جريح في ثورة تونس يعتصم ضد الذل

11 يوليو 2022
رياض اليوسفي مع أطفاله (العربي الجديد)
+ الخط -

يعتصم أحد جرحى الثورة التونسية عام 2011، ويدعى رياض اليوسفي (50 عاماً)، مع زوجته وأطفاله الأربعة، وبينهم رضيعة لم يتجاوز عمرها الشهر الواحد، بعدما وجد نفسه ينام في الشارع بسبب تدهور ظروفه الاجتماعية والمادية والصحية.

يفترش الأرض مع أطفاله في مقر الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ويقول لـ"العربي الجديد": "لم أحصل على أي حقوق رغم أن اسمي مدرج في القائمة الرسمية لجرحى الثورة. كانت أوضاعي المادية جيدة قبل أن أصاب في أحداث الثورة، وذلك بعد يومين من هروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي". 
يضيف: "كنت أعمل لتأمين احتياجات أسرتي، ثم تراجع وضعي الصحي تدريجياً، وأصبحت أحمل بطاقة إعاقة بعدما أصبت بشلل نصفي. وأنا أعاني من مخلفات الإصابة، ولم أعد قادراً على العمل، ولا على الاهتمام بنفسي، ولولا مساندة زوجتي واهتمامها بي لما وقفت مجدداً على قدمي، واستعدت حياتي".
ويشير إلى أنه "رغم مرور نحو 12 سنة على الثورة، تزداد المتاعب في ظل غلاء المعيشة. وبالنسبة إلى وضعي الاجتماعي فهو سيئ، وحالي تشبه حال جرحى كثيرين لا حقوق لهم ولا يحصلون على أي اهتمام من الدولة". 
ويخبر اليوسفي أنه أصيب بارتجاج في المخ بعدما دهسته سيارة أمن مع عدد من رفاقه في شارع الحبيب بورقيبة، ويشير إلى أنه لم يكن يعتقد بأنه سيعيش مجدداً أو يتمكن من الوقوف والسير مجدداً على قدميه، لكنه خضع لعدة عمليات جراحية، وأجرى فحوصاً كثيرة وتناول أدوية كي يتماثل إلى الشفاء نسبياً، ويتمكن من المشي" .
ويذكر أنه مكث فترات طويلة مع أسرته في مراكز اجتماعية بسبب عدم وجود مسكن يأويه مع عائلته، و"الحقيقة أن السلطات ساعدتني في البداية، ومنحتني مرات مأوى مؤقتاً لبضعة أشهر في محافظات عدة، لكننا كنا نعود إلى الشارع مجدداً مع انتهاء مدة إيجار المأوى التي تراوحت عادة بين 3 أو 6 أشهر "ما جعل حياة عائلتي غير مستقرة، وأثرّ أيضاً على التحاق أطفالي بالمدارس ومتابعتهم تحصيلهم العلمي، إذ اضطر اثنان منهما، هما آدم (10 أعوام) ومحمد (7 أعوام) إلى الانقطاع عن التعليم، علماً أنهما مكثا أيضاً 15 يوماً في المستشفى بسبب تدهور وضعهما الصحي بسبب سوء التغذية. وهما يعانيان من نقص حاد في الحديد، وتنتابهما نوبات صرع في ظل عدم وجود دواء أو أي حل لمساعدتهما".

يتابع: "لا تساوي حياتي شيئاً عندما لا أؤمن أبسط الضروريات والمرافق الأساسية لأطفالي. حين يطلب مني طبيب توفير أغذية ومقويات وفيتامينات لهم، ولا أجد سبيلاً لجلبها بسبب عجزي، أشعر بالقهر وبأنني أقتل آلاف المرات يومياً. لا أريد العيش على المساعدات والشفقة، بل على مورد رزق ومستحقات قانونية كي أتكفل بأسرتي ومعالجة أطفالي. ورد اسمي في الجريدة الرسمية باعتباري أحد جرحى الثورة، لكنني لم أحصل على أبسط حقوقي، لم تفِ الدولة بوعود مساعدة جرحى الثورة، ولم تطبق الإجراءات التي أقرّت لمصلحتنا على أرض الواقع، وبينها إنشاء مؤسسة للاهتمام بنا وبعائلات الشهداء، واليوم لا يمكننا أن نلجاً إلى أي جهة".

ويشدد على أنه لا يجد في حالات كثيرة القوت لأطفاله، "ما دفعني إلى اتخاذ قرار تنفيذ اعتصام مفتوح في مقر الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، فهي خيار أفضل من البقاء في الشارع، ولا أستبعد أن ألجأ إلى التصعيد لأنني لا أملك أي حلول لمشاكلي، وسأواصل الاعتصام مع أطفالي في هذا المكان. ووسط الذل الذي أعيشه، إما أحيا بكرامة أو أواصل السعي للحصول على حقوقي".

المساهمون