شهد المجتمع المصري مؤخراً العديد من جرائم القتل البشعة التي أثارت الفزع في نفوس المواطنين، خصوصاً تلك التي يقوم بارتكابها أحد أفراد الأسرة لأسباب لها علاقة بالخلافات العائلية، أو الميراث، كما يجرى في بعضها التمثيل بالجثة بعد ارتكاب الجريمة.
وشهدت البلاد قيام شخص بقطع رأس صديقه، والتجول به في الشارع في محافظة الإسماعيلية، وذبح آخر والديه بسبب خلافات أسرية في الإسكندرية، وذبح طالب لزميله دفاعاً عن طفل صغير، وطعن عروس بعد 3 أيام من زواجها من دون معرفة الجاني، واحتجاز زوج لأفراد أسرته كرهائن بعد قتل زوجته وحماته، وحرق أخ لشقيقته قبل أسبوع على زفافها بسبب الميراث.
اختلف الخبراء في علم النفس وعلم الاجتماع وعلوم الجريمة في تحليل أسباب انتشار تلك الجرائم العنيفة في المجتمع المصري، فمنهم من أرجعها إلى ارتفاع نسب الفقر، أو البطالة، ومنهم من يرى أن السبب هو انتشار تعاطي المخدرات، بينما يرى آخرون أنها ليست إلا جرائم معتادة، وأن التركيز الإعلامي عليها هو السبب في إلباسها ثوب "الظاهرة" ويرى البعض أن هذا التركيز الإعلامي مقصود.
ويشدد كثيرون على مخاطر تقديم وزارة الداخلية المصرية لملف الأمن السياسي على ملف الأمن الجنائي، ويشيرون إلى تكرار وقائع عدم تدخل الشرطة في جرائم القتل والسرقة المتعددة التي تحدث في الشوارع إلا بعد انتهائها، أو تمكن المواطنين من القبض على الجناة.
أبشع الجرائم كانت ما شهده شارع طنطا، بمحافظة الإسماعيلية (شرق)، حيث سجلت كاميرا المراقبة، وسط غياب تام لأجهزة الشرطة، قيام عامل سابق في معرض للأثاث بقتل صديقه في الشارع، وقطع رأسه باستخدام ساطور، ثم السير بالرأس في الشارع لمدة قاربت الساعة، مثيراً حالة من الفزع بين المواطنين. ووفقاً لشهود عيان، فإنّ الجاني فصل رأس المجني عليه، ووضع رأسه داخل "كيس بلاستيكي" وظل يتجول به في الشارع في حالة استعراض، وسط استغاثات من الأهالي، واتصالات متكررة بالشرطة، والتي تأخرت في إرسال دورية إلى موقع الجريمة حتى تمكن الأهالي من الإمساك بالمتهم بعد ابتعاده عن الجثة، وبحوزته رأس المجني عليه، غير أنه أصاب اثنين من المارة باستخدام سلاح أبيض، لتتحفظ الشرطة عليه بعد وصولها، مطالبة المواطنين بالابتعاد عن مكان الجريمة لحين الانتهاء من معاينة الآثار.
وتصدرت جريمة الإسماعيلية قائمة الأكثر تداولاً عبر مواقع التواصل في مصر، وسط استهجان كثيرين من تصوير الجريمة، ونشر الصور ومقاطع الفيديو على نطاق واسع، وتباينت آراء المعلقين في تناولهم للجريمة، فمنهم من لام سلبية المارّة، ومنهم من هاجم غياب الأمن الذي يشجع البلطجة، فيما تباكى آخرون على ما اعتبروه انهياراً مجتمعياً.
وفي الإسكندرية، قام رجل (40 سنة) بذبح والديه داخل شقتهما بسبب خلافات أسرية، وقالت شقيقة الجاني خلال التحقيقات إنها تلقت اتصالاً من زوجة شقيقها، قالت خلاله إن مشكلة وقعت بينه وبين والديها، وإنّه ذهب إليهما في حالة مزاجية سيئة، وحينما أرسلت ابنها لتفقد الجدين، والاطمئنان عليهما، عثر عليهما مذبوحين، وغارقين في دمائهما.
