تبدي نقابة المدرسين التونسيين قلقاً من بداية عام دراسي مرتبك قد يؤدي إلى تأخر الدروس في عدد من مدارس البلاد بسبب صعوبات لوجستية ونقص في المدرسين، في وقت تبعث وزارة التربية برسائل طمأنة، مؤكدة اتخاذ كل التدابير من أجل تأمين عودة التلاميذ إلى مدارسهم في أحسن الظروف، رغم استمرار خلافها مع النقابة.
وينطلق العام الدراسي رسمياً في تونس يوم 15 سبتمبر/أيلول المقبل، بعد إجازة صيفية سادها التوتر بين الوزارة ونقابة المدرسين بسبب الفشل في حل الأزمة الدائرة بينهما منذ ما يزيد على سنة.
وشهد العام الدراسي الماضي مشاحنات متكررة بين الوزارة ونقابة المدرسين، سبّب حرمان التلاميذ الحصول على كشوف أعدادهم لمدة سنة كاملة بسبب تمسك المدرسين بحجبها كوسيلة احتجاج على عدم تلبية الوزارة لمطالبهم المالية والمهنية.
ويرجّح كاتب عام نقابة التعليم الأساسي، إقبال العزابي أن تكون العودة المدرسية 2023-2024 متعثرة ومتوترة مع ترحيل كل المشاكل والخلافات إلى السنة الدراسية الجديدة وعدم استغلال فترة الإجازة الصيفية لفضّ نقاط الخلاف بين المدرسين ووزارتهم.
ويقول العزابي لـ"العربي الجديد" إن "العودة المدرسية تواجه صعوبات لوجستية وأخرى بشرية نتيجة نقص الإطار التعليمي واهتراء البنية التحتية للمدارس، فضلاً عن تأخر الوزارة في صرف منح المدرسين العاملين في المدارس الريفية منذ ما يزيد على السنتين"، مضيفاً: "تشمل منحة الريف التي يحصل عليها المدرسون، الإطار التعليمي لأكثر من ثلث مدارس البلاد، وهي مدارس تفتقر إلى أدنى المقومات الأساسية للعمل".
ورجّح المسؤول النقابي أن "تشهد الصفوف هذا العام كثافة كبيرة نتيجة اعتماد سياسة جديدة في توزيع الأقسام جرى بمقتضاها الترفيع في عدد التلاميذ في الفصل الواحد إلى حدود 36 تلميذاً مقابل معدل 25 تلميذاً في الصف في السنوات الماضية، وذلك بهدف الحد من انتدابات الإطار التدريسي والاستغناء عن خدمات جزء من المدرسين النواب".
وانتقد العزابي "إصرار وزير التربية على ترحيل خلافاته مع النقابة إلى العام الدراسي الجديد بسبب رفضه فتح باب الحوار مجدداً مع الأطراف الاجتماعية"، مؤكداً في ذات السياق أن "جامعة التعليم الأساسي طلبت خلال الإجازة الصيفية رسمياً من وزير التربية عقد لقاء تفاوضي في مناسبتين"، غير أن النقابة لم تتلقّ أي إجابة، معلقاً: "لا نرى بوادر لحل الأزمة في الأفق مع استمرار غلق باب الحوار".
في المقابل، قال وزير التربية، محمد علي البوغديري إن "التحضيرات للعودة المدرسية وصلت إلى ذروتها، متوقعاً افتتاح 50 مؤسسة تربوية جديدة، إضافة إلى عمليات تأهيل البنية الأساسية للمدارس التي انطلقت منذ الربيع الماضي وشملت 5 آلاف مؤسسة تربوية".
وأعلن البوغديري، في تصريحات صحافية الشهر الجاري، أنّ الإطار التدريسي سيُدعَّم بـ1500 مدرّس من خريجي علوم التربية، مشيراً إلى أنّه إثر تسوية أوضاع المدرسين النواب، ستعتمد الوزارة مستقبلاً في الانتدابات الجديدة على خريجي علوم التربية بالنسبة إلى المعلمين.
ومنذ ما يزيد على سنة، تصاعد الخلاف بين النقابات ووزارة التربية، وزاد التوتر خلال الإجازة الصيفية مع إصدار الوزارة قراراً بإعفاء 350 مدير مدرسة ابتدائية من مهامهم وحجز رواتب نحو 3 آلاف مدرس تمسكوا بحجب كشوف أعداد التلاميذ.
ويُلقي تصاعد أزمة المدرّسين بظلاله على مستقبل العام الدراسي الجديد، بعد تلويح الجامعة العامة للتعليم الأساسي بالذهاب إلى خطوات تصعيدية أخرى مع عودة الدروس احتجاجاً على عدم تحقق مطالبهم وسوء ظروف العمل.