.

وتشير الوحدة الوطنية لإدارة المخاطر والكوارث (UNGRD) إلى أن تدفق نهر الأمازون انخفض بنسبة 90% في ليتيسيا الحدودية مع البرازيل والبيرو، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق القوارب. ويقول مدير الوحدة الوطنية لإدارة المخاطر والكوارث كارلوس كاريّو: "إنّ وسيلة النقل الوحيدة لعدد كبير من هذه المجموعات الأصلية هي النهر، ومع جفاف روافده باتوا معزولين تماماً" عن العالم.

وبحسب مرصد كوبرنيكوس الأوروبي، يتزامن الجفاف مع أسوأ حرائق تشهدها منذ نحو عشرين عاماً غابات الأمازون المطيرة التي تغطي مساحتها البرازيل بشكل رئيسي. ويقول فيكتور فاسيلينو، وهو رجل من ياغوا يبلغ 52 عاماً، حاملاً فوق كتفيه قنية ماء سعة ستة لترات وفّرتها له السلطات، إنّ "المشي تحت الشمس الحارقة شاق"، مضيفاً "من الصعب المشي على الرمال" التي لا تكون ثابتة في بعض الأحيان.

الأمازون يواجه خطر الجفاف

وتسير ماريا سوريا وأفراد آخرون من مجموعتها الأصلية "ياغوا" لمسافات طويلة بهدف الوصول إلى إيسلا دي لوس ميكوس، حيث تبيع حرفاً يدوية للسياح. وتقول سوريا (55 عاماً) مرتدية زي ياغوا التقليدي "إنّ الأمازون هي رئة العالم، وهي مذهلة، لكنها ليست مناسبة لنا في الوقت الراهن، إذ يتعين علينا السير لمسافات طويلة". مضيفة "في غضون سنوات قليلة، سيجفّ النهر بأكمله"، مضيفة "أسأل الله أن يعيده إلى ما كان عليه، وأن نعود إلى حياتنا السابقة".

الصورة
انخافض تدفق نهر الأمازون ، كولومبيا، 4 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
رحلة شاقة للحصول على الماء، كولومبيا، 4 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

ووصف مكتب حاكم المنطقة البالغة مساحتها 109 آلاف كيلومتر مربع وتغطيها الغابات، الجفاف الحالي بأنه "أسوأ أزمة مناخية" عرفتها المنطقة على الإطلاق. ومن دون ممر مائي، لا تجارة بين الدول الثلاث التي يعبرها الأمازون تباعاً.

على الجانب البيروفي، تعاني قرى صغيرة من أزمة نقص في الغذاء. أما في الجانب البرازيلي، فأعلنت السلطات أن "الوضع حرج"، خصوصاً بسبب انخفاض مستوى محطة طاقة كهرومائية تولد 11% من الطاقة الوطنية.

الصورة
انخفاض تدفق نهر الأمازون ، كولومبيا، 4 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
حذّر العلماء من خطر الوصول إلى "نقطة تحوّل" مناخية، كولومبيا، 4 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

وترتفع بشكل كبير أسعار كل السلع بما في ذلك الوقود. ويجبر انخفاض منسوب المياه الصيادين على اجتياز مسافات أطول وتجنب الشواطئ الرملية. يقول رويل باكايا، وهو صياد يبلغ 50 عاماً، بحسرة "إذا نظرنا إلى الساحل بأكمله، وأينما ذهبنا، نرى الجفاف".

وحذر العلماء من خطر الوصول إلى "نقطة تحوّل" مناخية، وهي مرحلة تؤدي فيها حلقة مفرغة من إزالة الغابات والحرائق إلى جفاف غابة الأمازون التي سيصبح قسم منها سهل سافانا، في حال تسجيل تغيير دائم في النظام البيئي، مع آثار كارثية على أكثر من ثلاثة ملايين نوع من النباتات والحيوانات.

وتعبّر يودوسيا موران (59 عاماً) عن شعورها بأنها محاصرة. وعلى بُعد أمتار قليلة من منزلها في قرية مسدونيا الصغيرة، توقف تدفّق النهر ولم يبق منه سوى بركة من المياه الراكدة. كما توقفت السياحة التي تشكّل المصدر الرئيسي لدخل السكان، وأصبحت الرحلات إلى ليتيسيا للحصول على الإمدادات صعبة ومكلفة بشكل متزايد. وتبدي موران، وهي زعيمة مجموعة "تيكونا"، اقتناعها بأن الحل يكمن في العودة إلى التقاليد الزراعية للقدماء، وتقول "علينا أن نعمل مجدداً في الأرض، ونعود إلى الزراعة".

وبينما يستمر نمو الكسافا والفاصوليا والذرة والفاكهة والخضر في حديقتها، إلا أنه في حال استمر الجفاف وتصلّبت التربة، لا تنوي موران الاستسلام، وتعلّق "أقولها لأي شخص: إنّ مسؤوليتنا (...) المضي قدماً مع تيار الزمن، فبالإضافة إلى معرفة كيفية العمل، علينا معرفة كيفية الصمود".

(فرانس برس)

المساهمون