يقول مدرس علم الاجتماع، أسامة عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجرائم تحدث طوال الوقت، لكن عند تحولها إلى ظاهرة، فإنها يجب أن تخضع للدراسة والبحث، وينبغي عدم الاعتماد على ما ينشر في وسائل الإعلام وحدها، فالأخبار يمكن أن تكون مصدراً للرصد، ولا يجب أن تكون المصدر الوحيد، وهناك مصادر أخرى مهمة مثل محاضر النيابة العامة، والتي تعتمد عليها معظم دراسات الجريمة، كما في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية". ويتابع عبد الله أنّ "جرائم القتل التي وقعت مؤخراً، على اختلاف أسبابها، ترجع في الأساس إلى واقع اقتصادي واجتماعي يعاني فيه الفرد للحصول على أبسط حقوقه الإنسانية، مثل لقمة العيش، والسكن الآمن، وهذا الواقع يدفع البعض، مع عدم تجاهل الفروق الفردية بين الأشخاص، إلى سلوك طريق الجريمة، والذي يرتبط في الأغلب بطريق المخدرات".
وحسب تصنيف "نامبيو" العالمي لقياس معدلات الجرائم، تحتل مصر المركز الثالث عربياً والرابع والعشرين عالمياً في جرائم القتل، وتشكل جرائم القتل العائلي نسبة الربع، بينما تؤكد دراسة لـ"المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية" (حكومي) أن 92 في المائة من جرائم القتل تُرتكب بدافع العرض أو الشرف، وأن العوامل الاقتصادية باتت من أبرز أسباب تضاعف معدلات القتل.
كانت "جريمة الفيوم" أيضاً من أغرب الجرائم التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث قتل رجل "حماته" (والدة زوجته)، واحتجز أفراداً من العائلة لأكثر من 24 ساعة، وكشفت وزارة الداخلية في بيان أن الرجل سبق أن قتل زوجته قبل نحو شهرين، وقام بدفنها في منزله. وأكد البيان الأمني أن الرجل احتجز ابنه، وحماته، وشقيقة زوجته ونجليها، ثم قام بقتل حماته، ليتبين لاحقاً أنه قام بقتل زوجته خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، وقام بدفنها في مسكنه، وبالانتقال والفحص، أمكن الاستدلال على مكان الجثمان، الذي تبين أنه مدفون على عمق 4 أمتار بإحدى الغرف. ومارس المتهم كل أنواع التعذيب على أفراد الأسرة قبل قتل والدة زوجته، والتي ألقى بجثمانها في فناء المنزل قبل اقتحام الشرطة للمكان بساعات، وخلال عملية الاقتحام، تبادل إطلاق النار مع القوات الأمنية، مما أسفر عن إصابته بطلق ناري.
وفي محافظة الدقهلية بوسط دلتا النيل، استغل شاب نوم شقيقته (25 سنة)، التي حدد موعد زفافها بعد أسبوع، وسكب مادة البنزين عليها، وأشعل النار في جسدها، وأغلق عليها الباب حتى لا يتمكن أحد من إنقاذها، وذلك بسبب خلاف على الميراث.
