توقعات إنتاج الطاقة الأحفورية غير متناسبة مع أهداف المناخ

20 أكتوبر 2021
لا بدّ من وضع حدّ لإنتاج الفحم وكذلك النفط والغاز (بولنت كيليتش/ فرانس برس)
+ الخط -

 

يحتاج العالم إلى خفض أكثر من نصف إنتاجه من الفحم والنفط والغاز في العقد المقبل للحفاظ على فرص منع غازات الاحتباس الحراري من الوصول إلى مستويات خطرة. هذا ما شدّد عليه تقرير نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة، اليوم الأربعاء.

وأكد التقرير أنّ خطط إنتاج الفحم والنفط والغاز تتعارض إلى حدّ كبير مع أهداف اتفاق باريس بشأن المناخ (2015)، على الرغم من التعهّدات بخفض انبعاثات تلك الغازات. فالدول المعنيّة ما زالت تخطط لاستخراج ضعفَي كميّة الوقود الأحفوري في عام 2030. ويهدف اتفاق باريس بشأن المناخ إلى إبقاء الاحترار أقلّ بكثير من درجتَين مئويّتَين مقارنة بما كان عليه في عصر ما قبل الصناعة، وإذا أمكن أن يكون محدوداً بـ 1.5 درجة مئوية. ولعلّ أهم عناصر تحقيق الحدّ من الانبعاثات هو التخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري المسبّب للتلوّث، من خلال "البدء بخفض الإنتاج العالمي للوقود الأحفوري فوراً وبشكل كبير". لكنّ الوضع ليس كذلك.

وقبل أقل من أسبوعَين من الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 26) التي تُعقَد في غلاكسو باسكتلندا، أعرب برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تقريره الذي أعدّه بالتعاون مع معاهد أبحاث، منها معهد استوكهولم للبيئة، عن أسفه لأنّ خطط الحكومات للإنتاج في هذا القطاع ما زالت "بعيدة بشكل خطر" عن أهداف باريس. ولفت التقرير إلى أنّ مجموعة العشرين للاقتصادات الصناعية والناشئة الكبرى استثمرت في مشاريع الوقود الأحفوري الجديدة نحو 300 مليار دولار أميركي أكثر من استثماراتها في الطاقة النظيفة المتجددة، منذ بداية أزمة كورونا، أي في أوائل عام 2020.

وفي هذا الإطار، صرّحت الباحثة بلوي أشاكولويسوت الباحثة في معهد استوكهولم للبيئة والمعدّة الرئيسية للتقرير بأنّ الدول "ما زالت تخطط لزيادة إنتاج النفط والغاز، ولخفض متواضع فقط في إنتاج الفحم بحلول عام 2040". أضافت أنّه نتيجة ذلك "سوف تؤدّي خطط الإنتاج الحكومية إلى زيادة بنحو 240 في المائة في إنتاج الفحم و57 في المائة من النفط و71 في المائة من الغاز في عام 2030، مع ما يمكن أن يُبقي ارتفاع حرارة المناخ عند 1.5 درجة مئوية". وأكّدت أشاكولويست أنّه "إذا أُخذ في عين الاعتبار إنتاج الوقود الأحفوري في المجموع، تشير تقديرات الإنتاج لعام 2030 إلى نسب أكبر بمرّتَين (110 في المائة) من تلك المتوافقة مع الحدّ من الاحترار عند 1.5 درجة مئوية، وبـ45 في المائة مع ما يُتوقّع أن يتسبّب في ارتفاع الحرارة درجتَين مئويّتَين".

وأفاد خبراء المناخ التابعون للأمم المتحدة بأنّه من أجل عدم تجاوز الارتفاع 1.5 درجة مئوية، يتوجّب على العالم خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030، مقارنة مع ما كانت عليه في عام 2010، ومواصلة جهوده لتحقيق حياد الكربون نحو عام 2050.

وكان التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ في أغسطس/ آب الماضي قد حذّر من خطر الوصول إلى عتبة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030، أي قبل عشر سنوات من المتوقّع. وعلى الرغم من هذه التحذيرات التي تشدّد على أنّ الوقت ينفد في ما يخصّ العمل وتجنّب أسوأ آثار الاحتباس الحراري، فإنّ حجم فجوة إنتاج الوقود الأحفوري ما زال "دون تغيير إلى حدّ كبير" مقارنة بتقييمات أجراها الباحثون أنفسهم في عام 2019، بحسب هذا التقرير. لذا، تمارس الأمم المتحدة ضغوطاً متزايدة قبل أقلّ من أسبوعين من مؤتمر غلاسكو الذي ينصّ أحد أهدافه على بذل قصارى الجهود لئلا يتجاوز الاحترار 1.5 درجة مئوية.

وشدّدت مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسون على أنّه "في خلال مؤتمر كوب 26 وما بعده، يتوجّب على الحكومات في كلّ أنحاء العالم أن تعبّئ وتتّخذ إجراءات سريعة وفورية لسدّ فجوة إنتاج الوقود الأحفوري وضمان انتقال عادل ومنصف. هذا هو الطموح المناخي".

من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن أسفه لأنّ "الطريق ما زال طويلاً قبل أن نصل إلى مستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة"، داعياً إلى تحويل كلّ التمويل المخصص للوقود الأحفوري إلى الطاقات المتجددة من أجل "تعزيز إزالة الكربون بشكل كامل من قطاع الكهرباء وتوفير الطاقات المتجدّدة للجميع".

أمّا مايكل لازاروس من معهد استوكهولم للبيئة، فقال إنّه على الرغم من الحاجة إلى إزالة الكربون للوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالمناخ، فإنّ ثمّة دولاً "تكثّف استثماراتها في الأنشطة الداعمة لإنتاج الوقود الأحفوري". من جهة أخرى، رحّب الباحثون في إطار التقرير الأخير الذي نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة بـ"الانخفاض الكبير" في التمويل العام للوقود الأحفوري على المستوى الدولي، وبقرار عدد كبير من بنوك التنمية متعدّدة الأطراف استبعاد الاستثمارات الجديدة في هذا القطاع.

(فرانس برس، أسوشييتد برس)

المساهمون