تونس: دراسة تكشف حجم الفساد بالقطاع الصحي في ظل ضعف القوانين

23 يونيو 2022
أهمية ضمان حق الصحة للجميع بشكل متساو (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت دراسة تونسية حديثة لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول الحق في الصحة في زمن كوفيد 19، أن الفساد  ينخر القطاع الصحي في البلاد، وهو ما زاد من إقصاء الفقراء وحرمانهم من حقهم في الحصول على الدواء، ووسّع دائرة الفساد داخل المستشفيات التي أصبحت تعطي الأولوية في تقديم العلاج لمن يدفع الرشاوى أو للمقربين وذوي النفوذ.

وبيّنت الدراسة أن مؤسسات الصحة تعرف عدة أوجه من الفساد، ومنها الاستيلاء على المعدات الطبية وسرقة الأدوية وبيعها في السوق الموازية، إلى جانب استشراء الفساد في المناقصات العمومية للمستشفيات، ما يجعل القطاع الصحي يحتل مراتب متقدمة جدا في مؤشرات الفساد ضمن أكثر 57 قطاعا فاسدا.

وتؤكد تقارير عديدة تقيس حجم الفساد في تونس حسب القطاعات، أنّ القطاع الصحي يحتل دائما المراتب الثلاثة الأولى ضمن أكثر 57 قطاعا فاسدا. وكشف استطلاع رأي أنجزته "أفروباروميتر"، أنّ 11% من التونسيين مستعدون لدفع رشاوى للحصول على خدمات صحية.

ويوضح الخبير الدولي في الحوكمة الذي اشتغل على الدراسة شرف الدين اليعقوبي أنّ الفساد في قطاع الصحة متفرّع ويشمل الفساد الإداري والمالي ويتعلق أساسا بالتصرف في المرافق الصحية، إلى جانب تسجيل فساد في الانتدابات وفوترة الخدمات الصحية.

وقال اليعقوبي لـ"العربي الجديد"، إنّ الفساد في الصحة أصبح يشمل كل المتدخلين في القطاع وفي مختلف مراحله، مؤكدا أن المواطنين أصبحوا أكثر استعدادا لدفع الرشاوى مقابل الحصول على العلاج.

وأضاف "كورونا وانهيار القطاع الصحي في زمن الجائحة زادا من تكريس ظاهرة الارتشاء والمحاباة، إلى جانب تسجيل سرقة معدات وتجهيزات صحية كان يفترض أن توجّه لمنظوري القطاع الصحي الحكومي، غير أنه تم تحويل وجهتها نحو السوق الموازية".

وأكدّ اليعقوبي أن المسؤولين عن الفساد في القطاع الصحي كثر ومنهم الإدارة والهياكل المهنية المختلفة، إلى جانب النقابات والعمادات وحتى منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال.

وبيّنت الدارسة أن الرشاوى الصغيرة خطوة لا بد منها للحصول على العلاج في مستشفيات تونس، إذ يدفع المواطنون مبالغ صغيرة لأعوان الصحة، كالممرضين أو أعوان الاستقبال أو الإداريين، بهدف تلقّي خدمة أفضل، مثل عناية طبية خاصة أو سرير في غرفة منفردة.

وتشمل أوجه الفساد في مستشفيات تونس أيضا المحسوبية، إذ يكون المقربون أولى بالعلاج عند تقديم الخدمات الطبية من قبل مهنيي الصحة الذين يميزون أقاربهم وأصدقاءهم وذوي النفوذ دون مراعاة مبدأ المساواة في حق الصحة بالمرفق العام.

وخلصت الدراسة إلى أن دائرة الفساد في القطاع الصحي تتوسع بشكل لافت، مستفيدة من ضعف القوانين المكافحة لهذه الظاهرة والإفلات من العقاب.

ورغم تعدد قضايا الفساد الكبرى التي تفجّرت في قطاع الصحة، فإن هناك إحساساً عاما بالإفلات من العقاب.

وغالباً ما يؤدي طول مدة التحقيق في هذه القضايا وعدم القدرة على تفكيك منظومات الفساد وغياب المعلومة وحجم الضغوط التي تمارس، إلى وأد العديد من الملفات أو السعي إلى التأثير على نتائجها.

وتقف السلطة عاجزة عن وضع حد للفساد في قطاع الصحة، لأن هذا الأمر يتطلب مقاربة أكثر شمولية ترتبط بتصور دور الدولة في هذا القطاع الذي يوفّر الخدمة لملايين التونسيين، جزء كبير منهم من ذوي الدخل المحدود والذي لا يملك القدرة على الحصول على العلاج في القطاع الخاص، بحسب خبراء حوكمة.

المساهمون