- التقرير الصادر عن البرنامج البيئي للأمم المتحدة يهدف لقياس مستويات هدر الطعام ويقدم إرشادات لتحسين جمع البيانات واقتراح أفضل الممارسات لتقليل الهدر، مؤكداً على أهمية الوعي والتدابير الفعالة.
- الخبير البيئي حمدي حشاد يحذر من تأثير هدر الغذاء على الموارد الطبيعية في تونس، خاصة المياه، مشيراً إلى الهدر الكبير للمياه عبر التخلص من الخبز في رمضان ويؤكد على أهمية تبني سلوكيات استهلاكية مستدامة.
حلّت تونس الثالثة أفريقياً في مؤشر هدر الغذاء، بحسب ما أفاد تقرير هدر الأغذية الذي يصدره البرنامج البيئي للأمم المتحدة.
وجاءت تونس في المرتبة الثالثة بقارة أفريقيا وذلك بمعدل 172 كيلوغراماً لكل فرد، خلف تنزانيا بمعدل 245 كيلوغراماً لكل فرد في المرتبة الأولى، ثم مصر بمعدل 207 كيلوغرامات لكل فرد في المرتبة الثانية.
ووفقاً للتقرير، تقدّمت تونس على البلدان التي تفوقها مساحة في أفريقيا من حيث الطعام الذي يذهب إلى الفضلات، ومنها ليبيا التي لا يتجاوز فيها مستوى الهدر 84 كيلوغراماً للفرد الواحد، وأيضاً دولة جنوب أفريقيا التي لا يتجاوز أقصاها 134 كيلوغراماً، ويمكن أن يصل فقط إلى 8 كيلوغرامات فقط في بعض ولاياتها. كما تقدمت في التصنيف على كل من نيجيريا وكينيا والسنغال.
وقال تقرير برنامج الأمم المتحدة، الصادر في مارس/ آذار الحالي، إنّ "الغاية من نشر إحصائيات حول الهدر العالمي للغذاء، قياس هدر الطعام، ما يمكّن البلدان من فهم حجم المشكلة، ومن ثم منح الفرصة لتدارك هذه الظاهرة".
ويقدم التقرير التقدير العالمي الأكثر دقة بشأن هدر الأغذية في مرحلتي البيع بالتجزئة والاستهلاك، إلى جانب إرشادات للبلدان بشأن تحسين جمع البيانات، ويقترح أفضل الممارسات في الانتقال من قياس مقدار هدر الأغذية إلى الحد منه.
وقال الخبير البيئي، حمدي حشاد، إنّ "تقرير الأمم المتحدة كشف عن مؤشرات خطيرة بشأن هدر الغذاء في تونس التي لا يتجاوز عدد سكانها 12 مليون نسمة"، معتبراً أنّ "البلاد قد تحتاج إلى سنوات طويلة من أجل كبح هذا السلوك الذي يضرّ بالبيئة ويستنزف الموارد الطبيعية".
ولفت حشاد، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إلى أنّ تونس "سبقت في مستوى الإهدار الفردي للغذاء بلداناً تفوقها مساحة بثلاثة أضعاف على مستوى القارة"، ورأى أنّ "الأمر يتعلّق بسلوك متوارث وثقافة غير سليمة في التعامل مع الغذاء والمنتجات التي تستعمل في إعداد الطعام".
وحذّر من "تداعيات هدر الغذاء على الموارد الطبيعية المتاحة، ولا سيما منها المائية التي باتت شحيحة في تونس"، لافتاً إلى أنّ "الهدر يشمل الأسر وأيضاً المطاعم والمنشآت السياحية".
هدر للمياه أيضاً في تونس
وأفاد في سياق متصل بأنه "يتم التخلص من 900 ألف خبزة في الحاويات يومياً خلال شهر رمضان، أي ما يعادل 27 مليون خبزة خلال شهر الصيام، وهو ما يسبّب فقدان 373,7 مليون لتر من المياه يومياً التي تستعمل في كامل مراحل إنتاج الخبز".
وشرح أن موقع "ووتر فود برنت" يتيح وحدات لقياس كميات الماء التي تستعمل في إنتاج الطعام، وأنّ استعمال هذه الوحدة بيّن أن إنتاج كيلوغرام واحد من الخبز يحتاج إلى 1608 لترات من المياه الافتراضي، في حين يحتاج إنتاج قطعة خبز بوزن 200 غرام إلى 353 لتراً من الموارد المائية.
وبحسب حشاد، يهدر التونسيون 11,2 مليار لتر من المياه التي تستعمل في صناعة الخبز فقط خلال شهر رمضان.
وعانت تونس تداعيات الجفاف القاسي خلال العام الماضي، بعد نزول مستويات المياه المخزنة في السدود إلى 20% قبل أن تصعد هذه السنة إلى مستوى 38% مع تسجيل تساقطات مطرية خلال الأشهر الماضية، بحسب وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
ويرى حشاد أنّ "تباين المؤشرات الخاصة بهدر الطعام بين دول العالم يفسَّر بقدرة المجتمعات على اعتماد سلوك غذائي واستهلاكي سويّ يسمح باستدامة ثرواتها الطبيعية، ولا سيما منها المياه، فضلاً عن وعيها بأهمية حماية البيئة من آلاف الأطنان من النفايات التي ينتجها إعداد الطعام على مستوى أسري أو صناعي" .
ويتطابق تصنيف تقرير الأمم المتحدة تونس في مستويات عالية بمنسوب هدر الغذاء مع دراسات محلية سابقة كشفت عنها منظمة "إرشاد المستهلك" المحلية التي أظهرت أنّ 14% من الأغذية المنتجة تُفقد ما بين مرحلة الإنتاج والبيع، والجانب الأكبر منها يهدر على مستوى الاستهلاك ويتراوح بين 9 و10%.
يذكر أن التقرير نُشر قبل اليوم الدولي للقضاء على الهدر والذي تحييه الأمم المتحدة سنوياً في 30 مارس/ آذار.
ووفقاً لإنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة فإنّ "هدر الأغذية هو مأساة عالمية. سيعاني ملايين الأشخاص الجوع اليوم بسببه في جميع أنحاء العالم"، مشيرة إلى أنّ "هذه قضية لا تعتبر إنمائية رئيسية فحسب، بل إن آثار هذا الهدر الغذائي تسبب تكاليف باهظة للمناخ والطبيعة".