يلجأ تونسيون إلى المياه الجوفية لمكافحة العطش في المناطق التي تشكو نقصاً في توزيع المياه، وسط تحذيرات من توسع ظاهرة حفر الآبار العشوائية.
وتنتشر في مناطق العطش ظاهرة حفر الآبار العشوائية، من أجل الحصول على مياه الشرب أو الري من المخزون الاحتياطي للمياه الجوفية، رغم الرقابة الرسمية على حفر الآبار والتشدد في منح التراخيص.
غير أن انقطاع المياه والمعاناة الناجمة عن الجفاف تدفع تونسيين نحو البحث عن البدائل بإمكانياتهم الخاصة، حتى وإن كانت مخالفة للقوانين.
والشهر الماضي، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، بيدرو أرخو أغودو، عقب زيارة إلى تونس، إنّ آلاف التونسيين محرومون من حقهم في الماء الصالح للشرب ومن خدمات الصرف الصحي، وهو ما يعدّ انتهاكاً صارخاً لحقوقهم الكونية، مثل الحق في الصحة وفي العيش الكريم.
وأكد أن التونسيين يعيشون تحت خط الفقر المائي، إذ لا يتجاوز نصيب الفرد 400 متر مكعّب سنويا، وهي كمية أقل بكثير من 1000 متر مكعّب في السنة، الموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية.
ولكن وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، محمود إلياس حمزة، ردّ على هذا التقرير، مؤكدا في ندوة صحافية، الأسبوع الماضي، أن البيان الصادر عن المقرر الأممي يتضمن معطيات وأرقاماً تحتوي على بعض المغالطات الفنية والمعطيات المجانبة للصواب، بحسب قوله.
وقالت المسؤولة عن قسم العدالة البيئية بمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رحاب المبروكي، إن "حفر الآبار العشوائية من الوسائل التي يلجأ إليها التونسيون لضمان حقهم في الماء"، مؤكدة أن "هذه الظاهرة تنتشر خاصة في المحافظات التي تشكو من العطش والانقطاعات المتكررة للمياه، ولا سيما منها محافظات الوسط الغربي" .
وأوضحت المبروكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "معضلة حفر الآبار العشوائية تتواصل في ظل ضعف الرقابة من طرف الجهات المعنية، وعدم تعهد الهياكل المختصة بالمتابعة الجدية لهذا الإشكال من أجل إيجاد حل جذري له".
وأشارت إلى أن "تمادي حفر الآبار عشوائيا ينجم عنه انخفاض في منسوب المياه الجوفية ونقص حجم المخزون الاحتياطي منها"، معتبرة أنّ "الحملات القليلة التي تقوم بها شركة المياه غير كافية لوضع حد لهذه الظاهرة".
وقالت المبروكي إنه "لا يتم تطبيق القانون على المخالفين مثلما تنص عليه مجلة المياه، وهو ما يشجع مقترفي المخالفة على الاستمرار فيها".
واعتبرت أن "التحديات التي أصبح يطرحها نقص الموارد المائية يحتم الإسراع في المصادقة على مشروع قانون مجلة المياه الجديد، بعد الأخذ بعين الاعتبار مقترحات المجتمع المدني والخبراء، الذي يظل قيد الانتظار منذ 25 يوليو/تموز 2021، والذي من شأنه تفادي تعمق أزمة المياه".
وبالإضافة إلى حفر الآبار العشوائية وغير المراقبة، يلجأ ما يقارب 300 ألف تونسي إلى طرق بدائية في الحصول على المياه، عبر جلبها من مصادر طبيعية غير آمنة على ظهور الحيوانات، أو التزود من الحنفيات العمومية التي وضعتها الدولة بهذه المناطق، بدعوى تشتت المنازل وصعوبة التضاريس وعدم الجدوى الاقتصادية لمشاريع الربط بالماء الصالح للشراب، بحسب ما ورد في التقرير الوطني لقطاع الماء 2020 الصادر عن وزارة الفلاحة.