رغم إعلان مسؤولي "جهاز النهر الصناعي" في ليبيا، فتح صمام خط مياه النهر في اتجاه مدينتي أجدابيا وبنغازي، بعد انتهاء عمليات الصيانة، أعادت قضية حرمان المدينتين من المياه جراء تلف أحد الأنابيب ملف التعديات المتكررة على خطوط نقل المياه إلى الواجهة، مع تركيز على الأضرار التي تتعرض لها إمدادات مياه الشرب في البلاد.
في 20 يوليو/ تموز الماضي، استيقظ سكان أجدابيا على تدفق المياه إلى عدد من الأحياء بسبب انفجار أحد أنابيب نقل مياه الشرب من منظومة النهر الصناعي. وفيما لم يُصدر مكتب النائب العام في أجدابيا نتائج التحقيق الذي أجراه بالواقعة، تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لمحاولة مواطن تنفيذ توصيلة غير شرعية من أجل نقل المياه إلى مزارع خارج المدينة.
وترافقت تلك الصور مع مطالبة نشطاء بضرورة ملاحقة المعتدين على خطوط نقل المياه، والتدخل لمنع تكرارها، في حين أظهرت صور أخرى مشاهد غرق أحياء في أجدابيا استدعت إجلاء أسر من بيوتها.
لاحقاً، أعلنت إدارة النهر الصناعي الكبير السيطرة على تسرّب المياه في أجدابيا، والذي قالت إنه "أهدر نحو مليون متر مكعب من مياه الشرب"، وأن فرقها نجحت في إعادة تدفق المياه في شكل طبيعي إلى أجدابيا وبنغازي.
وباشر جهاز استثمار مياه النهر توفير 200 ألف متر مكعب يومياً لمناطق وأحياء في بنغازي، وذلك حتى عودة تدفق المياه عبر خطوط النهر الصناعي، لكن محيي الدين الغزال الذي يسكن في بنغازي، يُوضح لـ "العربي الجديد" أن المياه لم تتوفر في أحياء كثيرة، ويقول: "الكميات التي وصلت إلى بعض الأحياء تدفقت ببطء، ولم يصل أي منها مثلاً إلى سكان حي العمارات الأكثر تضرراً، ما دفع السكان إلى شراء مياه من صهاريج الخاصة باعتباره الوسيلة الوحيدة للحصول على مياه".
وفي إجراء موازٍ أطلقت الشركة العامة للمياه والصرف الصحي الحكومية حملة بعنوان "فزعة خوت" طالبت فيها بالتطوع لتخفيف وطاءة نقص المياه عن مدينة أجدابيا. وأشادت الشركة لاحقاً بالإقبال الكثيف للمتطوعين، لكنها أكدت أن الجهود لا تزال غير كافية لتغطية الاحتياجات.
ويبدي سراج الفاخري، من أجدابيا، انزعاجه من عدم الشعور بالمسؤولية الجماعية، إذ أتلف مواطن أنبوباً لنقل المياه على مرأى من الجميع. كما رفع مواطنون آخرون أسعار صهاريج المياه بدرجة غير معقولة، فتكلفة صهريج واحدة باتت 300 دينار (62 دولاراً) بعدما كانت 70 ديناراً (14.5 دولاراً) في السابق.
يضيف الفاخري لـ"العربي الجديد": "من الضروري بذل جهود تعكس المسؤولية الجماعية، ومعاقبة كل من يعتدي على المصالح التي تمس حياة المواطنين، علماً أن التحقيقات التي تجريها الجهات الأمنية والقضائية مجرد كلام استخدمته السلطات لمواجهة الجدل الإعلامي الذي رافق غرق أحياء في أجدابيا، وحرمان سكانها من الماء، إذ لم يعتقل أي من المعتدين الذين تسببوا بالأضرار".
ويعتبر فايز حويل، من منطقة سلوق المحاذية لمدينة بنغازي، أن "التجاوب الرسمي جاء على خلفية الاهتمام الإعلامي الواسع بالقضية الى حد مشاركة سفارات اجنبية والبعثة الأممية في ليبيا في متابعة الحدث. ويقول لـ"العربي الجديد": "لا خلاف على أن التسرّب الذي حصل في أجدابيا نتج من التعدي على خطوط الربط والتوصيل، والصور التي بثها جهاز النهر الصناعي الكبير أظهرت ذلك بوضوح. ولو كانت السلطات جدّية في إجراء تحقيق لاعتقلت المسؤولين عن التعدي الذي كان حصل سابقاً في ترهونة وسرت، ما حرم السكان من المياه فترات مختلفة. ونحن لم نسمع أن النيابة العامة وأجهزة الأمن والحكومة حققت في هذه الحوادث التي لم تتابع إعلامياً بخلاف ما حصل في أجدابيا".
يتابع: "يعتزم عدد من النشطاء على تأطير مطالبهم من خلال مذكرات رسمية توزع على أجهزة الدولة بدءاً من مجلس النواب وانتهاءً بالحكومة. وهم سيصعدون القضية لإجبار السلطات على التحقيق مع المتورطين ومساءلتهم". لكنه يستدرك بتأكيد "ضرورة تنفيذ عمليات توعية مجتمعية واسعة تنبه إلى تداعيات القضية، وبينها توقف المياه عن المستشفيات الذي يعني تعثر جهودها في تقديم علاجات، خصوصاً في حالة أمراض الكلى، وهو ما حدث في قسم غسيل الكلى بأجدابيا الذي توقفت خدماته حالياً".
وأعلن جهاز النهر الصناعي الكبير أن فرقه اكتشفت توصيلة غير شرعية في أحد خزانات مياه النهر بمدينة ترهونة جنوب شرقي طرابلس، والتي تسببت في هدر كميات من مياه الخزان، وأثرت بالتالي في شكل كبير على تدفق المياه إلى المدينة.