تونس تشهد زيادة في عدد الولادات

07 نوفمبر 2020
تفقدت حال الأطفال حديثي الولادة (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

عدم توفير الاحتياجات الأساسية للحفاظ على الصحة الإنجابية للنساء في تونس يعرقل قدرة السلطات على تحديد النسل. وسُجّل تراجع في البرامج الوطنية المتعلقة بتنظيم الولادات والصحة الإنجابية في البلاد، بحسب دراسات حديثة أعدّها ديوان الأسرة والعمران البشري. وهذه الاحتياجات تشمل وسائل منع الحمل وغيرها من فحوصات وتوعية وغير ذلك.  
وتسعى الجهات المكلفة متابعة ملف الصحة الإنجابية، إلى إيجاد حلول جديدة لإعادة تنظيم سياسة الإنجاب في البلاد بعد تراجع المكتسبات المحققة في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الظروف الاجتماعية والسياسية التي مرّت بها البلاد، ما أدى إلى تراجع حملات التوعية، منها الانتظار بعض الوقت قبل إنجاب الطفل الثاني، وتحديد عدد الأطفال، واستخدام وسائل منع الحمل. 
ويقول الرئيس، المدير العام لديوان الأسرة والعمران البشري، الحبيب غديرة، إن عدم توفير هذه الاحتياجات ارتفع من 7 في المائة إلى 20 في المائة خلال السنوات الست الماضية، معتبراً أن لهذه المؤشرات تأثيراً بالتركيبة الديموغرافية في تونس، وقد تؤدي إلى زيادة كبيرة في عدد الولادات في السنوات المقبلة.

ويؤكد غديرة لـ"العربي الجديد" أن تونس بذلت مجهوداً كبيراً على مدار الخمسين عاماً الماضية من أجل وضع سياسات شاملة للصحة الإنجابية وتنظيم النسل، غير أن هذه السياسة الوطنية أصبحت مهددة بسبب زيادة في الحاجيات غير الملبّاة المتعلقة بالصحة الإنجابية، ومنها برامج التوعية الميدانية ونقص وسائل منع الحمل، ما سبّب زيادة في الولادات المتقاربة وارتفاع معدل الإنجاب في عدد من المناطق الداخلية.
يضيف غديرة أن المؤشرات التي كشفت عنها الدراسة تستدعي التوقف عندها وإعادة النظر في السياسة الإنجابية عبر مزيد من تكثيف حملات الترشيد بأهمية تباعد الولادات واعتماد الأسر لسياسات إنجابية تتلاءم وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. ويتحدث غديرة عن عدم تلبية الاحتياجات المتعلقة بالصحة الإنجابية، من بينها وسائل منع الحمل في قطاعات الصحة الحكومية والصيدليات. يضاف إلى ما سبق ارتفاع أسعارها.

قريباً يخرج إلى البيت (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

 

ويشدد غديرة على أهمية محافظة تونس على ما حققته في ما يتعلق بالصحة الإنجابية لضمان توازن المجتمع وتجنب ارتفاع نسبة الولادات، ما يؤثر بالتوازن الديموغرافي، لافتاً إلى أن السياسات الإنجابية للدول يجب أن تواكب التطور الاقتصادي والاجتماعي من أجل توفير كل الاحتياجات الاجتماعية والصحية والاقتصادية للمواليد الجدد.
وبدأ الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري منذ عام 2018 إنجاز دراسة شاملة لتحديد أبرز الأسباب التي ساهمت في ارتفاع نسبة الإنجاب في السنوات الأخيرة، وفي مرحلة ثانية وضع سياسات إنجابية جديدة للمستقبل نتيجة نقص فعالية السياسات القديمة.
ووضعت تونس أوّل برنامج للتنظيم العائلي عام 1966، في إطار سياسات تحديد النسل وتنظيمه والقضاء على الفقر ومحو الأمية وتحقيق نمو اقتصادي للبلاد وتوازن على مستوى النموّ الديموغرافي بين الجهات. وأسهم الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري على امتداد ما لا يقلّ عن أربعة عقود في توفير خدمات مراكز الصحة الإنجابية للنساء، ولا سيّما في المناطق الداخلية والريفية، من خلال عيادات صحية مجانية بهدف توعية النساء على الصحة الإنجابية، والعناية بصحة الأمهات والرضّع والكشف المبكر عن العديد من الأمراض، ومنها سرطان الثدي.
وفي عام 2016، كشف الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري زيادة عدد الولادات وارتفاع عدد أفراد الأسرة التونسية التي باتت تضمّ أكثر من طفلين بالتوازي مع انخفاض نسبة استخدام وسائل منع الحمل، مقارنةً بفترة ما قبل الثورة.

ولم يكن معدّل استخدام وسائل منع الحمل في الوسط الغربي يتجاوز 50 في المائة، وترتفع هذه النسبة إلى 70 في المائة في الشمال الشرقي، بينما يبلغ المعدّل الوطني 62.5 في المائة.
ويمكن القول إن نسبة الولادات في تونس خلال العقدين الأخيرين، بحسب تقرير للجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة لم تكن مستقرة. فبعد التراجع السريع ما بين عامي 1994 و1999 إلى 16,7 في المائة، بدأت في الارتفاع لتصل إلى 19,3 في المائة عام 2011 و20,5 في المائة عام 2014.
كذلك سجلت نسبة الخصوبة في تونس ارتفاعاً من 2.1 في المائة عام 2010 إلى 2.46 في المائة عام 2014، نتيجة ارتفاع عدد الزيجات التي بلغت نحو 106 آلاف في عام 2014، في مقابل 70 ألف زيجة عام 2004، لترتفع نسبة الولادات من 160 ألف مولود جديد في عام 2010 إلى 225 ألفاً في عام 2014.

المساهمون