يقول اختصاصي الطب النفسي وعلاج الإدمان سعيد الإمام إن حوادث القتل الأخيرة كانت مروعة بشكل مرعب، وارتبطت بالمخدرات، وآخرها حادث القتل في الإسماعيلية، موضحاً أن "مخدر "الكريستال ميثامفيتامين" المنتشر حالياً في مصر هو محفز قوي للجهاز العصبي المركزي، ويتم تعاطيه بطرق مختلفة، وبمجرد تعاطيه، تغمر مادة (الدوبامين) مناطق مختلفة في المخ، وتؤثر على التفكير الخاص بحل المشكلات، والمهارات، والذاكرة، وبمجرد خفوت الجرعة يشعر الشخص بالاكتئاب والتوتر، وتحدث تقلبات حادة في المزاج، ونوبات من العنف". ويوضح الإمام أنّ "تحفيز المخدر غالباً ما تكون فيه ضلالات الاضطهاد والخيانة، فيعتقد الشخص أن هناك من يراقبه، أو أن أشخاصاً يسعون لإيذائه، والأخطر أن يعتقد أن زوجته أو أمه أو أخته يمارسن علاقات جنسية محرمة، وبالتالي يبدأ في الشك في نسب أولاده، وغالباً هذه الضلالات يتفاعل معها الشخص بعنف شديد".
وفي محافظة البحيرة (شمال)، قرر منصور (58 سنة) استغلال ذهاب أشقائه إلى حفل زفاف أحد أقاربهم ليختلي بوالدته (87 سنة)، ويجبرها على نقل أملاكها إليه حتى لا يشاركه أشقاؤه في الميراث، لكنّ الأم رفضت، فنشبت مشادة كلامية بينهما، فدفع الابن أمه ليرتطم رأسها بالحائط، وتسقط جثة هامدة. لم تتوقف جريمة الابن عند هذا الحد، فخطط لإخفاء جريمته، ليفصل رأس والدته عن جسدها، ودفن الرأس معتقداً أنه بذلك يطمس معالم الجثة، ثم جرد بقية الجثة من الملابس، ووضعها في جوال (كيس من الخيش)، وألقى به في مصرف مائي، قبل أن يتم كشف تفاصيل الجريمة.
منذ اليوم الأول لزواج "أميرة" ظهرت عليها أعراض المرض النفسي، ما جعل عريسها يلجأ إلى ما يسمى بـ"العلاج الروحاني بالقرآن" اعتقاداً منه أنها تعاني مما يطلق عليه شعبياً "مس الجان". خرج العريس لإحضار شيخ لتلاوة القرآن على عروسه بالمنزل، لكنه فوجئ عند عودته بأنها غارقة في دمائها، وفي جسدها نحو 20 طعنة في مناطق متفرقة، فنقلها مسرعاً إلى المستشفى لتلقي العلاج، وما زال الجاني غير معروف حتى الآن.
وشهدت مدينة حلوان، جنوبي القاهرة، جريمة بشعة بطلتها فتاة دست بمساعدة خطيبها مخدراً في طعام والدها بغرض التخلص منه، متهمة إياه بمعاملتها بطريقة سيئة. بعدما بدأ مفعول المخدر، انقضت الفتاة وخطيبها على الأب، وقيداه، ثم كتما أنفاسه حتى فارق الحياة، وفي اليوم التالي، حملا الجثة، وقاما بإلقائها من أعلى سطح المنزل، ثم ادعت الابنة وهي تبكي أن والدها تعرض لغيبوبة سكري خلاله وجوده أعلى المنزل، وأنه سقط نتيجة ذلك من أعلى المنزل، لكن شقيقتها الصغرى كشفت زيف روايتها بعد مرور شهرين على الجريمة.
في العاصمة القاهرة، قرر طالب بالمرحلة الثانوية الدفاع عن طفل صغير يتعرض للضرب على يد زميله في الدراسة، فحاول زميله التعدي عليه بالضرب، وتحول الأمر إلى مشاجرة، وخلالها التقط الفتى الأول قطعة زجاج مكسورة من الأرض، وذبح بها زميله.
وفي شارع الهرم بمحافظة الجيزة، دخل الفتى بلال، الذي يعمل مساعد جزار، إلى مطعم للكباب، لشراء وجبة، وفي أثناء انتظاره تجهيزها، وقعت مشاجرة بين عامل بالمطعم وشخص آخر، فتدخل بلال لحلها، لكنه فوجئ بسيخ حديدي يخترق صدره، وتمكن الأهالي من القبض على القاتل، وسلّموه للشرطة.