تونس: الدروس الخصوصية تنهك الأهالي قبيل الامتحانات

01 يونيو 2023
في إحدى مدارس تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تزيد الدروس الخصوصية التي يكثر اللجوء إليها قبيل نهاية العام الدراسي من الضغط المادي على الأهالي في تونس. ويضطر كثيرون إلى الاستعانة بمدرسين خصوصيين قبيل الامتحانات الوطنية لضمان نجاح الأبناء وحصولهم على معدلات جيدة. وتقدر المبالغ التي يدفعها الأهل سنوياً في هذا الإطار بحوالي مليار دينار (350 مليون دولار) وفقاً لمنظمات غير حكومية. وعلى الرغم من حاجة بعض الأبناء إلى مثل هذه الدروس، تخشى الأسر ضعيفة ومتوسطة الدخل عدم قدرتها على تأمين احتياجات أولادها. في هذا الإطار، تقول روضة المبروك وهي أم لأربعة أطفال يدرسون في المرحلة الابتدائية، إن "كلفة المراجعات التي تجريها ابنتها التي تجتاز امتحان ختم التعليم الأساسي العام لا تقل عن 300 دينار (حوالي 100 دولار)"، مؤكدة أن الاستعداد للامتحان يتطلب دعماً مكثفاً في كل المواد. وتؤكد في حديثها لـ "العربي الجديد" أن "بدل الحصة الواحدة هو 25 ديناراً (حوالي 8 دولارات) ومدتها ساعتان"، مشيرة إلى أن "التلميذ يحتاج إلى دعم بأربع حصص لكل مادة قبل الخضوع للامتحان". وعلى الرغم من أن العديد من العائلات تجد الدروس الخصوصية مكلفة، إلا أنها تحرص على أن تحصل ابنتها على الدعم في كل المواد لضمان تفوقها في الامتحان ولو اضطرها الأمر إلى التقليل من النفقات المخصصة لأمور أخرى، كالملبس وغير ذلك. 
إلى ذلك، يقول رئيس الجمعية الوطنية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني، إن الدروس الخصوصية باتت جزءاً من نفقات الأسر التونسية بما لا يقلّ عن 500 دينار شهرياً، مؤكداً أن هذا الرقم يمكن أن يتضاعف إلى ثلاث مرات خلال فترة الامتحانات الوطنية. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "بعض العائلات التونسية تدفع مبالغ كبيرة سنوياً في مقابل حصول أبنائها على دروس دعم، إلا أن 20 في المائة فقط من العائلات تؤمن دروساً خصوصية منتظمة لأبنائها" بحسب تقديره. 

ويؤكد الزهروني أن "الأسر تشكو صعوبات مالية لكنها مجبرة على تحمّل كلفة الدروس الخصوصية خلال فترة المراجعات للامتحانات الوطنية لتأمين تحصيل علمي جيّد لأبنائها". ويرى أن "الدروس الخصوصية تفقد قيمتها إذا اقتصرت على فترة الامتحانات"، لافتاً إلى أن "التحصيل العلمي هو عملية تراكمية ولا يمكن أن يكون دعماً مقيداً في الأسابيع الأخيرة التي تسبق الامتحانات والمناظرات الكبرى".
وفي السياق، يقول الزهروني إن 80 في المائة من العائلات التونسية غير قادرة على تأمين الدعم المدرسي والدروس الخصوصية بشكل منتظم لأبنائها، ما يزيد من الفوارق التعليمية بين التلاميذ ويؤثر على حظوظ نجاح وتفوق أبناء الأسر متوسطة وضعيفة الدخل. ويقدّر قيمة المبالغ التي تدفعها الأسر للدروس الخصوصية بنحو ثلث المداخيل، وهي كلفة عالية تزيد من مخاطر التسرب المدرسي للتلاميذ الذي يقدر بمائة ألف حالة سنوياً. 

تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
80 في المائة من العائلات التونسية غير قادرة على تأمين الدعم المدرسي (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

ويرى أن عدم القدرة على توفير نفقات الدعم والدروس الخصوصية من بين الأسباب الرئيسية لانقطاع التلاميذ عن التعليم في تونس في الأقسام الأولى من التعليم الثانوي، مشيراً إلى "انتهاء مجانية التعليم في تونس". ويربط نسب النجاح في الامتحانات الوطنية بـ "قدرة الأسر على الدفع في مقابل حصول أبنائها على المساعدة في المواد التي يمتحنون فيها".  
وكشفت دراسة أعدتها المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك عام 2017 أن رقم معاملات الدروس الخصوصية في تونس يصل إلى مليار دينار في العام، مستندة في ذلك إلى دراسة ميدانية أنجزتها أكاديمية حقوق المستهلك التابعة لها حول ظاهرة الدروس الخصوصية. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويتجدد الجدل في تونس سنوياً حول الدروس الخصوصية التي يشكو من كلفتها الأولياء ويقبلون عليها بكثافة في الوقت نفسه. وتجدد وزارة التربية سنوياً التذكير بتدابير الاستعانة بالدروس الخصوصية وفقاً للأمر الحكومي الصادر عام 2015. وتقول إنّ الغاية من هذا التنبيه المتجدد تنظيم الدروس الخصوصية داخل المؤسسات التربوية لتخضع للرقابة الإدارية، وحماية التلاميذ من الاستغلال، وتجنيبهم تلقي تلك الدروس في أماكن عشوائية، وإجبار أولياء الأمور على إلحاق أبنائهم بهذه الدروس المنظمة والمراقبة بعيداً عن أي استغلال. 
وينصّ الأمر الحكومي على أنّ إعطاء الدروس الخصوصية خارج المؤسسة التربوية الحكومية يعرّض مرتكبه لعقوبة تأديبية من الدرجة الثانية، ويمكن أن يعاقب المخالف بالعزل. وفي الخامس من إبريل/ نيسان 2019، صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية أمر حكومي يتعلق بضبط شروط تنظيم دروس الدعم والدروس الخصوصية داخل المؤسسات التربوية الحكومية.  

المساهمون