تونس: "حماسة" في يوم تحصين الأطفال واليافعين

03 سبتمبر 2021
في أحلى حلة للتحصين (حسن مراد/Getty)
+ الخط -

"لم أتجاوز 16 عاماً بعد، لكنّني أردت تلقّي لقاح مضاد لكوفيد-19 كي أحمي نفسي وعائلتي. شجّعتني شقيقتي إلى جانب والدي. أفراد عائلتي جميعهم تلقّوا اللقاح، وبقيت أنتظر دوري بأمل السماح للفئات العمرية دون 18 عاماً بالحصول على اللقاح. وبمجرّد إعلان وزارة الصحة هذا الأمر، قصدت مدين ة رادس في الضاحية الجنوبية لتونس للإفادة من اليوم المفتوح الذي شهد تحصين أطفال ويافعين". هذا ما قاله محمد ياسين القماطي لـ "العربي الجديد" مضيفاً: "امتلكت حماسة زائدة لتلقّي اللقاح، لكنّ أحد المشرفين أخبرني بأنّه لم يجد رقمي الخاص بالتسجيل. ثمّ عالج ذلك فوراً، لأنّه لم يشأ أن تفوتني الفرصة. وأظنّ أنّه كلّما شملت عملية التحصين فئات أوسع، زادت فرص الجميع في ممارسة حياتهم بشكل عادي، خصوصاً أنّ العودة إلى المدرسة على الأبواب والمخاطر ما زالت موجودة". ويأمل القماطي أن "تعود كل الأنشطة الرياضية، الأمر الذي يسمح لي بمشاهدة مبارياتي المفضلة، والعيش بطريقة طبيعية من دون حجر صحي. لذا أدعو كلّ الشباب إلى تلقّي اللقاح، فكلّما زاد العدد تقلّص الخطر وصار كورونا من الماضي".
وقد رافق آباء وأمهات كُثر أبناءهم في يوم التحصين المفتوح في تونس للفئة 12-18 عاماً. وكان عدد من الأهالي قد سبق أن منح موافقته في بيانات الاستمارة المخصصة لأولياء الأمور، إذ إنّ عملية تحصين الأطفال ضد كوفيد-19 تتطلب نيل إذن مسبق من الوالدَين. وعلى رغم من أنّ كثيرين أبدوا حماستهم لتلقّي أبنائهم اللقاح، فإنّ ثمّة من لم يخفِ تخوّفه من أن يتسبّب ذلك بمضاعفات لأولادهم في المستقبل.

تقول هناء التي رافقت ابنها في يوم التحصين المفتوح لـ"العربي الجديد": "شجّعت ابني البالغ من العمر 17 عاماً على تلقّي اللقاح كي أحميه على غرار باقي أفراد أسرتي الذين تحصّنوا جميعهم. وأنا أخشى عليه من كورونا مع اقتراب العام المدرسي الجديد، إذ سوف يواجه الاختلاط. كذلك فإنّ تحصينه يعني أنّه لن ينقل العدوى إلى آخرين". تضيف هناء: "أدرك أنّ اللقاح لن يمنع الإصابة بالفيروس في المستقبل، لكنّ خطورته سوف تكون أقلّ. من هنا أدعو باقي الأهالي إلى تحصين أطفالهم لتقليص الإصابات والعدوى حتى زوال الوباء. فكلّما زاد التحصين تعزّزت المناعة المجتمعية".

من جهته، يبدي محمد آدم (15 عاماً) وهو تلميذ في السنة أولى ثانوي، سعادته بتلقّي اللقاح الذي "رغبت في الحصول عليه، في حين زاد والدي قناعتي بضرورة تنفيذ الخطوة". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "شقيقتي قرّرت أن تحذو حذوي أيضاً. وقد تولّت والدتي القيام بعملية التسجيل، واتّخاذ الإجراءات المطلوبة".

أمّا فراس (16 عاماً) فيرى أنّ التحصين "مهم لأسباب عدة، في مقدّمتها أنّ الدراسة باتت على الأبواب، وضرورة الحفاظ على الصحة وحماية أنفسنا وضمان عام دراسي ناجح. وطالما ثمّة استخدام كبير لوسائل النقل في البلاد، فلا بدّ من تحصين الأطفال". ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "عملية التحصين بسيطة، ولا تعقيدات كبيرة فيها، إذ يكفي نيل موافقة ولي الأمر وإبراز إخراج قيد عائلي لتأكيد السنّ، قبل تلقّّي اللقاح. وهي تُعَدّ فرصة حقيقية لحماية فئة مهمة من التونسيين وهم فئة الأطفال واليافعين".
في المقابل، ترى مريم وهي أمّ لثلاث بنات، أنّ عملية التحصين "مربكة للأهل". وتقول لـ"العربي الجديد": "أنا شخصياً أخشى على بناتي من مضاعفات جانبية، خصوصاً أنّ التجارب الخاصة بتحصين الأطفال ما زالت في بدايتها. لذا أرفض تلقيحهنّ حالياً".

لكنّ أستاذة علم المناعة في معهد "باستور- تونس" الدكتورة سمر صمود، تنفي بحزم "وجود أيّ مبرر للخوف من عملية تحصين الأطفال، خصوصاً أنّ الأمر شمل أطفالاً كُثراً في العالم". وتوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "البلدان التي صنّعت اللقاحات، وسبقتنا في منحها للأطفال مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا لا يمكن في أيّ حال من الأحوال أن تأتي بخطوات تهدد صحة أطفالها. لذا فإنّ المخاوف من اللقاحات ليست مبرّرة. كذلك فإنّ اعتقاد بعض الناس بأنّهم لم يخضعوا لاختبارات لوقت زمني كافٍ هو غير صحيح بالكامل، إذ إنّ تجارب مماثلة تجرى منذ ستينيات القرن العشرين وقد شهدت تطوراً نوعياً وسريعاً في التسعينيات". وتلفت صمود إلى "توفّر نحو خمسة مليارات جرعة من اللقاحات في العالم، في حين أنّ من الضروري اتباع خطوات العلم وليس الخوف والجهل. فتحصين الأطفال ضرورة لأنّ مقاومة الجائحة تتطلب تضييق مجالات العدوى". وتعتبر صمود أنّ الأطفال دون 12 عاماً والرضّع ليسوا في منأى عن الفيروس كما يظنّ البعض. ومن أجل حماية هؤلاء، لا بدّ من أن تتلقّى الفئات المخوّلة بذلك اللقاح".

المساهمون