أفاد وزير الشؤون الاجتماعية التونسية محمد الطرابلسي بأنّ 17.7 في المائة من البالغين في بلاده يجهلون القراءة والكتابة، مشيراً إلى أنّ نسبة الأمية ما زالت تمثّل عائقاً للتنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
أضاف الطرابلسي، اليوم الجمعة، بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية وتعليم الكبار الذي حلّ في الثامن من سبتمبر/ أيلول الجاري، أنّ "مراكز جديدة لتعليم الكبار والحدّ من نسب الجهل في صفوفهم سوف تُنشأ، بما يسمح لهم باكتساب مهارات تساعد على نفاذهم إلى سوق الشغل والحدّ من الفقر في تونس".
وأكّد الطرابلسي أنّ "الأمية لا تقلّ خطورة عن الفقر والجوائح الاجتماعية الأخرى"، مبيناً أنّه على الرغم من التراجع النسبي في الأمية المسجّلة بحسب المؤشرات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء، والمقدّرة بـ17.7 في المائة، في آخر مسح وطني لعام 2019، فإنّها تبقى معضلة اجتماعية حقيقية.
ويتزامن الكشف عن نسبة أميّة الكبار في تونس مع نشر منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة حول واقع التعليم في البلاد، فيتبيّن أنّ المنظومة التعليمية في تونس دخلت في أزمة هيكلية تسبّبت في موجة تسرّب واسعة للتلاميذ خلال الأعوام العشرة الأخيرة.
وتشرح الدراسة أنّ نسبة التمدرس تنخفض مع تقدّم التلاميذ في السن، إذ تُسجّل فوارق بين نسبة المتمدرسين ممّن بلغوا السادسة والذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و18 عاماً، فتنخفض النسبة من 99.5 في المائة للفئة الأولى إلى 81.9 في المائة للفئة الثانية. ورأت الدراسة أنّ هذه النسب تعكس صعوبة تطبيق مبدأ إجبارية التعليم على الرغم من أنّ القانون نصّ على ذلك منذ الإصلاح التربوي لعام 1991.
كذلك، تؤكّد كلّ المؤشرات الاختلاف الكبير في النسب بين الجهات، إذ ترتفع نسبة التمدرس بالنسبة للشريحة العمرية 6 - 16 عاماً في المحافظات الساحلية، فيما تتراجع في المحافظات الداخلية. ويُفسّر ذلك بارتفاع نسبة التسرّب المدرسي في المحافظات غير الساحلية بسبب الفقر والهشاشة وعدم القدرة على مواكبة متطلبات العملية التربوية مادياً، بالإضافة إلى محدودية تدخّل الدولة في توفير الحدّ الأدنى من الإمكانات والموارد البشرية الضرورية لمتطلبات العملية التربية في المناطق الريفية المهمشة.
من جهته، يقول الباحث في منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية منير حسين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "نسبة الأمية في تونس تراوح مكانها منذ ثمانينيات القرن الماضي على الرغم من المجهود الكبير الذي بذلته البلاد في المنظومة التعليمية".
ويرجع حسين عدم تطوّر مؤشرات مكافحة الأمية إلى "الارتداد السريع للمنقطعين عن الدراسة في المرحلة الإعدادية الأولى إلى الأمية، نتيجة ضعف المكاسب التعليمية التي يحصلون عليها في خلال سنوات الدارسة السبع". ويؤكد أنّ "55 في المائة من المنقطعين عن التعليم يتركون مقاعد الدراسة في العام الأوّل من المرحلة الإعدادية، وهم فئة مقصيّة من إعادة الدمج في مراكز التكوين، ما يفسّر توجّههم إلى الأمية" .