أقامت جامعة دمشق احتفالية بمناسبة الذكرى المئوية، ضمت نشاطات وفعاليات متنوعة، فضلاً عن افتتاح مخابر ومرافق جديدة في عدد من الكليات، من بينها "صالة باسل الأسد الرياضية"، وجرى إطلاق منصة إلكترونية تعليمية بهدف "الدمج بين التعليم التقليدي والإلكتروني"، كما تم تكريم عدد من الأشخاص الموالين للنظام، من بينهم الفنان دريد لحام، والأب إلياس زحلاوي.
وقال وزير التعليم العالي، بسام إبراهيم، في كلمة خلال الاحتفال، إن "جامعة دمشق حافظت على مكانتها كأفضل الجامعات والمؤسسات العلمية إقليمياً التي تدرّس علومها باللغة العربية"، فيما أكد رئيس الجامعة، محمد أسامة الجبان، أنها تضم ما يزيد على 90 اختصاصاً في مرحلة الإجازة، و200 اختصاص في مرحلة الدراسات العليا، و7 مشافٍ جامعية، ومدرسة للتمريض.
وفي كلمة خلال المناسبة، قال عميد كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، مصطفى موالدي، إن "مخبر التوتر العالي بالجامعة تأسس منذ زمن، لكن لم تتوفر له القطع التبديلية بسبب الإجراءات الاقتصادية القسرية المفروضة على سورية، حتى تمكنت الخبرات الوطنية من إعادة تأهيله ووضعه بالخدمة".
وتأسست جامعة دمشق قبل مائة عام على أنقاض "الجامعة السورية" التي كانت مؤلفة من "المعهد الطبي" و"معهد الحقوق" و"المجمع العلمي العربي" و"متحف دمشق"، لتكون بذلك أحد أقدم الجامعات الحكومية في المنطقة العربية.
وفي العام الحالي، صنف موقع "ويبوماتريكس" المتخصص في التعليم العالي جامعة دمشق في الترتيب 3458 عالمياً، والمرتبة الأولى محلياً، وتلتها محلياً جامعة تشرين في المرتبة 4022 عالمياً، ثم معهد العلوم التطبيقية والتكنولوجيا بدمشق، وجامعة حلب في المرتبة الرابعة محلياً.
ويستمر تصنيف الجامعات في عموم سورية في التدني عالمياً، فجميعها في مراتب متأخرة من نواحي التصنيف والبحث العلمي والشفافية ومستوى تفشي الفساد.
ويقول الباحث في مركز "حرمون" أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق سابقا، طلال المصطفى، لـ"العربي الجديد"، إن "أسباب تراجع المكانة العلمية لجامعة دمشق، والجامعات السورية عموماً، تتلخص في عدم نشر الأبحاث العلمية على المواقع الإلكترونية، ومن ضمنها رسائل الماجستير والدكتوراه، وعدم تحديث البيانات والمعلومات بشكل دوري على المواقع الإلكترونية للجامعات، فضلاً عن عدم تطوير محتوى اللغة الإنكليزية ضمن البحوث العلمية المنشورة على تلك المواقع الإلكترونية".
ويضيف المصطفى: "لا يمكن تجاهل تداعيات الحرب التي فرضت المزيد من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي انعكست على الواقع التعليمي، إذ واجهت الجامعات مشكلات عدة أهمها هجرة الكوادر التدريسية، ليخسر قطاع التعليم العالي أكثر من 20 في المائة من أعضاء هيئات التدريس في ظل الانخفاض الكبير في الرواتب، الأمر الذي يدفع إلى الاعتماد على كوادر أقل كفاءة لسد الفراغ، كما أن الظروف التي تمر بها البلاد أثرت على الكتاب الجامعي، إضافة إلى القيود الموضوعة على تأليف المناهج الجديدة، وتدني أجور التأليف، وعدم توافر المراجع الأجنبية، أو غلاء أسعارها".
ويتابع: "من بين المعوقات أيضا غياب الارتباط بين الدراسة الجامعية وسوق العمل، إذ ينبغي التركيز على اختصاصات نوعية لها علاقة مباشرة بسوق العمل، وضرورة التركيز على الجوانب العلمية والتطبيقية، فضلا عن عدم انضمام سورية إلى اتفاقيات اليونسكو الخاصة بالتعليم العالي، والاتفاقية الدولية للاعتراف بمؤهلات التعليم العالي بين دول المتوسط"، ويخلص إلى أن "النقص الحاصل في الكادر التدريسي بسبب الهجرة تسبب في إلغاء العديد من تخصصات الدراسات العليا، كما تسبب في عدم تفرغ كوادر التدريس للبحث العلمي، أو كتابة الأبحاث الجديدة، وكل ذلك يؤدي إلى تراجع مستوى الجامعات، علما أن الأبحاث العلمية في الجامعات السورية كانت محدودة أصلاً قبل الحرب".
من جهته، يلفت طالب الدراسات العليا في جامعة دمشق، إبراهيم العلي، إلى أن الترفيعات الإدارية، والدورات الاستثنائية الصيفية للطلاب تساعدهم على تجاوز الصعوبات، لكنها تؤدي إلى تراجع مستوى التعليم، وتضر بسمعة الجامعة. ويوضح أن "هناك بعض الأبحاث المهمة التي أعدت داخل الجامعة بالرغم من ضعف الإمكانيات، لكن جهود الطلاب لا تؤتي ثمارها بسبب قلة الاهتمام الذي تلقاه هذه الأبحاث، إذ لا يتم ربطها بحاجة سوق العمل، أو حتى توثيقها ونشرها خارج مكتبة الجامعة".
ويشير العلي إلى أن "الطلاب يعانون ظروفا صعبة، من بينها ارتفاع تكاليف الدراسة، وغياب الكهرباء في معظم الأوقات، وصعوبة التنقل للوصول إلى جامعاتهم، فضلا عن أزمة إيجاد مسكن، كما تنتشر عمليات تزوير الشهادات الجامعية، والتي تقوم بها مجموعات متعددة في داخل البلاد وخارجها مقابل مبالغ مالية كبيرة تصل إلى عدة آلاف من الدولارات، فضلاً عن تدخلات الأجهزة المختلفة في عمل الجامعة، وتفشي ثقافة كتابة التقارير، سواء بين الطلاب أو الأساتذة".
وكتب الصحافي السوري يعرب العيسى عبر "فيسبوك"، أن "أفضل هدية يمكن أن تقدمها لنا جامعة دمشق كسوريين هي التوقف عن استقبال الأنشطة الإيرانية غير العلمية، مثل المعرض المقام حالياً في كلية الفنون الجميلة بعنوان (الإمام الخميني في مرآة الفن السوري)".