في 21 إبريل/ نيسان الماضي، وصلت الدفعة الأولى من لقاح "أوكسفورد-أسترازينيكا" المضاد لكوفيد-19 والمخصّص لمناطق شمال غربي سورية، في إطار مبادرة "كوفاكس" لتأمين اللقاحات للدول الفقيرة. وأُثيرت العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول اللقاح، وخصوصاً أن بعض أهالي هذه المناطق يرفضون بشكل قطعي الحصول على اللقاح، على عكس آخرين يعتبرونه بمثابة خط الدفاع ضد فيروس كورونا الجديد. وهناك فئة أخيرة اختارت الانتظار، ريثما تظهر أية معلومات إضافية عن اللقاح.
في هذا السياق، يقول طبيب الأمراض الداخلية حسام قره محمد، الذي يعمل في مديرية صحة إدلب، لـ "العربي الجديد": "كنت من أوائل الذين حصلوا على لقاح أسترازينيكا. حصلت على الجرعة الأولى في 30 إبريل/ نيسان الماضي، ولم أشعر بأية أعراض جانبية باستثناء بعض الصداع والألم مكان الحقنة. وزالت كل الأعراض في اليوم التالي. أنصح الجميع بالحصول على اللقاح كونه خيارنا الوحيد لحماية المجتمع من الإصابة بالوباء".
وفي 17 مارس/ آذار الماضي، أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً بشأن مؤشرات لقاح "أسترازينيكا"، أوصت فيه باستمرار التطعيم به. وأوضحت أن بعض بلدان الاتحاد الأوروبي اتخذت إجراءً احترازياً بوقف استخدام اللقاح مؤقتاً، بناءً على تقارير تشير إلى حدوث حالات نادرة من تجلطات الدم لدى أشخاص تلقَّوا هذا اللقاح. وقررت بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي مواصلة استخدام اللقاح.
عمار معراتي النازح من مدينة خان شيخون إلى الشمال السوري، هو أحد الذين يرفضون الحصول على اللقاح. يقول لـ"العربي الجديد": "لست مقتنعاً باللقاح. يُحتمل أن نكون قادرين على تحديد السلبيات والإيجابيات في فترة لاحقة. لكن في الوقت الحالي، أرفض الحصول عليه". بدوره، يقول فايز المحمد، وهو تاجر سيارات يقيم في مدينة سرمدا في ريف إدلب الشمالي، لـ "العربي الجديد": "ما من معلومات متوفرة حتى الآن حول أضرار هذا اللقاح، وما الذي قد ينتج عنه من آثار جانبية، كأمراض السرطان مستقبلاً أو غير ذلك. في الوقت الحالي، لست مستعداً للحصول على ما هو مجهول".
ويُعدّ الحصول على اللقاح بمثابة خط المواجهة الرئيسي للحد من تفشي فيروس كورونا الجديد في مناطق شمال غربي سورية المكتظة بالسكان، والتي تعاني ضعفاً في القطاع الصحي. وفي حال تفشي الفيروس، فقد يتسبب بكارثة إنسانية، خصوصاً في المدن الكبيرة المزدحمة مثل إدلب والباب، بالإضافة إلى المخيمات التي يفتقر النازحون فيها لأدنى وسائل مواجهة الفيروس.
من جهته، يرى الأربعيني المهجر من ريف حمص الشمالي، جميل أبو خضر، والمقيم في مخيم للنازحين على مقربة من بلدة دير حسان شمالي إدلب، أنه "لا بد من الحصول على اللقاح في الوقت الحالي". ويوضح لـ "العربي الجديد": "أعتقد أن الخطر ليس كبيراً، لكن الحذر واجب. وبالنسبة لي، اللقاح هو الطريقة الأنسب للخلاص من الفيروس. لدي بعض المخاوف لكنه الحل الوحيد. ونأمل كنازحين أن يتاح لنا، وخصوصاً أننا نقيم في المخيمات".
بدوره، يلفت الطبيب عبد الحميد دباك، الذي حصل على اللقاح، إلى أن التطعيم أمر غاية في الأهمية بالنسبة لأهالي الشمال السوري المحرر. ويقول لـ "العربي الجديد": "حصلت على اللقاح منذ أسبوعين، ولم تظهر لديّ أيّة أعراض جانبية كتلك التي شعر بها بعض مرضاي، كالصداع أو الارتفاع في درجة الحرارة، أو أوجاع في الجسم". يضيف: "يجب أن نحصل جميعاً على اللقاح للوقاية وحماية أنفسنا والآخرين. طبيعة عملنا كأطباء تفرض علينا أن نكون على تماس دائم مع المرضى. إذا لم أحم نفسي، لن أكون قادراً على حماية غيري. وحين أحصل على اللقاح، أكون قد حميت نفسي أولاً والمرضى ثانياً. نشجع الناس على أخذ اللقاح لأنه ضروري، فلو لم يكن مجدياً لما كانت منظمة الصحة العالمية وغيرها من المعنيين قد سعوا إلى توفيره".
وبحسب منظمة الصحة العالمية، توفر لقاحات كوفيد-19 الحماية من المرض، نتيجة لتحفيز الاستجابة المناعية لفيروس كورونا الجديد، ما يعني الحد من مخاطر الإصابة بالمرض والآثار المترتبة عليه. وتُساعد المناعة على محاربة الفيروس في حال الإصابة به. وتشير إلى أن "التطعيم قد يكفل أيضاً حماية الأشخاص المحيطين بك، لأن حمايتك من العدوى والمرض ستقلل من احتمالات نقلك العدوى للآخرين. ويكتسي ذلك أهمية خاصة لحماية الأشخاص المعرّضين بشدة لمخاطر الإصابة بالمضاعفات الوخيمة لمرض كوفيد-19، مثل مقدمي الرعاية الصحية وكبار السن والمسنين، وسائر الأشخاص المصابين بأمراض أخرى".