تونس: بحث عن النصف الملآن من الكأس

01 يناير 2021
المطالب الاجتماعية مستمرة (ياسين قائدي/ الأناضول)
+ الخط -

لم يكن عام 2020 سهلاً على التونسيين، حالهم كسائر شعوب العالم، فبالإضافة إلى كورونا وتدابيره، عانى التونسيون من تداعيات الأزمة الاجتماعية المتواصلة منذ أعوام.

في تقييمهم لعام 2020، يعتبره التونسيون من بين الأعوام الأسوأ، إن لم يكن الأسوأ فعلاً منذ عقود، متمنين أن يحمل عام 2021 بشائر الانفراج صحياً واجتماعياً واقتصادياً، وأن يكون اللقاح المنتظر وصوله في الربع الأول من العام الجديد بصيص الأمل الذي يلوح في الأفق.


بالإضافة إلى الأمنيات بتجاوز أزمة كورونا، ما زالت أحلام الثورة في ذكراها العاشرة تراود التونسيين، متمسكين بأن يقودهم العام الجديد نحو وضع اجتماعي أفضل وحياة أكثر رفاهية. وتعتبر مريم عبد القادر (37 عاماً) أنّ 2020  كان أسوأ الأعوام التي شهدتها طوال حياتها. لكنّها خرجت منه بمجموعة من الدروس التي استخلصتها خلال محنة الفيروس والحجر الصحي، مؤكدة أنّها اكتشفت أنّ الهواء الذي تتنفسه أغلى ما في الحياة، وأنّ نعمة الحرية أجلّ النعم، وذلك بعدما اضطرت إلى قضاء أسابيع في الحجر الصحي، إبان الموجة الأولى من جائحة كورونا في مارس/ آذار الماضي. تقول عبد القادر لـ"العربي الجديد" إنّها ترى 2021 بعيون متفائلة، على الرغم من الغموض الذي يلفّ العالم بأسره، وغياب المؤشرات على تحسّن الوضع الاقتصادي والاجتماعي قريباً في البلاد. وتعتبر أنّ تحرر العالم من أغلال كورونا مع بدء حملات التلقيح، أمر كافٍ لبعث الأمل ورفع حواجز السفر بين البلدان، لا سيمّا أنّها تكسب قوتها من التجارة بين تونس والجزائر، لكنّ إغلاق الحدود المتواصل بين البلدين منذ مارس الماضي، جعلها، وعدداً من زملائها، عاطلين من العمل.

 

 


فطومة الرباعي (82 عاماً) تقول إنّ الإفلات من قبضة الفيروس عام 2020 هو مكسب في حد ذاته لامرأة في سنّها، متمنية أن يحمل العام الجديد آفاقاً أوسع لأبنائها وأحفادها، وأن تفتح أمامهم مجالات العمل. تتمنى فطومة أن تتغيّر أحوال بلادها قريباً، وأن تنجح حكومة هشام المشيشي، في ما فشلت فيه بقية الحكومات، وذلك بتحقيق أحلام الشباب بالعمل. وتؤكد لـ"العربي الجديد" أنّها تحمل هموم اليافعين المقبلين على الحياة، وتخشى عليهم من المستقبل الغامض، لكنّها شخصياً ترى أنّ الأيام باتت وراءها، ويتعيّن التفكير في ظروف حياة أفضل لمن هم أصغر سناً.


وليد سعيّد (40 عاماً) يقول إنّه يتعيّن على التونسيين النظر إلى النصف الملآن من الكأس، على الرغم من صعوبة الظروف التي مروّا بها في عام 2020. يعتبر أنّ تونس أبلت بلاء حسناً بمقاومة كورونا، مقارنة بدول عدة راح فيها آلاف الضحايا من جراء الفيروس، وانهارت اقتصاداتها بالكامل، فيما يعيش الملايين في دول أخرى ويلات الحروب واللجوء. يقول سعيّد لـ"العربي الجديد" إنّ معدل الوفيات في تونس من جراء الفيروس أقل من المتوسط العالمي، كما تمكن آلاف ممن فقدوا وظائفهم من الاندماج مجددا في الدورة الاقتصادية، متمنياً استفاقة التونسيين في العام المقبل وتجاوز خلافاتهم، ومعالجة ما أفسدته الانشقاقات والخلافات على مدى الأعوام العشرة الماضية. هو لا يتوقع الأسوأ في عام 2021، بل يرجح انفراجة في الوضع الصحي في بلاده مع بداية الربيع وبدء حملات التطعيم. ويختم أنّ الظروف الصعبة والإخفاقات والسقطات تليها مراجعات يأمل أن يستغلها حكام تونس للتدارك في عام 2021، إذ ما زال ذلك ممكناً، وفق قوله.


ولا تختلف أمنيات أحمد المرزوقي (22 عاماً) عن أمنيات من هم أكبر سناً، إذ يلقي فيروس كورونا بظلاله على الجميع. يقول المرزوقي إنّ كورونا يحتجزه، فقد تأخر التحاقه عام 2020 بإحدى الجامعات الفرنسية التي كان ينوي الانتساب إليها في اختصاص الهندسة، إذ منعه إغلاق الحدود في مارس الماضي من السفر، وحرمه من السنة الأولى في جامعته الجديدة. لكنّه يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه يتطلع لغد أفضل كغيره من الشباب في تونس، ويأمل في أن يعود بعد إنهاء دراسته حتى يستفيد بلده من خبراته، مؤكداً أنّ حلمه بتونس أفضل، ما زال قائماً، مهما كان المشهد الحالي قاتماً.


وبين الخاص والعام، تتراوح أمنيات التونسيين للعام الجديد، لكنّهم يشتركون في حلم انفراج الوضع الاقتصادي في البلاد، وتوفر فرص العمل للشباب الذين يعيشون البطالة، كما يأملون أن تتحوّل عثرات السياسيين إلى نجاحات تعود بالفائدة على البلاد. ويسابق التونسيون عقارب الزمن لانتهاء أزمة كورونا، والتحرر التام من قيود الوباء، لا سيما الكمامات، ولقاء الأحبة من دون خوف العدوى.

المساهمون