بدأ التونسيون يستشعرون مبكراً أزمة العطش بعدما جفّت الحنفيات في عدد من مناطق البلاد، إذ يتواصل قطع الماء لساعات أو أيام، بينما يبحث المواطنون عن إجابات لأسئلتهم بشأن بدء تنفيذ خطة تقسيط المياه رسمياً، مطالبين بتوضيحات من السلطات الرسمية التي تلتزم الصمت.
وشهدت محافظات عديدة، منها إقليم تونس الكبرى ونابل والمنستير ومدنين وتطاوين، تواتر قطع المياه دون سابق إنذار، ما تسبب في اضطراب نسق حياة المواطنين ومختلف الخدمات المستهلكة للماء.
وتكتفي شركة استغلال وتوزيع المياه، التي تحتكر وظائف الجمع والتصرف في مياه الشرب، ببعض البلاغات حول انقطاع المياه، مبررة ذلك بأشغال الصيانة، ما دفع مواطنين إلى رفع شكاوى للقضاء للمطالبة بتحسين خدمة توزيع الماء وإجبار الشركة على تقديم توضيحات حول أسباب الانقطاعات المتكررة.
وأكدت المواطنة آمال القادري، التي تقطن في مدينة جربة، جنوب شرق البلاد، أنها أودعت رسمياً، الإثنين، شكاية لدى محكمة الناحية بالمدينة ضد شركة استغلال وتوزيع المياه بسبب تواصل قطع الماء لأيام عديدة بالمدينة.
وقالت القادري في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشركة تُصدر بلاغات عن قطع الماء الذي يشمل كل المدينة، لكنها تلتزم الصمت إزاء تقسيطه أو قطعه في ما يعرف بالمناطق العلوية من المدينة التي تشمل عشرات الأحياء".
وأفادت في سياق متصل بأنها ستتسمك بمتابعة مسار قضيتها ضد الشركة، لما يسببه قطع الماء من انتهاك لحقوق المواطنين الأساسية في مدينتها.
بدورها، أوضحت سعاد عليات، التي تقطن في حي المنار بالعاصمة تونس، أن "مياه الشرب تنقطع يومياً من الساعة العاشرة ليلا إلى حدود السادسة صباحا"، مؤكدة أن سكان الإقامات بالحي "تعوّدوا على أخذ احتياطاتهم ليلا وتعبئة كميات من الماء لقضاء حاجياتهم الأساسية".
وأضافت في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "خدمة الماء تعود صباحاً، غير أن تدفقها غالبا ما يكون ضعيفاً، ما يحول دون بلوغ الماء إلى الطوابق العليا للبنايات، كما يمنع ضعف التدفق استخدام سخانات المياه".
وشددت المتحدثة على أنه من حق المواطنين الحصول على إجابات عن تساؤلاتهم حول خطة السلطات لمكافحة العطش الذي قد تزيد وتيرته صيفاً، مبدية استغرابها من غياب أي خطط اتصالية رسمية حول تقسيط الماء مستقبلا.
واعتبرت أن توضيح الحقيقة للمواطنين بشأن بتقسيط المياه يجعلهم أكثر تقبلا للأمر، بينما يثير الصمت سخطهم، وفق قولها.
ويستهلك القطاع السّكني في تونس ما يقارب 14 بالمائة من المياه المتاحة سنويا، بينما يستأثر القطاع الزراعي بنحو 80 بالمائة من الموارد، كما تحتكر الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وظائف الجمع والتصرف في المياه الصالحة للرّي والشرب وتعد الجهة المسؤولة عن سياسات اقتصاد استهلاك المياه.
وأخيرا، أطلقت الشركة حملات للتوعية عبر الرسائل القصيرة وومضات تلفزيونية تنهى عن تبذير الماء، لكن التونسيين يشعرون بقلق كبير من العطش صيفاً.
وتعرف أغلب سدود تونس تراجعاً في كميات الماء المخزنة، بل إن بعضها بلغ مرحلة خطيرة، حيث أظهرت الأرقام الرسمية أن مخزون سد سيدي سالم في شمال البلاد، وهو مزود رئيسي لمياه الشرب لعدة مناطق في البلاد، انخفض إلى 16 بالمائة فقط من سعته القصوى البالغة 580 مليون متر مكعب.
لا يجزم منسق المرصد التونسي للمياه علاء مرزوقي بانطلاق السلطات في تقسيط مياه الشرب فعلا، مؤكدا أن ذلك يحتاج إلى إعلان رسمي.
وقال مرزوق في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المرصد عاين انقطاعات للمياه في أغلب محافظات البلاد في فترات مختلفة"، مؤكدا "تسجيل تكرر حالات انقطاع الماء ليلا في إقليم تونس الكبرى ولا سيما محافظة أريانة".
وطالب المتحدث بـ"حلول جماعية تشاركية تحد من أزمة العطش التي تتفاقم من عام إلى آخر"، داعيا إلى إعلان حالة الطوارئ المائية في البلاد.