في حالة رثة وبعيون متعبة ظهر محمد سلمان، أحد عناصر قوات النظام السوري، في تسجيل فيديو تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي هذا التسجيل، شرح سلمان سوء وضعه الصحي، وإهمال الجهات الحكومية له ولغيره من جرحى قوات النظام الذين تعرّضوا لإصابات أقعدتهم في منازلهم، وسط ظروف صحية واقتصادية سيئة جداً.
وكان سلمان قد أُصيب قبل نحو خمسة أعوام في إحدى المعارك التي خاضها النظام السوري، لكنّها المرّة الأولى التي يظهر بها منتقداً المعنيين بهذه الطريقة، وموجّهاً أصابع الاتهام بالفساد الإداري إلى الجهات الحكومية التي اعتادت سابقاً استعراض حالة سلمان ورفاقه مثالاً على الإصرار والتحدي والتمسّك بالأمل.
لكن بحسب ما يبدو، فقد ضاعت آمال محمد على فراش مرضه، وتلاشت أحلامه بعيش حياة كريمة، فخرج يطالب بأبسط احتياجاته؛ أي فراش هوائي كانت إحدى الجهات الرسمية قد وعدته باستبداله كلّ ستة أشهر في حين انقضى عام تقريباً من دون أن يُستبدَل.
هاجم سلمان مشروع "جريح الوطن" الذي يُعنى بالمرضى من أمثاله، وتعود إدارته لزوجة رئيس النظام السوري أسماء الأسد. وقال في تسجيل الفيديو المتداوَل إنّه لم يستفد من بطاقة المشروع التي حصل عليها قبل مدّة، طارحاً تساؤلات حول ميزات بطاقة الشرف وبطاقة التأمين الصحي. وأكّد عدم توفّر تأمين صحي ولا خدمات، منتقداً الإهمال في التعامل مع جرحى قوات النظام.
وكان مشروع "جريح الوطن" قد انطلق قبل أعوام في سورية، مستهدفاً جرحى قوات النظام السوري، ومتابعة حالاتهم الصحية، وتأمين مستوى من الحياة الكريمة لهم، من خلال تقدير نسبة المساعدات الممنوحة بحسب حالة العجز التي تعرّض لها الشخص المعني. لكنّ الغاية من المشروع بدت "إعلانية" أكثر منها عملية وواقعية.
وعلّق فارس الحمدو (اسم مستعار) وهو جريح آخر في قوات النظام السوري على الأمر، متحدّثاً عن حالات "الفساد الإداري" التي يشهدها مشروع "جريح الوطن"، من خلال منح قروض بسيطة للجرحى، في حين أنّهم غير قادرين على العمل وسداد تلك القروض. وتوجّه إلى إدارة المشروع قائلاً "إن كنتم تريدون مساعدة الجرحى حقاً فيجب رفع رواتبهم إلى مليون ليرة سورية (نحو 400 دولار أميركي)، وتقديم قروض بقيمة 30 مليون ليرة (نحو 12 ألف دولار) لمدّة 30 عاماً، من دون الحاجة إلى كفيل أو رهن، حتى يتمكّن الجريح بحقّ من الانطلاق بحياته من جديد".
كذلك نشر الجريح زاهر العبد الله تعليقاً، جاء فيه أنّ جرحى النظام السوري يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة تعكس حجم الإهمال الذي يتعرّضون له باستمرار من قبل المؤسسات الصحية والإنسانية والتي تحاول أن تبرز على حساب تضحياتهم. وأشار إلى أنّ كلّ الصرخات التي يطلقونها لا تجد آذاناً صاغية.